أكد فضيلة الشيخ/ طلال بن عيسى الفضيح المعيد في كلية الملك فهد البحرية بالجبيل والباحث والمهتم بأمور الأسرة والتربية أن ما تعانيه مجتمعاتنا الحديثة من تفكك أسري بدءا من الخلافات والمشاكل الزوجية وانتهاء بقضايا الطلاق مما تمخض عنه ذلك من مظاهر كثيرة منها انحراف الأبناء وانتشار جنوح الأحداث وتكدس ضحايا التفكك الأسري في دور الملاحظة والرعاية وكذلك كثرة المطلقات وما ينجم عنه من أمور الرذيلة والانحراف يرجع الى عدم الاستقرار الأسري وأضاف أنه ينحصر في عاملين خارجي وداخلي ذاتي! واشار في حديث خاص ل(آخر الاسبوع) الى ان هناك غزوا موجها للأسرة من خلال الإعلام الهابط الذي يصور الزواج بأنه قيد الحرية لكل الطرفين ويصور المرأة بأنها سوف تكون مهانة ومهضومة وطالب بوجود مؤسسات اجتماعية فعالة تتبنى تقديم الإرشادات والمساعدات الزوجية وإيجاد الدورات العلمية أو الكتب التي تعلم الزوجين مباشرة لا تنظيرا كيفية التعامل الزوجي. وفيما يلي الحوار .. @ الاستقرار الأسري حلم يسعى إليه كل زوج وزوجة , فهل لنا أن نتعرف على معالم هذا الاستقرار ومقوماته؟ ج الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , أما بعد فما من شك أن ما من زوجين إلا ويبحثان عن الاستقرار والسعادة الزوجية ويمكن أن نجمل معالم هذا الاستقرار بتحقيق ثلاثية الأسرة السعيدة المستقرة من خلال قول أحكم الحاكمين سبحانه وتعالى في سورة الروم (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) ففي هذه الآية الكريمة نجد أن الخالق جل وعلا قد ذكر غاية هذا العقد الوثيق والرباط المتين فوصفه أنه سكن ومودة ورحمة فالأسرة المستقرة هي تلك الأسرة التي حققت هذه المعاني السامية فالسكن سكن النفس وطمأنينتها وسكينتها وليس مجرد السكن المادي من دور وقصور والمودة هي الحب والتودد بين الزوجين والتسامح والرحمة هي الرأفة والتراحم بين الزوجين وكيف لا وهما بمنزلة اللباس لبعضهما قال تعالى (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) فهل هنا أبلغ من هذا التصوير فهي علاقة مصيرية تحفها العاطفة والغريزة فالأسرة والزواج آية من آيات الله وضع لها شرعنا الحنيف أسسها وقيودها. @ قد يكون هناك تساؤل عند القارئ الكريم عن سبب طرح هذا الموضوع, والاهتمام به؟ قد لا يخفى ما تعانيه مجتمعاتنا الحديثة من تفكك أسري بدءا من الخلافات والمشاكل الزوجية وانتهاء بقضايا الطلاق وما سيدفعه المجتمع ضريبة لذلك من مظاهر كثيرة منها ما هو واضح للعيان كانحراف الأبناء وانتشار جنوح الأحداث وتكدس ضحايا التفكك الأسري في دور الملاحظة والرعاية, وكذلك كثرة المطلقات وما قد ينجم عنه من نشوء الرذيلة والانحراف أما المظاهر الخفية فهي هدم وزعزعة الاستقرار النفسي وبالتالي تدني مستوى الإنتاج والعطاء الوظيفي بالنسبة للأزواج والمستوى الدراسي بالنسبة للأطفال وأولاد الأسر غير المستقرة فرأينا أن عدم الاستقرار الأسري يؤول إلى عدم استقرار نفسي على مستوى الفرد وعدم استقرار اجتماعي وأمني وإنتاجي على مستوى المجتمع والأمة. @ مما لا شك فيه أن للزواج والاسرة في الإسلام معاني قد تخفى على كثير من الناس فهل بالإمكان إلقاء الضوء على هذا الجانب؟ نعم فإن غياب الأهداف والمفاهيم والحكم التي من أجلها شرع الزواج وتكوين الأسر هو أكبر عامل في عدم تفهم معاني الاستقرار الأسري وكما ذكرنا فإن الزواج وميل الزوج للزوجة آية من آيات الله, وهو قبل كل شيء امتثال لأمر الله ولهذا نرى أن الأسرة هي أول كيان اجتماعي امتن الله به على البشرية, فالأسرة هي اللبنة الأولى للأمم والشعوب قال تعالى (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها..) وهذه الآية الكريمة تشعر كلا من الزوجين بارتباطهما وأن كلا منهما ضروري للآخر ولا يستغني عنه إذ المرأة أصلها من الرجل وهي فرع منه وجزء منه. @ بعد هذه المقدمة الطيبة هل يمكننا أن نهدي لكل زوجين الأهداف من الزواج كي تكون نصب عينهما وتعطيهما الدافع للاستقرار ومواجهة كل ما قد يعتري ويعيق بنيانه. بالفعل إن عدم معرفة معنى الزواج ودوافعه هي أول عقبة في طريق الاستقرار الأسري فعندما تسأل بعض الأزواج لماذا تزوجت؟ فقد يجيب بعضهم أنه قضاء للوطر وإشباع للغريزة, وهذا وإن كان قد أجاب عن طرف من السؤال ولكنه أهمل الكثير ونسي أو تناسى الكثير فالزواج كما ذكرنا امتثال لأمر رب العالمين قال تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) وغض للبصر وحفظ للنسل وامتداد للأجر وتكثير للأمة المحمدية قال صلى الله عليه وسلم (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم) وأنه حماية للمجتمعات من الانحرافات ووسيلة للإطمئنان النفسي والهدوء القلبي والوجداني وإقامة للأسر المتوادة والمتراحمة بل الزواج امتداد للحياة الطيبة ليست فقط في الدنيا قال تعالى (جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم...) والزواج من أهم طرق الرزق والأعانة من رب العالمين والزواج مكمل للدين فالزواج رحلة عمر وعقد أبدي بل إنه لا ينتهي حتى بمجرد موت أحد الزوجين فتبقى آثار هذا العقد المبارك حتى بعد الوفاة من إرث وحقوق وما نتج عنه من ذرية ومصاهرة. @ للأسف الشديد قد تفشت في مجتمعاتنا مظاهر كثيرة تنم عن خلل في البنيان الأسري من مشاكل وخلافات زوجية وتزايد نسب الطلاق حتى زادت على 50% لا سيما في الزواجات الحديثة أو في السنوات الأولى من الزواج فهل لنا أن نتعرف على أسباب عدم الاستقرار الأسري أو ما الأسباب المباشرة للتفكك والانفصال؟ في الحقيقة أن أسباب عدم الاستقرار الأسري ترجع إلى عاملين العامل الأول: داخلي أو ذاتي أي يعود إلى الزوجين أو أحدهما وعامل آخر: خارجي يعود إلى أمور لصيقة بالزوجين أما العامل الأول الداخلي فيندرج تحته عدة أمور.. نذكرها إجمالا دون تفصيل ومنها: أولا: البعد عن الله سبحانه وتعالى وضعف الوازع الديني والأخلاقي والوقوع في المعاصي والآثام. ثانيا: عدم تفهم أهداف الزواج وحصره في الناحية الغريزية والتنصل من أسبابه الأخرى. ثالثا: عدم قناعة الزوجين بما قسمه الله لهما أو لأحدهما والمقارنة بالغير والتطلع للمظاهر. رابعا: تغييب القيم الأخلاقية الشرعية وإحلال الأنماط الفاسدة كمقومات للحياة الزوجية. خامسا: ظهور الأسر المنفصلة أو المنفردة أو المستقلة وغياب المحيط الأسري التجمعي. سادسا: عدم اكتساب الزوجين لمهارات وفنون الحياة الزوجية والاستقرار الأسري وهذا يحتاج إلى إسهاب نوعا ما فبالفعل يقدم الزوجان على هذه الحياة الجديدة وليس لديهما الأسس التي تنشأ عليها هذه الحياة الزوجية من التفاهم وطرقه وكيفية الحوار والنقد بين الزوجين وكيف تحل الخلافات وكيف هي المعاشرة بالمعروف فتغيب الكلمة الحلوة والابتسامة العذبة والتودد والتزين لكل منهما وغض الطرف والنزول عند رغبة الطرف الآخر وترك الحدة في الكلام ونبذ العادات السيئة التي لا يرغب فيها الطرف الآخر وكذلك عدم تفهم نفسيات وطرق تفكير كل منهما فالزواج ليس علاقة فراش وقضاء وطر بل هو علاقة حب ومودة ورحمة وسكن فلابد من وجود قناعة ذاتية بعظم هذه العلاقة الزوجية. سابعا: عدم تفهم الزوجين لطبيعة الحياة الزوجية ومسئوليتها وحقوق كل منهما على الآخر. ثامنا: