في بداية حوارنا معكم يا فضيلة الشيخ نود ان نتعرف على سيرتكم الذاتية؟؟ * محمد بن صالح العلي واسرتنا تعرف باسم آخر في المبرز وهو اسرة الزيد ولدت في مدينة المبرز في محله السياسب عام 1377ه في اسرة فقيرة تعمل في الفلاحة. تلقيت التعليم الابتدائي في مدرسة عبدالرحمن الغافقي ثم انتقلت الى الدراسة في المعهد العلمي بالاحساء وكانت تلك الخطوة نقلة كبيرة لحياتي وتوجهي وامضيت ست سنوات في المعهد تأسست فيها ثقافتي الشرعية واللغوية ثم التحقت بكلية الشريعة بالرياض التابعة لجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية وتخرجت منها بتقدير ممتاز عام ورشحت لوظيفة معيد بالجامعة ثم افتتحت كلية الشريعة والدراسات الاسلامية بالاحساء فانتقلت اليها ونلت درجة الماجستير من قسم الثقافة الاسلامية وسجلت رسالة الدكتوارة بعنوان (التغيير الثقافي بالجزيرة العربية في صدر الاسلام) وقد قطعت مشوارا كبيرا فيها ولم يبق الا القليل ومازلت اعمل محاضرا بفرع الجامعة بالاحساء. ابرز الانشطة والاعمال: اضافة الى عملي بالجامعة اعمل اماما وخطيبا في جامع الراشد منذ اكثر من عشرين عاما عملت في المراكز الصيفية كما شاركت في بعض انشطة الهيئات الخيرية كهيئة الاغاثة والندوة العالمية كما سافرت في رحلات دعوية الى الولاياتالمتحدةالامريكية والهند وتايلند والسودان وكينيا ونيبال وغيرها. المؤلفات والمشاركات الثقافية: اصدرت كتابا بعنوان (انصاف اهل السنة والجماعة وتعاملهم مع الآخرين) كما شاركت ببعض الكتابات في بعض الصحف اليومية والاسبوعية كصحيفة اليوم ومجلة الشرق. شاركت في القاء بعض المحاضرات في الاحساء ومدن المنطقة الشرقية. شاركت في تقديم بعض البرامج الاذاعية والتلفزيونية ومنها برنامج اذاعي بعنوان (الحضارة في ظلال الاسلام) وهناك برنامج جديد في الدورة الجديدة بعنوان (رعاية الطفولة في الاسلام). عصر الأعلام @ فضيلة الشيخ: ظهرت في السنوات الاخيرة مشاركات لكثير من العلماء والدعاة في البرامج التوجيهية والتثقيفية عبر وسائل الاعلام المختلفة كيف تنظر الى هذه المشاركات ومدى فائدتها؟ عصرنا اليوم عصر الاعلام اصبح العالم كالقرية الواحدة فمن يمتلك وسائل الاعلام يمتلك التأثير على الفكر والثقافة ويتمكن من توجيه الآخرين الى ما يريد واذا اراد العلماء والدعاة التأثير على المجتمعات والافراد فلابد من امتلاك زمام وسائل الاعلام ولابد ان يخرجوا من تقوقعهم ونحن نلحظ الاستفادة الكبرى من خروج العلماء والدعاة في بعض وسائل الاعلام، فالكلمة والخطبة والموعظة والفتوى سوف يستمع لها ويقراها ملايين من البشر بخلاف ما لو كانت محصورة في قاعة او مكان حيث لا يستفيد منها الا عدد محدود من الناس وكذلك يجب ان لا نقتصر على الاسلوب المباشر بل علينا ان نستفيد من فنون الاخراج للصورة والصوت لجذب المشاهد والسامع والقارىء الى البرامج الدينية والدعوية وبرامج الافتاء واني دائما اقول ان لدينا في المملكة علماء ودعاة مؤهلين لو خرجوا في وسائل الاعلام لتقاطر الناس على برامجهم ولأسهموا في ايصال كلمة الحق الى ملايين البشر المتعطشين. واقع الشباب @ فضيله الشيخ: اننا نغالط انفسنا اذا قلنا ان واقع الشباب اليوم واقع مطمئن بل هو واقع مؤلم حيث عدم الاهتمام بالتحصيل العلمي ولا الوعي الفكري ولا التربية السليمة وهذا يجعلنا نحكم بان النموذج الامثل للشباب الواعي مفقود فما وجهة نظركم في هذا الموضوع وما العلاج؟؟ وما دور الدعاة في علاج هذه المشكلة؟؟. لست معك في هذه النظرة المتشائمة من واقع الشباب فهناك طموح وجاد ولكن تبقي فئة من الشباب ينطبق عليها ما قلت وهؤلاء الشباب ضحية لتقصير عدد من المؤسسات التربوية فهناك تقصير واهمال من الاسرة حيث لا يجد الشاب التوجيه من الابوين حيث انشغال الاب والام عن اولادهما مما له اكبر الاثر في ضياع الاولاد، وكذلك نجد تقصيرا في المدرسة في التربية والتوجيه فاصبح دور المدرسة مقتصرا على حشو اذهان الطلاب بالمعلومات وتقلص دور المعلم التربوي والتوجيهي ثم نجد ان الشباب اصبح ضحية لوسائل الاعلام المنحرفة التي لا هم لها الا ايقاظ الغرائز ونشر العفن الفني والبرامج الهابطة فكرا وخلقا.. ولو وجد الشباب اهتماما ورعاية من هذه المؤسسات الثلاث: الاسرة والمدرسة ووسائل الاعلام لصلح امره وان للدعاة دورا مهما في رعاية الشباب واحتضانهم من خلال ايجاد المحاضن التربوية التي تتلقف هؤلاء الشباب وايجاد البرامج التي تجتذبهم، ومن خلال تفعيل رسالة المسجد فان للمسجد دورا ايضا من خلال الخطبة والدرس وحلقات القرآن ومكتبات المساجد ومن خلال تجربتي المتواضعة مع الشباب اجزم بان الشباب ما ان يجد اليد الحانية حتى يقبل عليها ويتأثر بها فشبابنا ذود قدرات معطلة تحتاج الى يد الخبير الذي يعرف كيف يطلقها من عقالها ويوجهها لخدمة اوطانهم ومجتمعاتهم. تعاملنا مع الأبناء @ لا يخفي عليكم يا شيخ محمد ان مرحلة المراهقة مرحلة فيها تمرد وتكون عقلية المراهق عقلية ساخطة فكيف نتعامل مع ابنائنا المراهقين؟ المراهقة: مرحلة انتقال من الطفولة الى الرجولة تقول راهق الطفل: اي قارب مرحلة الرجولة وقد قرات كتابا عن هذه المرحلة ينفي الارتباط بين المراهقة وبين التمرد والسخط ويضرب امثلة من حياة الرعيل الاول صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن مروا على هذه الفترة ولم يظهر من سلوكهم تمرد او فوضوية بل كانوا رجالا منضبطين فمنهم من كان يشتغل بطلب العلم كابن عباس ومنهم من كان يجاهد في سبيل الله ولتقرأ حياة علي بن ابي طالب وخالد بن الوليد ومصعب بن عمير وسعد بن ابي وقاص وغيرهم فلا نجد الا الجدية والمواقف البطولية اذن من اين يأتي التمرد والسخط والفوضوية في حياة ابنائنا؟ فاقول ان ذلك يأتي من اخطائنا في تربيتهم وفي معاملتهم فان الولد اذا تلقي التربية السليمة وعومل معاملة الرجال فانه سينضبط في حياته. ان شبابنا محتاج الى من يغرس فيه روح المسئولية ويتعامل معه تعامل الرجال ومشكلة اخرى يعاني منها الشباب هي مشكلة الفراغ القاتل الذي يجعله يبحث عن اي نشاط يفرغ فيها طاقته ولو عن طريق التخريب او المشاكسة او التفحيط فالشباب في حاجة الى المحاضن التربوية واليد الحانية التي تأخذ بيده وتوجهه. العناية بمرحلة الطفولة @ لا شك ان الطفل مخبوء بكنوز لا يعرفها الا من فتش عنها وسعى اليها ولكن طفل اليوم تتجاذبه الالعاب الالكترونية وافلام الكرتون المخربة لعقله وفكره ما اهمية هذه المرحلة في الجانب التربوي والتثقيفي؟