سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العراق: كيف سيواجه تكنولوجيا "الموت" الأمريكية؟ واشنطن انفقت مئات المليارات على تطوير أسلحتها، لكنها مازالت عرضة للأخطاء البشرية أو الإخفاق في نظم التصويب.
إذا شنت الولاياتالمتحدة الحرب، فسوف تواجه العراق نوعية جديدة تماما من الاسلحة الاميركية المتقدمة المصممة لضرب أهدافها بقوة دقيقة ووحشية كما يقول العسكريون. وبينما ستبدو الطائرات والدبابات والسفن كما كانت عليه إلى حد كبير في حرب الخليج في عام 1991 فإنها سوف تكون مجهزة بآخر ما توصلت إليه علوم الالكترونيات لتحديد الاهداف وضربها ضربات دقيقة جدا. إلا أن ريتشارد أبوالعافية، وهو محلل أسلحة دفاعية في مؤسسة تيل جروب الواقعة في إحدى ضواحي واشنطن: يقول إن الاسلحة التي تحملها هي قصة مختلفة تماما. وقد أنفقت الحكومة الاميركية مليارات الدولارات على مدى عقود لتطوير أسلحة ذكية، وعدد متنوع من الصواريخ والقنابل التي يمكن توجيهها بدقة بالليزر أو الاقمار الصناعية. وفي حرب الخليج، كان أقل من 20 في المائة من الذخائر هي ذخائر ذكية. وفي حرب جديدة، يعتقد المحللون أن الاسلحة الذكية سوف تكون 75 في المائة من الذخائر التي يتم إسقاطها ولكن مع التوضيح أن العديد منها يمكن أن يفشل بسبب سوء الاحوال المناخية أو معدات التشويش أو الاخطاء البشرية. وفي محاولة لبعث المزيد من المخاوف لدى العراق في الاسبوع الماضي، استقدم العسكريون الاميركيون واختبروا أحدث وأهم إضافة في ترسانتهم - وهي القنبلة الضخمة التي تزن 10 الاف كيلوجرام والموجهة بالاقمار الصناعية والتي أدى تفجيرها لضوضاء هائلة استمرت ما يتراوح بين 10 و 15 ثانية في أنحاء ولاية فلوريدا. ويتم إسقاط القنبلة التي تحمل اسم مواب كاختصار لحروفها اللاتينية الاولى، من طائرة شحن من طراز سي-130. وتدعو الخطط الحربية ضد العراق إلى هجوم جوي هائل يتبعه على وجه السرعة غزو يقوم به أكثر من 300 ألف جندي أميركي وبريطاني موجودين في المنطقة أو متجهين إليها. وخلال الثمانية والأربعين ساعة الاولى من الحرب، سوف تضرب أكثر من ثلاثة آلاف قطعة سلاح موجهة بدقة أهدافا رئيسية، وفقا لما ذكره الجنرال ريتشارد مايرز، رئيس قيادة الاركان المشتركة للصحفيين. وقال مايرز أن الهجوم سوف يبدو مختلفا كثيرا كثيرا عن حرب الخليج في عام 1991 مضيفا أنها سوف تنطوي على صدمة كبيرة للنظام لدرجة أنه سيتعين على النظام العراقي الحاكم أن يفترض بسرعة أنه لا مفر من النهاية. وسوف يساعد القادة في مسرح العمليات للمرة الاولى على نطاق واسع نظام إدارة ميداني مكون من شبكة واسعة من أجهزة الكومبيوتر والاتصالات وصور الاقمار الصناعية والرادار التي تسمح للقادة في مسرح العمليات أن يشاهدوا صورة مشتركة وفي التوقيت الحقيقي للقوات الصديقة وقوات الاعداء. ويساعد النظام الضباط على الرد بسرعة على تطورات المواقف وتقييم أفضل استراتيجية يتعين اتباعها. وقال جاي كورمان، وهو محلل في دي.أف.آي انترناشيونال وهي شركة استشارات دفاعية تتخذ من واشنطن مقرا لها: إن وجود صورة مجمعة هو الشيء الذي كان يفتقر إليه حقيقة في الحرب الاولى. كذلك يتردد على نطاق واسع أن العسكريين الاميركيين سوف يقدمون للمرة الاولى قنبلة إلكترونية في الصراع. وتستخدم القنبلة الالكترونية النبض أو ترددات الميكروويف أو اللاسلكي لتدمير الاتصالات والمعدات الالكترونية الاخرى ولكنها نظريا لا تصيب البشر أو تضر بالمباني. ويفخر البنتاجون بتلك الاسلحة ليس فحسب بسبب فعاليتها العسكرية، ولكن أيضا لانه يعتقد أن الاسلحة الذكية تساعد في تجنب ضرب المنشآت المدنية وتحد من خسائر الارواح التي قد تنجم عما يسمى بقصف السجادة الاكثر دمارا، وبذلك يخدم بحسم خطط الحرب لاعادة إعمار البلاد بعد الحرب وتهدئة المعارضة الدولية للغزو. ومن بين الاسلحة التي يأمل البنتاجون أن تستكمل المهمة صواريخ توماهوك كروز التي يتم إطلاقها من البحر. وقد استخدم توماهوك في حرب عام 1991 ولكنه اعتمد على خرائط للارض كانت تستغرق أياما لتحميلها قبل إطلاق الصواريخ. ولكن مع التوجيه الذي يوفره نظام تحديد الاماكن الكوني (جي.