الشركات العائلية من اهم العناصر المؤثرة على اقتصاديات الدولة ليس في العالم العربي فحسب بل على نطاق العالم,. ويمكن القول ان بداية النهضة الاقتصادية في جميع دول العالم كانت المبادرة فيها للشركات العائلية. ان مبدأ الفصل بين الادارة والملكية كان مرحلة تالية من تطور الشركات العائلية حيث ادى الدمج بين الملكية والادارة الى ظهور بعض المشاكل في ادارة هذه الشركات وتنمية قدراتها التنافسية. الشركات العائلية هي تلك التي يعمل فيها شخصان او اكثر بينهما صلة عائلية ويملكها احدهما او كلاهما, وتتمثل عناصر قوتها في توافر عنصر الامانة بين العاملين خاصة مع افراد العائلة وتوافر عنصر الولاء وسرية العمل وعدم تسربها للمنافسين وهناك الامان الوظيفي لافراد العائلة, وتوافر عنصر الرقابة المباشرة على الاعمال الى جانب وجود ثقافة للمنظمة يتبعها جميع العاملين (ثقافة العائلة) ويحافظ عليها باستمرار, لدى الشركات العائلية ايضا قوة العمل الجماعي كالمشاركة في الادارة من قبل افراد العائلة بصفة خاصة, وتحقق الشركات العائلية في معظم الحالات عائدا اكبر عن العائد من الودائع المصرفية بل وفي احيان كثيرة اكبر من العائد الذي تحققه الشركات الاخرى, حيث تهتم الشركات العائلية بالعائد المحقق فعلا ولا تهتم بتكلفة الفرص الضائعة, والسبب في ذلك يعود الى عدم اعتبار تعظيم العائد هدفا يجب الوصول اليه, ودراسة العوامل التي تحققه مثل تحديد افضل تشكيلة من المنتجات واستخدام الاساليب العلمية في سبيل ذلك. الى جانب وجود الثقة المفرطة لدى الملاك - المديرين - باحتكارهم السوق, ولديهم المعلومات والخبرات التي تؤهلهم لتحقيق الربح وتعظيمه اكثر من اي خبير خارجي آخر, وشعورهم بانه لا توجد لديهم مشكلة في التسويق طالما ان المنتج يتم توزيعه بل قد تكون هناك قوائم انتظار. أهداف غير معلنة العمل المحاسبي والمالي عادة ما يقوم به احد افراد العائلة او احد الاصدقاء المقربين, وتعتبر البيانات المحاسبية سرا مغلقا, ومن ثم فان اسلوب حساب المؤشرات المالية يخضع اساسا لميول ورغبات اصحاب الشركات واهدافهم الخاصة غير المعلنة التي قد تتعارض مع الاسس العلمية. وتتسم نظم التكاليف والموازانات التقديرية بالبدانة وعدم التطور هذا اذا وجدت اصلا ويعتمد في تصميمها على رغبات اصحاب الشركة, وهذا يقود الى عدم دقة الدراسات المستقبلية لتطوير الشركة, وعدم دقة اساليب تقييم المنظمات العائلية من حيث القدرة المستقبلية على تحقيق الربح ومن ثم القدرة المستقبلية على المنافسة مع الشركات الاخرى.. وترتب على الاهتمام بالمنظور المالي فقط وجود شركات ظلت محتفظة باوضاع مالية لا بأس بها, وفجأة بدأ الموقف المالي في تدهور من فترة الى اخرى, وباستقصاء الاسباب تبين ان المنظمة اغفلت الاهتمام بالجودة او ارضاء العملاء او العاملين ذوي الكفاءة واحيانا ظهور شركات عالمية منافسة استطاعت في غفلة من الزمن ان تلتهم القدر الاكبر من حصة السوق. رضا العملاء من المعروف ان التسويق هو اكثر العناصر فعاليه في الاهتمامات الادارية, بل ان الاهتمام برضا العملاء وولائهم هو اول عنصر فاعل تهتم به الادارة في ظل المناهج الادارية الحديثة ومن واقع التجربة في الشركات العائلية يحظى هذا العنصر باهمية فعلا لكن الوسائل المستخدمة تفقد هذا العنصر فعاليته بل واهميته ومثال على ذلك التعرف على السوق والعملاء بالاتصال الشخصي وغالبا ما يركز على مجموعة من العملاء ولا يسعى الى جذب عملاء جدد ويتم التعرف على العملاء بواسطة افراد من العائلة المقربين خوفا من سرقة العملاء - اذا اسند ذلك الى غير افراد العائلة - او احد الافراد الموثوق فيهم جدا.. اضافة الى ذلك يعتبر الانفاق على بحوث السوق او اجراء دراسات وابحاث تسويقية في حده الادنى, وقد يتم مرة واحدة عند بداية النشاط