الاهتمام بالجوانب المادية وقصر الحياة عليها فأصبح هم كثير من الأزواج تأمين المأكل والمشرب والمسكن فشغل عن أسرته بدعوى أنه يسعى ويشقى من أجلها فيكون جل هم الأسرة الأمور المادية على حساب الأمور المعنوية والنفسية للأسرة. تاسعا: حياة الترف والدعة والإسراف التي أشغلت الأسرة عن تدعيم عوامل الاستقرار الحقيقية وليست الزائفة. عاشرا: الشعور بالاستغناء لا سيما من قبل بعض الزوجات قد توافر لديها الراتب والوظيفة ووسائل الراحة من خادم وسائق وأموال وقد يكون لها مسكن خاص بها وما إلى ذلك. الحادي عشر: عدم وجود مناعة ذاتية لدى الأزواج والزوجات للتصدي للمخاطر التي تهدم الأسرة وتفوض بنيانها وإلقاء التبعة على الزمن وتغيره وطبيعة الحياة الحديثة. الثاني عشر: عدم وجود القناعة بأن انطلاق ومقومات السعادة الزوجية واستقرارها تنبع من الزوجين نفسيهما وبإمكانهما إيجادها وكذلك قلة الصبر والاستعجال اللذين هما سمة هذا العصر. الثالث عشر: عدم تفهم الأزواج والزوجات حين يبادرون بقطع هذه العلاقة لآثار ذلك وعواقبه عليهما وعلى أطفالهما ومجتمعهما فتجد أن لدى الزوجين قصر نظر في مغبة هذا شرعيا وعرفيا. أما العوامل الخارجية فهي كثيرة لا سيما في هذه الأزمنة المتأخرة وما يحضرني منها: أولا: الغزو الموجه للأسرة من خلال الإعلام الهابط فهو يصور الزواج بأنه قيد لحرية الطرفين ويصور للمرأة أنها سوف تكون مهانة ومهضومة كذلك ما ينقله الإعلام من صور للحياة الغربية المفككة المنحلة أو السينما العربية التي تعرض الأمور الشرعية أنها قيود وتزمت فتنشب المشاكل والخلافات بين الزوجين وكذلك ما يعرض من مشاهد فاتنة تزهد الزوجين في بعضهما. ثانيا: والدا الزوجين إما بعدم تفهم الزوجين معاني الزواج وحقوق الزوجية أو أنهما يريدان من أبنائهما السير على وفق حياتهما أو بالتدخل في شؤونهما والسيطرة عليهما. ثالثا: المجتمعات المفتوحة والتعلق بالعادات السيئة التي وفدت على مجتمعاتنا المحافظة. رابعا: السفر والاحتكاك المباشر بالحياة الغربية أو حياة من تنصل عن دينه وتقاليده أو ما يسمى الانفتاح والذوبان في الحياة الجديدة ومتطلباتها وأثرها على الزوجين كالسعي لاكتساب المال وكثرة الانقطاع والبعد عن البيت. سادسا: العادات القبلية والأعراف البائدة التي تنقص مثلا من قدر المرأة وتجعلها مجرد عاملة في البيت وموضع شهوة فلاتستشار ولا تقدر ولا تحترم وهذا من أكبر العوامل التي دخل منها المرجفون على الأسرة والمرأة المسلمة. سابعا: عدم وجود المحيط الأسري التجمعي المتحد الذي يكفل التعاون والتواد والتواصل ورأب الصدع وحل المشكلات قبل أن تتفاقم وتستفحل كما في المجتمعات السابقة التي كانت تمتاز بوجود العقليات المتئدة والتي لها الخبرات في الحياة الزوجية والرؤية البعيدة. ثامنا: غياب المؤسسات الفاعلة التي تتبنى تقديم الإرشادات والمساعدات الزوجية أو الدورات العملية أو الكتب والدراسات العملية وليست العلمية فقط التي تعلم الزوجين مباشرة لا تنظيرا كيفية التعامل مع الطرف الآخر, وإن كان هناك ولله الحمد خطوات نحو ذلك فنأمل أن تزيد وأن تكون مؤطرة بالشرع بعيدة عن التجاوزات التي قد تدب إلى هذه الأعمال من غير قصد أو مسايرة للواقع أو كما يقولون مقتضيات العصر. @ ترى ما تقول في هذه المعاني؟ الحب: الحب الحقيقي هو الذي ينمو بين الزوجين وليس هو الحب الشهواني العاطفي (الرومانسي) فقد تقوم البيوت وتزهر بدون حب ولكن يقوم مقامه الاحترام والتعايش والتراحم والرضا بالقسمة والنصيب والتكيف والتآلف. المرأة العاقلة: تلك هي المرأة المسلمة التي عرفت حقوق زوجها فأطاعته وحفظت عرضه وبيته وأبناءه وتعهدت بصره وقلبه. القوامة: نعم (الرجال قوامون على النساء) ولكن ليس معناها التسلط والاستبداد وإلغاء كرامة المرأة ولكنها حسن الرعاية وقيام بالمسئولية وتنظيم للحياة الزوجية فالقوامة تكليف ومسئولية قبل أن تكون تشريفا. الأخلاق: هي أهم عامل في استقرار الحياة الزوجية قال صلى الله عليه وسلم (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) التجديد: كل شيء يخلق ولكن الحياة الزوجية كلما تطاول عهدها أينعت ثمارا فيجد كل من الزوجين من يشاطره الحياة ويرافقه رحلة عمره. @ إلى ماذا تعزو أسباب الخلافات الزوجية؟ الخلافات الزوجية كما ذكرنا لها عوامل داخلية وخارجية ولكن منشؤها قد يكون من اختلاف الطباع بين الزوجين أو أسباب جنسية أو اجتماعية أو قد تكون اقتصادية مالية تتعلق بالنفقات أو التقتير من جانب الزوج أو الإسراف من جانب الزوجة أو العياذ بالله الخيانات الزوجية والوقوع في الحرام أو تغير الحياة خاصة على الزوج بعد إنجاب الأطفال أو الانشغال شبه الدائم بالبيت والأطفال عن الزواج بالنسبة للزوجة أو كثرة غياب الزوج عن البيت وكثرة السهر خارجه وكلها ترجع إما إلى إفراط أو تفريط سواء كان في الأمور الشرعية أو الأخلاقية أو الاجتماعية أو الاقتصادية فكلما التزم الزوجان بشريعة رب العالمين وأقاما بيتهما على شريعته فليبشرا بالحياة السعيدة المستقرة التي يقوم فيها كل من الزوجين بحقوق الزوجية وحق الطرف الآخر. @ الإصلاح بين الزوجين أمر أولاه الشرع أيما عناية فما الأمور الي ينبغي أن يعيها الزوجان لتسير بهما سفينة الحياة؟ في ظني والعلم عند الله ان الزوجين عندما يمتثلا الى شرع الله ويؤدي كل منهما حق الآخر لن تكون هناك منقضات وإن كانت فستزول سريعا أما أهم الأمور التي ينبغي أن يعيها الزوجان حال وجود الشقاق والتنافر أول وقبل كل شيء أن يتذكر كلا من الزوجين أن كل ما يصيب الإنسان هو نتيجة معاصيه وذنوبه فلا يلجأ إلى الاستغفار وإلى الطاعة والدعاء قال تعالى (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة) كذلك لا يفتح الزوجان للشيطان فيضخم الأمر ويكبر المشكلة بل يسعى كل منهما لغض الطرف والتنازل عن بعض الحقوق في سبيل دحر الشيطان فإن أكثر ما يفرحه تفريق الزوجين كذلك أخص المرأة المسلمة التي ينبغي عليها أن تحافظ على بيتها ولا تستمع للناعقين الذين يريدون هدم بيتها فيصورون لها أن مهضومة ومغلوب على أمرها ولابد أن تكون ندا للرجل بل قد تتمادى بعض النساء في العناد وخلق النكد حتى يقع مالا تحمد عقباه فتخسر بيتها وزوجها وأبناءها فينبغي على المرأة الصالحة أن تتطامن وتتودد لزوجها فقد أخبر صلى الله عليه وسلم (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العود التي إذا ظلمت بضم الظاء قالت: هذه يدي في يدك لا أذوق غمضا حتى ترضى) حديث حسن صحيح الجامع (2604) وكذلك ليكن شعار الزوج قوله صلى الله عليه وسلم (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر) أي لا يبغض ولا يترك زوج زوجته لأمر قد كرهه منها فليتذكر محاسنها وتضحياتها وأنها أم أولاده وطاهية طعامه وراعية شئونه وأمينة سره. @ أمور تود أن تكون في كل بيت وفي كل أسرة. قول الله أبلغ قال تعالى (ولهن مثل الذي عليه بالمعروف) وقال تعالى (وعاشروهن بالمعروف) فالمعروف هو أمر من الله لكل زوجين , القيام بالمسئولية وحسن الرعاية قال صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) فالزوج راع والزوجة راعية وكل منهما مسئول مطالب بالتضحية وتجسيد معنى السكن والمودة والرحمة وبالتفاهم وبالحوار الهادئ وأن يتفهم كل منهما كيف نفسية الآخر وما يريحه ويدخل عليه البهجة والسعادة. @ بدون شك لا يخلو بيت من اختلاف في وجهات النظر أو بعض الأمور التي تحتاج إلى حوار ومناقشة فهل هناك ضوابط لهذا الحوار وتبادل الآراء أو النقد إذا دعت الحاجة إليه؟ بالطبع فالحوار فن وحسن التعامل فن فمن أهم الأمور في الحوار الناجح بين الزوجين اختيار الوقت والمكان والعبارات المناسبة والمفاتحة بطريقة لطيفة وهادئة وقد يكون من الضروري التنازل من أحدهما عن رأيه بعض الأحيان وكذلك فن الانصات وليس الاستماع فقط وعدم المقاطعة وتفهم ما يريده الطرف الآخر وكذلك استخدام ألفاظ الطلب والتعبير عن النفس (أنا) (أشعر)(أتمنى) والشكر والثناء والاعتراف بالجميل فهو مفتاح القلوب أبداء الاهتمام ترك العناد والتسلط البوح بالمشاعر الإيجابية كذلك أن لا يصل الحوار إلى المشادة أو إلى نقد مباشر أو أن يكون أمام الأطفال أو يكون مقصود به الذات والتجريح أو ساعة غضب وأن لا يكون هذا النقد لرد الاعتبار أو الانتقام أو مجرد ردة فعل بل يجعل النقد بناء وطريق للإصلاح والتغيير بل ويعين الطرف الآخر لتغيير سلوكه وللنقد مهارات ذكرنا منها طرفا ونضيف إليها كذلك أن يكون بأسلوب غير جارح ويسعى إلى مدح المواقف الإيجابية في الطرف الآخر بل ويسارع للثناء والمدح متى ما رأى أثر هذا التغيير والاستجابة فالنفوس جبلت على حب المدح والثناء وهكذا لو بدأ الزوج أو الزوجة هذا الحوار أو النقد بالتحدث عن تقصيره هو وأخطاؤه قبل توجيه الانتقاد وقبل ذلك لا يهمل جانب مهم ألا وهو دعاء الله واللجوء إليه بالتوفيق في حياة هانئة سعيدة مستقرة فبيده سبحانه مقاليد ومفاتيح كل شيء. @ آدم وحواء ترى ماذا يريد كل منهما من صاحبه؟ لقد جاء في كتاب الله وسنة نبيه وما دونه علماء الأمة كامل ما يريده الزوج من زوجته وما تريده الزوجه من زوجها ولعلنا نذكر هنا أهم ما يريده كل منهما من الآخر. أما الزوج فيريد من زوجته أن يكون هو أهم شيء في حياتها فتبادله الحب والكلمات والابتسامات وتبذل كل ما يدعوه لتكون هي ملء سمعه وبصره وقلبه وأن ترعى بيته وأطفاله وأن تتفهم نفسيته ومشاعره وأحاسيسه وأن تجيد الدخول إلى قلبه وتلمس حاجيته ورغباته وأن تعترف بفضله بعد فضل الله أما الزوجة فتريد من زوجها الحب والاحترام والتقدير والكلمات الهادئة التي تخبرها بمشاعره تجاهها وأن يشاركها في كل ما يخص حياتها وحياة أبنائهما, وأن يزجي لها كلمات الشكر والثناء والمدح كلنا وجد منها صنيعا طيبا وتحب من زوجها أن يمد يد العون فيساعدها في البيت وفي تربية الأبناء وتحتاج إلى المداعبة والمزاح وأن لا يستبد برأيه ولا يجرح كرامتها أمام أحد مهما بلغ الأمر وليكن بالأسلوب الحسن والتلميح وأن يتعامل معها من خلال مشاعرها كامرأة لها أحاسيس ونفسية تختلف عنه كرجل. وأظن الأمر يطول لو أردنا سرد ما يريده كل منهما من الآخر ولكن الحر تكفيه الإشارة. @ كلمة أخيرة في نهاية هذا اللقاء. كما بدأنا نختم بالوصية بتقوى الله ومخافته وطاعته فهي الطريق إلى السعادة في هذه الحياة ولعلم الزوجان أن الحياة الحقيقية هي في جنات النعيم حيث النعيم المقيم وما لذ وطاب أما هذه الحياة فهي رحلة وسفر سينقضي فالسعيد من وفقه الله لاغتنام هذه الأعمار للوصول إلى جنات النعيم فنسأل أو يوفقنا وأخواننا وأخواتنا لنيل رضا الله في الآخرة وللسعادة والاستقرار في هذه الحياة إنه جواد كريم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. الشيخ طلال الفضيح يتحدث ل(آخر الأسبوع) ضرورة تنشئة الاطفال والاهتمام بهم