اعتبر خبراء اقتصاديون أن عملية تحول الشركة العائلية إلى شركة مساهمة باتت حاجة مُلِحّة، وضرورة اقتصادية لبقاء الشركة واستمراريتها، واستجابة لمتغيرات بيئتها الحيويّة، مؤكدين أن التحول أمر لا بد منه لضمان وجود الشركات العائلية واستمرارها في البقاء والوصول إلى تمكين حقيقي من العمل في بيئة تجارية واقتصادية جديدة محلية وإقليمية وعالمية. ففي البداية قال رئيس مجلس إدارة غرفة الشرقية عبدالرحمن الراشد إن حجم وقيمة الشركات العائليّة في الاقتصاد السعودي، تشكل 60% من حجم الاقتصاد السعودي، فيما يقدر حجم الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد السعودي بنحو 90% من حجم شركاتنا الوطنية، بينما تصل استثمارات الشركات العائلية إلى نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي السعودي، الأمر الذي يعطي هذه الشركات أهمية كبرى، ضمن الاقتصاد الوطني، ويضعُ عليها أعباء أكبر في مواجهة التحديّات القائمة والمطروحة على الاقتصاد، في ظل المتغيرات العالمية السريعة والمتلاحقة، ومع تزايد مكانة الاقتصاد الوطني، ضمن المنظومة الاقتصادية العالمية، وموقعه المتميز داخل نادي مجموعة العشرين، التي تضم الدول الأكبر اقتصاديا في العالم. وأضاف الراشد بأن عملية تحول الشركة العائلية إلى شركة مساهمة باتت حاجة مُلِحّة، وضرورة اقتصادية لبقاء الشركة واستمراريتها، واستجابة لمتغيرات بيئتها الحيوية، ومن هنا تأتي أهمية عملية التحول لكل من الشركات والاقتصاد الوطني الذي أصبح منفتحا بصورة واسعة على منظومة اقتصادية دولية تحكمها مبادئ الحوكمة التي باتت ضمانة لوجودها واستمرارها في البقاء، مشددا على ضرورة توسيع إطار عضوية مجلس الإدارة، واستقلال المجلس، وتطبيق معايير الحوكمة وصولا إلى تمكين حقيقي للشركات العائلية في بيئتها الاقتصادية الجديدة، المحلية والإقليمية والعالمية، حيث الإفصاح والشفافية الكاملة، ودور أوسع للمساهمين، مع حماية حقوق حملة الأسهم، وذلك كله إلى جانب معايير عدة يزيد من فرص نجاح الشركة، واستمرارها، فضلا عن بقائها ووجودها ذاته. أما الوليد السناني مدير إدارة حوكمة الشركات بهيئة السوق المالية فقال إن الدراسات التي أعدت من قبل بعض بيوت الخبرة ذكرت أن أكثر من 80% من قطاع الأعمال في منطقة الشرق الأوسط هي لشركات عائلية، مشيرا إلى أن عددا من الباحثين يتوقعون أن تصل مساهمة الشركات العائلية في إجمالي الناتج المحلي غير النفطي في المملكة لأكثر من 90%، لافتا إلى جملة مخاطر تواجهها الشركات العائلية، منها مخاطر الاستمرار وذلك عند استلام الجيل الثالث من العائلة لإدارة الشركة خاصة أن غالبية الشركات العائلية ليس لديها إجراءات لحل الخلافات بين أفراد العائلة، متوقعا بأن تواجه الشركات العائلية خلال العقدين الحالي والقادم مرحلة انتقالية عند تسلم الجيل الثالث زمام الأمور، لوجود اختلاف وجهات النظر والخطط المستقبلية بسبب انتقال الإدارة من جيل إلى آخر. وقال إن هناك إيجابيات عدة تنتج عن تطبيق قواعد الحوكمة الرشيدة في الشركات العائلية، منها منافع على الاقتصاد المحلي حيث تؤدي إلى دخول الشركات أسواقا جديدة. وزيادة القدرة التنافسية، ونمو الناتج المحلي، يضاف لها عدة منافع على الشركات نفسها من قبيل تعزيز فرص استمرارية الشركة. وذكر السناني بأن من أهم عناصر حوكمة الشركات ممارسة المساهمين لحقوقهم المتصلة بالسهم، وتمكين المساهمين من الاطلاع على محضر اجتماع الجمعية، وتزويد الهيئة بنسخة من محضر الاجتماع خلال أيام من تاريخ انعقاده، وإعلام السوق بنتائج الجمعية العامة فور انتهائها. وأوضح رئيس الجمعية البحرينية للشركات العائلية خالد محمد كانو، أن عملية إعادة هيكلة العديد من الشركات العائلية في المنطقة باتت تستأثر باهتمام