وقف المذيع الفاره الأناقة المتحذلق اللغة وأجلس المتسابق على كرسي غير مريح كأنه الإعتراف . وكانت الصالة مليئة بجمهور من أكثر من مائتي جنسية لمشاهدة هذه المسابقة المثيرة التي هي من سؤال واحد قيمته مليون دولار (أو بليون، لا أدري.. ما الذي يهم؟!). جلس المذيع وتساوى على كرسيه العالي ونفض غبارا غير موجود على بدلته الإيطالية الثمينة .. تمضمض كم جملة متعجرفة بتنطع، ووجه نظرات ثاقبة مركزة وطويلة على وجه المتسابق الذي بدا واضحا أن العرق بدأ يتفصد من على جبهته ، ولما تأكد المذيع ان المتسابق قد نضجت أعصابه على نار نظراته بادره بالسؤال الوحيد الحاسم : من له الحق أن يهاجم أخاك؟ ذعر المتسابق وتلفت الى الجمهور الصامت ووجد الجميع قد كتفوا أيديهم وراحوا بترقب عميق صامت يتابعون المتسابق المتجمع على نفسه وعلى المذيع المتكيء بذراع واحدة على مقبض الكرسي العالي وكأنه يتخذ وضع التوثب للهجوم .. كان السؤال غريبا جدا ، ومقلقا جدا ولم يخطر ببال المتسابق أن يُسأل هذا السؤال بالذات .. فقرر أن يستعين بصديق .. أدار المذيع رقم الصديق بأنامله المصقولة وهو يرسم ابتسامة غريبة وجامدة ويختلس تلك النظرات التحتية النارية الى وجه المتسابق الذي هرب منه الدم .. لم يرد هاتف الصديق إلا بعد مدة ولكن كان المجيب شخصا آخر ، سأله المتسابق : "أين صديقي ..؟" فأجابه الصوت الواثق بسرعة : "أوه ! لقد ذهب يهاجم أخاك.." ارتبك المتسابق، ونظر الى المذيع الذي كان ينقر أظافره على مقبض الكرسي العالي وأجابه " الجواب الصحيح على سؤالك هو .. الصديق!" صرخ المذيع وتطاير الرذاذ المعطر من فمه : الإجابة صح ! سأل المتسابق " أعطني إذن المليون (أو البليون لايهم)! فأجابه المذيع متابعا نفس القهقهة : "ها ها .. بل أنت الذي سيدفع المليون ( أو البليون لايهم !) .. ها ..ها ..ها"