وماهي دعوتك للمؤسسات الاعلامية في بلادنا ؟. مرحلة الطفولة من اهم واخطر المراحل التي يمر بها الانسان لان شخصية الانسان ومفاهيمه وفكره والقيم التي يؤمن بها تتكون في هذه المرحلة وهذا ما يشير اليه خبراء التربية حيث يؤكدون على ان 90% من شخصية الانسان تتكون في السنوات الاولى في حياته وللاسف ان كثيرا من الآباء والامهات لا يعطون هذه المرحلة عنايتهم بل نجد اهمالا خطيرا فهناك من يهمل اطفاله مع الخادمات مما يؤثر على ثقافتهم وسلوكهم وهناك من يترك اطفاله فريسة لافلام الكرتون والالعاب الالكترونية وبعض المجلات المنحرفة وكل هذا يؤثر على ثقافتهم وسلوكهم سلبا ومن الظواهر السلبية تأثير هذه البرامج على لغة الطفل وعلى عقيدته ودينه وقد اجريت دراسة عن تأثيرات مسلسل كرتوني بعنوان (غرانديزر) وكانت النتيجة ان هذا المسلسل يخدش عقيدة التوحيد التي يتربى عليها الطفل المسلم ذلك ان هذا المسلسل يصور مخلوقا اسطوريا اسمه (غرانديزر) على انه هو الذي يحمي الكون من الكوارث ولا شك اننا نؤمن بان الله وحده هو الذي يحمي الكون واقول ان غالب الافلام الكرتونية تعد وتصمم في بلاد غربية وتحمل مفاهيم وافكار وسلوكيات لا تتفق مع مفاهيمنا وافكارنا وسلوكياتنا مما يعرض الطفل لعملية غزو ثقافي وفكري ولذا فادعو المؤسسات الاعلامية في بلادنا والبلاد العربية والاسلامية الى انتاج برامج وافلام كرتونية لاطفالنا تنبثق من ثقافتنا وحضارتنا. التقنيات الحديثة @ كيف يتعامل البيت المسلم مع التقنيات الحديثة كالفضائيات والانترنت والجوالات وهل تتوقع ان وجود هذه التقنيات يحول البيت الى ساحة من الاضطراب ما رأي فضيلتكم؟؟ هذه في نظر الشرع وسائل يمكن ان تستخدم في الخيروالبناء كما يمكن ان تستعمل في الشر والهدم وتحذير الدعاة منها بحكم ما يغلب على هذه الوسائل من الشر والهدم وفي مثل هذا الزمن يجب ان تحصن الاجيال تحصينا اخلاقيا ودينيا وفكريا حتى لا تتلوث بكثير من الملوثات التي تبث في مثل هذه الوسائل ويجب على المسلمين ان يستغلوا هذه الوسائل في الخير والبناء فنحن بحاجة الى المحطات الاعلامية والتلفزيونية التي تبني ولا تهدم وحسب علمي هناك بعض التوجهات الصادقة من بعض الحكومات ورجال الاعمال ويأتي على رأسهم المسئولون في دولتنا ورجال الاعمال السعوديين نسأل الله ان يكلل الجهود بالنجاح. مستقبل ثقافتنا الاسلامية @ فضيلة الشيخ: لو تحدثنا عن مستقبل الثقافة العربية الاسلامية المعاصرة ومنابرها الاعلامية كيف تراها وهل كانت الثقافة العربية في العصور السالفة تعيش مرحلة الغالب (المؤثر) بينما تعيش اليوم مرحلة المغلوب (المتأثر) وهل الفكر العربي الاسلامي يواجه خطورة التيارات الغربية الحديثة؟. الثقافة العربية الاسلامية تتميز بحيويتها وبقوة المبادىء التي تقوم عليها فهي تنبثق من عنصرين اساسيين: دين الاسلام واللغة العربية واشكالية الثقافة العربية الاسلامية هي قلة المنابر الاعلامية ا لتي تحملها وتنشرها وكثرة وقوة المنابر الاعلامية التي تنشر وترسخ الثقافة الغربية الغازية ولاشك ان الثقافة ترتبط بحالة الامة ضعفا وقوة ومقولة ابن خلدون ان الامم المغلوبة تقلد وتتأثر بالامم الغالبة صحيحة فيذكر المؤرخون ان الاوروبيين كانوا يبعثون ابناءهم لتلقي العلم والمعرفة من جامعات ومدارس الاندلس وكانت اللغة العربية هي لغة التحضر تتسابق الامم الى تعلمها والآن انقلب الميزان واصبح الغالب مغلوبا والغازي مغزوا بل ما يحصل الآن ليس تأثيرا طبيعيا بل هو اختراق وهيمنة وفرض ثقافة معينة على