"يا الله.."، ويواصل المذيع انبهاره من الضيف.. "سبحان الله".. ويواصل بقوله "صحيييح".. والضيف يتحدث ويتحدث، كأنه قد ابتلع شريط تسجيل قبل أن يأتي إلى الحلقة، والمذيع صامت، وفي النهاية بكل بساطة ومثلما نقول إذا حل أحدهم بكارثة نقول "الضيف جاب العيد"! أتى بعيد وطامة بسبب أن أمامه مذيع لا "يهش ولا ينش"، وصامت يحترم الطرف الآخر ويقدره تقديراً يفوق الحد الطبيعي، أثر ذلك على مهنيته التي نسيها حين دخل إلى الأستوديو. في المشكلة التي تسبب بها طارق الحبيب مؤخراً مثال على ذلك، المذيع سأل عن قيادة المرأة للسيارة وفجأة يشطح الحبيب ليتحدث عن الوطنية ثم يعرج على الشمال والجنوب والمذيع لا يحرك ساكناً. لأول مرة أشاهد مذيعاً صامتاً لعدة دقائق متتابعة دون أن يقاطع أو يثيره حديث الضيف. مثل هذا المذيع موجود بكثرة في برامج الإفتاء الدينية، يقوم بتفخيخ الأسئلة ومن ثم ترك الدعاة وطلبة العلم يمشون حفاة الأقدام في حقل من الألغام، دون أن يقوم أحدهم بتعديل مسار الضيف أو محاولة تلطيف "الفتوى" أو التفصيل فيها رحمة بالناس. بل تجده يردد عبارات "سبحان الله" ... "الله يثيبك يا شيخ"!، ونحن بدورنا المشاهدين والمشاهدات نقول إن الله سيجازيك بالخير الكثير والمثوبة والأجر لو قاطعت ضيفك وحاولت تعديل مسار فتواه بدلاً من أن تكون قنبلة موقوتة في وجه الجميع. مذيعو القناة الثقافية السعودية ليسوا عن ذلك ببعيد، وهم على نوعين، أحدهم يتحدث أكثر من الضيف، والآخر يسأل أسئلة لا علاقة لها بالثقافة أو حتى بموضوع الحلقة. السبب في تكاثر هذه الفئة من المذيعين والمذيعات هو انخفاض معايير الدخول إلى المجال الإعلامي، وأصبح الكل قادرا على الدخول ليصبح مذيعاً، مراسلاً تلفزيونياً، وأحياناً محللاً نفسياً...كل ما يحتاج إليه كيلو "نشااااء" و شماغ مليئ ب"المرازيم" !