أكدت أكاديمية متخصصة في الدراسات الإسلامية على أهمية الاقتداء بالهدي النبوي في بناء العلاقات الزوجية، وأن تقوم هذه العلاقة بين الزوجين على تقوى ومحبة وطاعة الله تعالى، والمعاشرة بالمعروف، وحرص الزوجين على تعلم الأحكام الشرعية والتمسك بها والاهتداء بها في توفيق العلاقة بينهما. جاء ذلك في دراسة للدكتورة هند مصطفى شريفي الأستاذة المساعدة بقسم الدراسات الإسلامية في جامعة طيبة بالمدينةالمنورة بعنوان: (دروس دعوية من الهدي النبوي في بناء العلاقات الزوجية). وقالت: إن الله - عز وجل - شرع الزواج ليكون الوسيلة التي تجمع بين الرجل والمرأة في علاقة سامية تتآلف فيها أرواحهما، وتطمئن نفوسهما، ولقد كانت عناية الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالأسرة واضحة للعيان، من خلال توجيهاته الكريمة وتطبيقاته. فكانت مشعل هداية تنير الطريق أمام الزوجين وتنير القلوب وتدل على طريق السعادة والصلاح. وتوصلت الدكتورة هند شريفي - في دراستها إلى عدد من النتائج منها: أن الإسلام لم يترك العلاقة الزوجية تسير بشكل عشوائي، بل رسم لها طريقاً واضحاً، وشكل لها منهجاً كاملاً، يستلهمه المسلمون من خلال سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فهديه أكمل الهدي وأحكمه، وأن الهدي النبوي يمثل المنطلق الأساسي للدعاة إلى الله، والسنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع، فلا غنى للداعية في أي مجال وميدان عن الاقتباس من السنة، والاقتداء بالهدي النبوي وخاصة في جانب العلاقة الزوجية، مؤكدة بأن العلاقة الزوجية تعد من أهم العلاقات الزوجية المؤثرة في حياة الفرد، وهي أساس بناء الأسرة في الإسلام، وتنبع أهميتها من أهمية الزواج في الإسلام وأهدافه ومقاصده، ومن أهم الأساس التي تبنى عليها العلاقة الزوجية بعد توافر أركان الزواج وشروطه والكفاءة بين الزوجين، قيام العلاقة على تقوى ومحبة وطاعة لله تعالى، والمعاشرة بالمعروف مع قيام كل طرف في العلاقة الزوجية بما يجب عليه من واجبات وأداء ما عليه من حقوق، وسيادة العدل وحفظ الأمانة وعدم إفشاء خصوصيات الأسرة. وشددت على ضرورة اقتداء الدعاة إلى الله بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، خاصة بجانب علاقاتهم بأهليهم، لقوة أثر ذلك على سير حياته وقيامه بدعوته لله، ولثماره الزكية كحصول السكن النفسي والاستقرار العاطفي والنشاط في أمور الدعوة، لافتةً إلى أن من الدروس المهمة في بناء العلاقة الزوجية: حرص الزوجان على تعلم الأحكام الشرعية، وتعليم الرجل لزوجته ما تحتاجه من أمور دينها وتوجيهها إلى ما تزكي به نفسها في الدنيا والآخرة من العبادات الفاضلة المتنوعة. وقالت الدكتورة هند شريفي: إن من الآثار المهمة للعناية بالعبادة بين الزوجين حصول التزكية لقلوبهما ودوام الألفة بينهما وبعدهما عن المعاصي بأنواعها وهذا يؤدي إلى الاستقامة على أمر الله والفوز في الدنيا والآخرة، وأن تنوع النماذج في البر والوفاء وحسن العشرة بين الزوجين، فقد كان الخلق السائد في بيت النبوة هو الرحمة والرفق والمحبة والمودة قولاً وعملاً وتبادلاً لأسمى عواطف المحبة بين الزوجين، مشيرة إلى أن الممارسة العملية عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوفاء بحقوق العشرة الزوجية وتلبية لحاجاته الجسدية والنفسية وإشباعه لحاجات زوجاته، له أثر قوي في استقرار الأسرة وسعادتها، وهذا يؤكد أن الإسلام دين الوسطية ودين الإنسانية. ولفتت إلى حاجة المجتمع إلى التوعية بالجوانب الفطرية الغريزية، والاهتمام بتوعية المسؤولين بأهمية التربية الجنسية التي توجه لكل مرحلة عمرية ما يناسبها من الإرشاد، وضرورة التنويع في أساليب التعامل بين الزوجين منذ مستهل الحياة الزوجية، فهي تعد عوامل حاسمة في ترابط وبناء الأسرة أو في تفككها واضطرابها، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدوة إذ لم تحفظ سيرته إلا أرقى صور التعامل مع الزوجة. وأكدت عضو هيئة التدريس في جامعة طيبة بالمدينةالمنورة أهمية دور الدعاة في الإصلاح الأسري سواء عن طريق اللجان المختصة لذلك أو بالمجهود الفردي الشخصي، فإصلاح ذات البين بين جميع إفراد الأسرة واحتواء المشكلات الناتجة بين الأفراد من أهم العوامل التي تنتج بيئة أمنه للزوجين والأبناء. وأشارت إلى أن العناية بالنظافة الشخصية داخلياً وخارجياً، والاهتمام بالزينة أو المظهر الحسن، والعناية بالجانب الجمالي بين الزوجين له بالغ الأثر في تقارب الزوجين وانجذاب أحدهما للآخر، وهو حق لكل منهما على الآخر سواء بسواء، وأن الترفيه واللهو المباح والاستجمام حاجة نفسية لا يستغني عنها الزوجان لتجديد نشاطهما، وإدخال السعادة والسرور على بعضهما وسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد حفظت مواقف عديدة تظهر حرص نبي الرحمة على مراعاة هذه الحاجة الفطرية عند الإنسان، مع أهمية مراعاة المتغيرات المعاصرة الطارئة على كيان الأسرة، ومن ذلك التغير الاقتصادي الذي أفرز أنماطا جديدة في التعامل بين الزوجين، وتأثيراً على بعض الأعراف السابقة، ومن المهم للزوجين التأقلم مع هذه المستجدات، مؤكدة أن حمل أمانة الدعوة والقيام بمسؤوليتها لا يعني إهمال الحاجات الإنسانية الفطرية للداعية، لأن الرسول صلى الله علية وسلم كان يستمتع بحياته الزوجية، ويمارس مع زوجاته أنواع اللهو المباح، ويعبر عن مشاعر الحب والمودة لهن. واقترحت الدكتورة هند شريفي تنظيم دروس دعوية مع حديث أم زرع في العلاقات الزوجية، ودروس دعوية مع الهدي النبوي في حل المشكلات الزوجية والأسرية، مؤكدة أن الإعداد الدعوي للمسلمة الداعية من خلال سيرة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، كما اقترحت في ختام دراستها إعداد سلسلة حقائب تدريبية علمية خاصة بالجهات الخيرية التي ترعى الأسرة والعلاقات الزوجية - سواء كانت لتأهيل المقبلين على الزواج أو لمن يحتاج إلى الإرشاد الأسري والزواجي - بحيث تكون هذه الحقائب مبنية على القرآن والسنة والتطبيق النبوي للأسس والآداب الزوجية.