دراسة لطيفة، نشرتها إحدى الشركات الأمريكية المتخصصة، وشارك فيها 1000 بالغ بالإجابة عن سؤال محدد هو: كيف تتصرف في اللحظات الحرجة؟ بمعنى لو أن شخصًا تعرّض لموقف محرج، كأن أخطأ في حق أحد، أو سأل سؤالاً غبيّاً، أو محرجًا في غير محلّه، أو (تكرّع) أثناء حفلة طعام، أو نال من شخص بكلام كاذب، إلى آخره. كانت نسب توزيع الإجابات على النحو التالي: 33% (أي الثلث) أجابوا بأنهم سيقولون فورًا (أنا آسف). %22 قالوا بأنهم سيطلقون نكاتًا مضحكة للتغطية عليها، أي يحاولون الالتفاف عليها، أو مداراتها. %21 سيتظاهرون بأن شيئًا لم يحدث! أي كأنهم لم يفعلوا شيئًا محرجًا، أو يتعرّضوا لشيء محرج. %18 قالوا إنهم سيشعرون بالخجل، أي سيصمتون حتى تمر العاصفة بسلام. %6 قالوا بأنهم سيغادرون المكان تفاديًا للإحراج. هكذا تتباين ردود أفعال الناس، ولكل منها بيئة تنطلق منها، وثقافة تتحكم فيها، وأخلاق وقيم توجهها. فمثلاً يسارع الخلوق الصادق الشجاع إلى الاعتراف بخطئه، والاعتذار بدون تردد، ودون شعور بالنقص أو الحرج، لأن ذلك واجب عليه، وحق للآخرين. أمّا الذين يطلقون نكاتًا للتعمية على أخطائهم، فهم ممّن يصعب عليهم تقديم الاعتذار اللازم، مع شعورهم بتأنيب الضمير، لذا يحاولون (لفلفة) القضية عبر شغل الآخرين عنها بالضحك والقهقهة. ويتبع هذه الفئة أولئك الذين يصمتون وهم خجلون، ويؤثرون تحمل نظرات الآخرين مهما احتدت على المبادرة بالاعتذار وغلق الملف والناس راضون. وأمّا الذين يسارعون إلى الهرب، فهم أقرب إلى الجبن منهم إلى الشجاعة، وثقتهم في الناس ضعيفة، والهرب عندهم من الوسائل المنجية الآمنة. أمّا أسوأهم حتمًا فأولئك الذين يتظاهرون بأن شيئًا لم يحدث إطلاقًا، ولذا فلا يُقدِّم أحدهم اعتذارًا، ولا يراعي خاطرًا.. ونسيت أن الأسوأ من الأسوأ هو الذي يظن أنه لم يفعل إلاّ صوابًا، ولذا ربما نظر إلى الآخرين المفهوشين منه بازدراء واحتقار. وكأنّه يتوقع منهم الشكر والتقدير، بدلاً من الاندهاش والاستغراب! أولئك هم الذين امتلأت صدورهم كبرًا، وشرّاً، وصلفًا، وغرورًا.