العالم باجمعه وهذا ما يطلق عليه (العولمة) ولذا يجب على المثقفين العرب والمسلمين التصدي لهذا الخطر الذي يهدد هويتنا وثقافتنا العربية والاسلامية وكما قلت ان الثقافة العربية الاسلامية حيوية وقوية وقادرة على تحصين ابنائها من الغزو الثقافي ايا كان مصدره ولكن هي بحاجة الى المنابر الاعلامية التي تنشرها وتحسن عرضها حتى تتشربها الاجيال بل اني اعتقد باننا اذا اوجدنا تلك المنابر فان ثقافتنا قادرة على غزو الآخرين والتأثير عليهم فالحق ابلج والباطل لجلج. اما خطورة التيارات الغربية الحديثة فتمكن في تشرب هذه التيارات من بعض ابناء العرب والمسلمين وخاصة بعض الذين درسوا في الغرب ورجعوا يدعون ويبشرون بتلك التيارات ولذلك فاني اثني على ما قامت به المملكة وما تقوم به من تحصين لابنائها الذين يذهبون للدراسة في ديار الغرب المتمثل في الدورات التي تشرف عليها جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية. التحديث والتغريب @ هناك من يفرق بين التحديث والتغريب ويري بان التحديث هو تفاعل حضاري في صورته المتحركة وهو جهد انساني عظيم والتغريب هو ضرب من ضروب الغزو الفكري والمسخ الجماعي فما رأيكم في هذا التفريق؟؟ نعم هذا الراي صحيح فالتحديث والتطوير يعني الاخذ بالوسائل الحديثة والاستفادة من معطيات العصر الايجابية التي لا تتعارض مع احكام الاسلام ومبادئه كالاستفادة من الكمبيوتر والجوال ووسائل النقل ورسائل التقنية الحديثة وهو لا يدخل في المفاهيم والعقائد والنظم والقيم بخلاف التغريب فانه عملية احلال قيم الغرب وتصوراته وعقائده ونظمه واخلاقه محل قيم الاسلام وعقائده ونظمه وتصوراته واخلاقه، فنحن نرحب بالتحديث ونرفض التعريب، وبمناسبة الحديث عن التغريب، فإن في الامة يجد انها قطعت شوطا كبيرا حيث تغربت اجيال عديدة من المسلمين بسبب كثافة الغزو الفكري وتعدد وسائله، وفي هذا الخطر العظيم على الامة لان بقاء الامة مرهون ببقاء هويتها الثقافية فاذا انمسخت هويتها فلا وجود لها وكما قلت هويتنا الثقافية مرتبطة بدين الاسلام وباللغة العربية. مكانة المرأة @ فضيلة الشيخ محمد: تحتل المرأة في مجتمعنا السعودي مكانة اجتماعية رائعة فهي الاستاذة الجامعية والطبيبة والمعلمة والمربية والكاتبة والداعية ولكن هناك من يحاول اسقاط المراة في فخ المهانة والاسفاف وجعلها دمية لا قيمة لها، ما رؤيتكم حول هذا الموضوع؟ ان تجربة المملكة في تعليم المراة وتثقيفها تجربة رائدة ليس لها مثيل في البلاد الاخرى فقد استطعنا ان نخرج المرأة من الجهل والامية وان نوصلها الى اعلى المستويات العلمية والثقافية مع الحفاظ عليها وعلى دينها واخلاقها بينما نجد ان تعليم المرأة في كثير من البلاد العربية والاسلامية يشوبه الاختلاط والسفور حتى ان بعض البلاد ترفض دخول الفتاة المحجبة الى الجامعات بينما نجد ان جامعاتنا تشترط لبس الحجاب والتخلق بالفضيلة وللاسف ان هناك من دعاة التغريب والسفور من يريد ان يهدم هذه التجربة الرائدة فيدعو الى الاختلاط والسفور وخلع الفضيلة والحشمة ان الاسلام ينظر الى المراة نظرة اجلال واحترام ويدعو الى تسليحها بالعلم والمعرفة والى المشاركة في بناء المجتمع ولكن في اطار من الفضيلة والحشمة وهو يدعو الى توظيف المرأة بما يناسب تكوينها وطبيعتها وانوثتها اما الذين يقولون انها كالرجل