الكثير من أصحاب هذه الشركات في ضوء رياح التغيير والحاجة إلى رؤية مستقبلية واعية مما يفرض الشعور بالحاجة الملحة إلى تحويل هذه الشركات إلى مساهمة عامة للإبقاء على هذه الشركات واستمراريتها وتعزيز قدراتها واستجابة لمتغيرات بيئة الأعمال والتنافسية. وأضاف أن الشركات العائلية في دول مجلس التعاون الخليجي تشكل ركيزة أساسية في الاقتصاد الخليحي، لافتا إلى أن حجم الشركات الصغيرة والمتوسطة تتجاوز 95 % من حجم شركات الخليجية وهي معظمها شركات عائلية وتقع عليها أعباء أكبر في مواجهة التحديات القائمة والمطروحة خاصة في ظل المتغيرات العالمية السريعة والمتلاحقة خاصة في ضوء الحاجة إلى اتباع أسلوب عمل مؤسسي غير مسبوق يسيّر عمل هذه الشركات يتبنى ما بات يعرف باستراتيجيات البقاء والتطور تعينها على مواجهة أية معوقات، والتي هي وغيرها تشكل أسبابا منطقية للتحول إلى شركة مساهمة. وأكد أن عملية التحول بالنسبة للكثير من الشركات العائلية في المنطقة خيار مطروح بجدية، وبالفعل وجدنا شركات عائلية مرموقة في دول مجلس التعاون تحولت إلى شركات مساهمة وشركات أخرى تستعد وتتهيأ لذلك بعد اقتناعها أن عملية التحول أمر لا بد منه لضمان وجودها واستمرارها في البقاء والوصول إلى تمكين حقيقي من العمل في بيئة تجارية واقتصادية جديدة محلية وإقليمية وعالمية، ولذلك لم يعد بمستغرب أن التحول بات اليوم هدفا استراتيجيا لا مفر منه للشركات التي ترغب في الاستمرارية وتقوية أوضاعها. وأشار كانو إلى أن طرح أسهم الشركات العائلية في السوق المالية يوفر السيولة المالية التي تحقق هدف تقوية الوضع المالي والإداري والالتزام بمبادئ الحوكمة والشفافية، لافتا إلى أن تحديات التحول عديدة منها ما هو مالي إضافة إلى عملية الاستحواذ والاندماج وما يترتب على ذلك من التزامات ومسؤوليات ومتطلبات من استقلالية على مستوى مجلس الإدارة وزيادة الكفاءة التنظيمية والقدرة على التوسع وهيكلة الاكتتاب وغير ذلك من الجوانب. وأوضح الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الأهلية فواز الخضري، أن الشركة التي أسسها والده المرحوم عبدالله الخضري استمرت 20 عاما بعد وفاة والده، مع وجود 16 ولدا وبنتا، فكان موضوع التحول في فترة التسعينات غائبا بحكم عدم نضج سوق الأسهم فضلا عن وجود بعض الصعوبات لدى نشاط المقاولات وهو النشاط الأساس لدى الشركة، ولكن بعد تجاوز هذا الوضع بات الموضوع هاما وقائما، وقررنا التحول من أجل استمرار الشركة في نجاحاتها، لافتا إلى أن مثل هذا التحول يواجه بعض التحديات، ولكن بالحوار وإقناع كافة الأطراف بالنتائج التي تجنيها الشركة بعد التحول يمكن تجاوز كل ذلك. وأشار إلى أن من النتائج التي تحققت جراء عملية التحول هو رفع مستوى الأداء لدى الموظفين، الذين باتوا يتعاملون مع شركة مساهمة تقدم لها امتيازات، من قبيل فتح المجال لأن يكون شركاء في ملكية الشركة، فقد تحقق لنا جراء ذلك استفادة مادية، كما أن الشفافية التي تدخل فيها الشركة المساهمة ساعدت قسم تطوير الأعمال في نشاطه. وقال عضو مجلس إدارة إحدى الشركات العائلية عبدالرحمن مولاي إن التحول لدى شركته جاء بعد 16 عاما من إنشاء الشركة، والهدف هو تعظيم القيمة المضافة، ورفع مستوى العائدات، فضلا عن استمرار الشركة للأجيال القادمة، وقد تحقق لنا جراء ذلك التحول الكثير من الإيجابيات لعل أبرزها التوسع وتعظيم ثروة المساهمين، والاستفادة من الميزات التي تحصل عليها الشركات من هيئة سوق المال، والحصول على مصداقية أعلى مع كافة الأطراف التي تتعامل معها الشركة، مشددا على ضرورة وضوح العلاقة بين الشركة والعائلة، وأن تكون هناك ضوابط في هذا المجال، وأن يتم الفصل بين الإدارة والملكية، وهو ما تعارف عليه بحوكمة الشركات العائلية.