او التوسع في النشاط على اكثر تقدير, وقليلا ما يتم الاهتمام بخدمة ما بعد البيع فالهدف هو توزيع اكبر كمية ممكنة ولا توجد المفاهيم التي ترى ان خدمة ما بعد البيع هي دعاية وترويج يساعد الشركة على زيادة مبيعاتها في الاجل الطويل, اضافة الى قلة المبالغ المخصصة لتدريب القائمين على البيع, والتركيز على نقل الخبرات الشخصية لافراد العائلة من فرد الى آخر.. ومن السهل التعرف على النمط التسويقي للشركة العائلية مما يساعد المنافسين على وضع الاستراتيجيات المضادة لهذه الانماط. العمليات الداخلية وهي عمليات التحسين والتطوير التي تضمن جودة المنتج او الخدمة وتحديد المزايا التنافسية للمنظمة وقدرتها على الصمود في وجه المنافسة بما يحقق الاهداف المالية ورضا العميل, لكن الشركات العائلية قليلا ما تهتم بذلك او الانفاق عليه الى جانب قلة الاهتمام بالرؤية المستقبلية, لكنها تتحرك جزئيا اذا عند رؤيتها للمنافسين قد تقدموا نحو التطور فترغب في ملاحقتها مثل نظام الايزو الا ان الاهتمام بالشكل يكون اكثر من المضمون ويعتبر جيل الشباب ميالا لاحداث التغيير الا ان القرار عادة ما يكون لدى السلطة الاعلى التي تعارض ذلك بحجة زيادة النفقات. وتتكون الهياكل التنظيمية للشركات العائلية من هياكل هرمية على رأسها كبير العائلة او المؤسس وصاحب اكبر حصة في رأس المال, ومع كبر السن تكون وظيفة قمة الهرم الوظيفي شرفية اكثر منها تنفيذية مما يمكن من وجود ثورة سلمية بين الآباء والابناء.. ويكون التوظيف في المناصب القيادية من نصيب افراد العائلة بغض النظر عن الخبرة والسن, وهذا يوجد صراعا بين العاملين من غير افراد العائلة, ونادرا ما يتم تحديد اختصاصات وظيفية رغم وجود هيكل تنظيمي وذلك حتى تكون هناك مرونة من حيث تكليف العاملين بالمهام المطلوبة بحجة عدم اعتراض اي فرد على اي عمل يكلف به ويترتب على ذلك تدني الروح المعنوية للعاملين من خارج العائلة مما يضعف انتاجهم وغياب روح المنافسة وظهور الصراعات الخطرة بين الجانبين وقد تمت الخلافات الاسرية من نطاق العائلة الى نطاق الشركة وكثيرا ما يتم توجيه الابناء لدراسة مجالات تحتاجها الشركة ليتم توظيفهم اجباريا. الشركات العائلية في ظل العولمة اقدمت عدة شركات غير عائلية على الاندماج لتحقيق منافع مشتركة اثبتتها الدراسات, فالاندماج اتجاه سليم لتدعيم القوى التنافسية للمنظمات في مواجهة التحديات العالمية, وتمت محاولات لدمج بعض الشركات العائلية ولكنها واجهت عدة عقبات مثل من هي العائلة التي ستتولى الادارة, وما التعويضات التي يمكن ان تحصل عليها العائلة اذا تخلفت عن الادارة لعائلة اخرى. ويواجه الاستشاريون الاداريون صعوبات كبيرة عند محاولة اقتراح التطوير او التغيير التنظيمي اذ يصطدم مع رأي صاحب الشركة وبعدم تمكينه للمعلومات السرية وصراع القياديين من افراد العائلة اذا يرغب كل منهم في فرض رأيه, والرؤى الشخصية التي تحكم التنظيم وليس العكس, والغرور المتولد من النجاح, وسيرة حياة المؤسس التي تسيطر على التنظيم وغير ذلك. وتصعب آفاق تطوير الشركات العائلية لعدة اسباب منها سيطرة المؤسس وفرض الرأي وتأثر المنظمة بالمشاكل العائلية, والولاء المطلق للمؤسس.. هذا الارتباط يعني حمل الشركة العائلية بذرة فنائها منذ بدايتها, فالتغيير ليس بالامر السهل لان مقاومته امر متأصل في ثقافة الشركة العائلية. وهناك شركات عائلية اخذت بالمناهج الادارية الحديثة والسليمة في ادارة المشروعات الكبيرة عن طريق الاستعانة بخبراء خارجيين دوليين حيث حددت لهم المسئولية الادارية والفنية وهدف محدد للانجاز.. هذه الشركات تم فيها الفصل بين الملكية والادارة بالنسبة لهذه المشروعات ومن ثم تعديل ثقافة الشركة العائلية والتنازل عن الادارة لذوي الخبرة في مجال معين. اتحاد الخبرات الدولية