إس.بي) الذي يستخدم الاقمار الصناعية، يمكن للبحرية أن تطلق صواريخ توماهوك خلال دقائق من تحديد الهدف. ولا يعد النظام الجديد أسرع فحسب، ولكن استخدام الدفاعات ضده أصعب أيضا، كما يقول أبوالعافية. وفي حالة استخدام الارض فإنهم يعرفون من أين تأتي ويمكن أن يواجهوه بالمدفعية الثقيلة وهناك احتمال أن يفجروه في الجو. وأحد الجوانب ذات النفع الكبير للقوات الجوية والبحرية هي ذخائر الهجوم المباشرة المشتركة أو جدام وفقا للحروف الاولية من الاسم بالحروف اللاتينية. وهذه الذخائر يمكن إسقاطها من كل مقاتلة أو قاذفة أميركية، وهي قنابل صماء يتم تزويدها بأطقم ملاحية لتصبح ذكية. وهذه القنابل الذكية من المرجح أن تكون هي الاكثر استخداما في الحرب وتبلغ دقتها مدى يصل إلى 13 مترا. ولكن على الرغم من كل هذه التكنولوجيا، إلا أن الخسائر المدنية لا يمكن تجنبها، وفقا لما أقر به مسئولو البنتاجون. وقال مايرز للصحفيين: لا يمكننا أن ننسى أن الحرب أصلا تعنى العنف. ويمكن أن تسهم الظروف المناخية الرديئة والاخطاء الميكانيكية والاخطاء البشرية كلها في عدم إصابة السلاح لهدفه وقتل المدنيين الابرياء. ويقول إيريك ميلر، وهو خبير دفاعي في مشروع حول الاشراف الحكومي يتخذ من واشنطن مقرا له، وهي هيئة إشرافية تابعة للبنتاجون إن الاسلحة الدقيقة يمكنها أن تصبح دقيقة جدا إذا ما تم استعمالها بالطريقة الصحيحة. وتابع ولكنها مازالت عرضة للاخطاء البشرية أو الاخفاق في نظم التصويب. ويمكنها أن تكون بسيطة مثل القول: هل الشخص الذي وضع الاحداثيات في الكمبيوتر قام بها على الوجه الصحيح. ويمكن إفشال الاسلحة إذا كان لدى العراقيين أجهزة تشويش لقطع خطوط الاقمار الصناعية. وتستخدم أجهزة التشويش الرخيصة والمتوافرة ترددات عالية لافشال الممر الملاحي للقنبلة وإبعاد السلاح عن الهدف وتحويله للمناطق السكنية. وقال كورمان: إن جهاز تشويش بسيطا يمكن أن يعطل الاتصالات بالاقمار الصناعية .. الاسلحة يمكن أن تصبح لا قيمة لها في بعض السيناريوهات. وإذا نجح العراقيون في قطع الاتصال، فيتعين على البنتاجون أن يلجأ لليزر الذي يمكن أن يتأثر بالظروف المناخية الرديئة. وهي أيضا تعتمد على رجل على الارض يحدد الهدف. وبينما يعد واضحا أن الاسطول الاميركي من القوات الجوية والاسلحة المتقدمة مقترنة بقوات كثيفة على الارض، تهدف إلى هزيمة العراق بسرعة، فإن هناك أسئلة مازالت قائمة حول إذا ما كانت الولاياتالمتحدة ستتمكن من كسب الحرب بالسرعة التي تأمل فيها. وإذا تراجعت القوات العراقية إلى بغداد، فإن التخلص من القوات الاكثر ولاء لصدام سيظل مهمة صعبة، حتى مع استخدام ترسانة الاسلحة دقيقة التصويب. وكما يقول كورمان، إذا توصل العراقيون لطرق للتشويش على أفضل هذه الاسلحة، فقد تطول المعركة بالولاياتالمتحدة عما كان متوقعا، ويمكن أن يقع عبء كبير على المدنيين. وقال كورمان: الامر هو أن هناك أخطاء والحرب لا تكون أبدا واضحة ويضيف: المسألة الهامة هي مدى استمرار الجزء الخاص بالقتال الشديد، فكلما استمر أطول، زادت فرص حدوث الاخطاء الكثيرة.