تماما فلا اتفق معه لان الله تعالى يقول:(وليس الذكر كالأنثى) فللمرأة مجالات لا يحسنها الرجل وللرجل مجالات لا تحسنها المرأة فيجب ان يوضع كل منهما في مجاله وان من اكبر مجالات المرأة ان تكون زوجة واما صالحة تتربي الاجيال على يديها. كما قال الشاعر: الام مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الاعراق @ للاسف ان هناك بعض العلماء يمنعوننا نحن القراء والمثقفين من خلال التحذير من بعض الكتب والمؤلفين فلماذا لا تترك لنا حرية الفكر والقراءة والنقد اليست لنا عقول نفكر بها؟ هل توافقني في هذا الراي؟ الكتاب وسيلة من وسائل المعرفة من خلاله تنتقل الافكار والمعارف ولكن هل كل كتاب نافع ومأمون؟ مثلا هناك كتب تدعو الى الشيوعية وكتب تدعو الى الاباحية وكتب تدعو الى البدعة فهناك من العلماء والمفكرين من اراد ان يحذر من بعض الكتب التي راي فيها خطرا على الفكر وعلى العقيدة وعلى الاخلاق وهذا بحق من ليس لديه حصانة او ممن يخشي عليه التأثر بتلك الكتب ولكن هناك فئة بلغت الرشد ولا يخشى عليها التأثر فهذه يمكن ان تقرا تلك الكتب كما اشير الى ان بعض الكتب التي تحمل اخطاء وانحرافات فكرية وعقدية فيها فائدة وعلم نافع ولذا بعضهم يعمد الى تنقيح تلك الكتب واخراج الاخطاء والضلالات منها لينتفع المسلمون من تلك الكتب اما قولك: اليس لنا عقول نفكر بها؟ فاقول بلى ولكن ينبغي تحصين عقولنا بالعلم النافع واكتساب الموازين التي نميز بها الحق من الباطل والخير من الشر فاذا اكتسبنا هذه الموازين فلا حرج من القراءة الحرة والاطلاع الواسع والنقد. اشكالية المرجعية @ هناك اشكالية تواجه طلبة العلم الشرعي وهي اشكالية المرجعية الدينية فتجد ان كل واحد يتعصب لعالم معين وياخذ عنه الفتوى دون غيره من العلماء مما يوجد الصراع والخلاف بين طلبة العلم الشرعي والدعاة فما رأيكم؟ اننا متعبدون بقول الله وقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ومأمورون بالرجوع الى الكتاب والسنة قال تعالى:(فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول) هذه هي المرجعية العليا في الاسلام اما ما ذكرت من الصراع والتعصب فينشأ من عدم الفهم والالتزام بادب الخلاف فالقضايا الاجتهادية التي يسوغ فيها الاختلاف لا ينبغي فيها التعصب لراي عالم او مجتهد وكما قال الشافعي رحمه الله:(قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب) والصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا في بعض المسائل الفرعية فلم يتنازعوا بل بقيت بينهم اخوة الاسلام ثم جاء الائمة الاربعة فاختلفوا في قضايا ولم ينشأ بينهم نزاع وهكذا سار المسلمون على هذا المنهج ولكن بسبب الهوى والتعصب ينشا الصراع والنزاع وهي ظاهرة يجب ان تعالج من قبل العلماء والدعاة. الحركة العلمية @ كيف تنظر الى واقع الحركة العلمية في الاحساء - وانت شاهد عصر على هذه الحركة - الا تلاحظ ان هناك ضعفا في الحركة العلمية والفكرية مؤخرا؟ كانت الاحساء في القرن الماضي منارة من منارات العلم وقبلة لطلبة العلم حيث كان يؤمها طلبة العلم من الخليج ومن مناطق عديدة وبرز علماء افذاذ وخلفوا ثروة علمية كبيرة كما تعرف الاحساء بالاسر العلمية كأسرة آل عبدالقادر والعمير والمبارك والدوغان.. وفي هذا العصر خفت ضوء الحركة العلمية الاهلية وبرز ضوء الحركة العلمية الرسمية حيث انشئت المدارس والمعاهد وتوجت بانشاء جامعة الملك فيصل وكلية الشريعة والدراسات الاسلامية وكلية المعلمين وقد خرجت هذه المؤسسات عددا من العلماء والدعاة ولكن هناك مشكلة عند بعضهم وهي انزواؤهم وابتعادهم عن الاضواء وانا ادعوهم الى الخروج الى الناس من خلال المنابر العلمية والاعلامية. أمراض معاصرة @ فضيلة الشيخ: كثرت في الفترة الاخيرة الامراض النفسية مما يدفع بكثير من المرضى الى الرقية الشرعية فما اسباب وجود هذا الامراض؟ النفس البشرية لا طمأنينة لها ولا استقرار ولا سعادة الا في ظلال الايمان واليقين والتقوي فبذكر الله تطمئن القلوب وتستقر النفوس فالقلق والخوف والاضطراب امراض تسود هذا العصر بسبب البعد عن الله والنزعة المادية لهذا العصر قال تعالى:(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) اما وجود القراء وكثرتهم فهؤلاء القراء على اصناف فمنهم المشعوذ ومنهم المتكسب ومنهم الثقة فينبغي التحري والسؤال قبل الذهاب اليهم. @ من الظواهر التي انتشرت وتفشت كذلك ظاهرة (تفسير الاحلام والرؤى) واصبح كثير من الناس يربط بها مستقبله ويتعلق بها تعلقا كبيرا فيلجأ الى بعض المفسرين لعرض احلامه ورؤاه فيصل الى مرحلة الاقتناع بما قيل له، ما رأيكم في هذه الظاهرة؟ وما الذي ينبغي على المسلم إذا رأى رؤيا؟؟ الرؤى والاحلام انواع فهناك رؤيا تعكس حديث النفس فان الانسان اذ اشتد اهتمامه بأمر رآه في المنام وهناك الحلم الذي يكون من الشيطان وهناك الرؤيا الصادقة وهي من الله وكثير من الناس لا يفرق بين هذه الانواع كذلك تفسير الاحلام يتقنه كل واحد بل هو علم والهام من الله فنجد اليوم ولوج هذا الباب الكثير من غير ضوابط فينبغي للمسلم اذا راى رؤيا ان يعرضها على الثقات من العلماء والمتخصصين واني استغرب وجود برامج تلفزيونية لتفسير الاحلام وكذلك تخصيص زوايا في بعض الصحف لهذا الامر ولعل هذا ما جعل البعض يتعلق بالاحلام تعلقا كبيرا. أئمة المساجد @ انت امام وخطيب عايشت الامامة والخطابة لفترة طويلة فما رأيكم في رسالة المسجد ما رأيكم في بعض الائمة الذي يقصرون رسالة المسجد على مجرد اداء الصلوات وما رأيكم في الائمة الذين يتغيبون عن المسجد كثيرا؟؟ نعم لقد عايشت الامامة والخطابة منذ اكثر من عشرين عاما واستفدت من ذلك خبرة وعلما وخيرا كثيرا اما رسالة المسجد فهي رسالة عظيمة ومسئولية كبيرة فالمسجد هو مكان العبادة وقاعة لتلقي العلم ومنطلق للدعوة والاصلاح والدليل على اهميته ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان من اول اعماله حينما هاجر الى المدينة بناء المسجد ليكون ركيزة من ركائز المجتمع المسلم فكان المدرسة الاولى ومكان انعقاد الجيوش واصدار القرارات الهامة ونقطة التواصل الاجتماعي والتطهر الاخلاقي وفي العصر الحديث على الرغم من تقلص رسالة المسجد الا انه بقي الكثير يمكن ان يؤديه المسجد ومن ذلك عقد حلقات تعليم القرآن الكريم والدروس النافعة والاصلاح بين المتخاصمين وعلاج المشاكل الاسرية والمساهمة في اعانة الاسر الفقيرة وغير ذلك من الانشطة التي تحتاج الى الامام الواعي والنشيط واما نصيحتي للائمة المقصرين فهي ان يتقوا الله في اداء مسئوليتهم والحرص على الانتظام وعدم التغيب الكثير عن مساجدهم. الزميل الخضير يحاور الضيف