لا ندري كيف أمضى نيرون ساعته الأخيرة، قبل أن يحرق روما؟ ولا ندري كيف سيكون بندول ساعة صدام الأخيرة؟ هل سيعطي ضحاياه الذين يمرون كشريط سينمائي جزءاً من زمنه المتبقي، ووقتاً من ساعة اضطرابه الأخيرة؟ يمكن أن نتخيل، لأنه الشيء الوحيد المتاح لنا قبل حدوث الفاجعة: 00,00- النهوض من الغيبوبة الأولى، وآثار تفصد عرقا باردا خلف العنق وتحت جلدة الرأس، وفي مجرى أخدود الظهر. 00.05- رؤية مغبشة لمن تبقى من أعضاء مجلس الثورة بملابس رياضية مهلهلة، حليقي الشوارب، وبسيقان عارية، وعضلات ضامرة، يسعلون بصوت خافت. 00.10- يبحث عن مسدس تحت المخدة، ويفتح صندوق السيجار الكوهيبي، المسدس يذكره بلعبة ابنه قصي حين كان في الثالثة من عمره، والسيجار بدا رطباً، وكأنه أصبع كباب مخمج، وبائت. 00.15- تذكر طفلاً مشرداً وملاحقاً، إنشطار عائلي، تفكك أسري، إضطهاد مجتمع. 00.20- تذكر الجريمة الأولى، بعد أن تخلص من رعشة اليد، وخفق القلب، تذكر وهو يرى روح ذلك الإنسان الذي غابت اليوم ملامحه، وهي تخرج من أنفه. 00.25- تذكر أمره بحملة الأنفال وتجريب السلاح الكيمياوي على مناطق الأكراد، وعلى تلك المدينة الوادعة حلبجة، وانتفاخ 5000 جثة طفل وامرأة ورجل كانوا يحضنون بعضهم قبل الذوبان، أو قبل الحريق الذي يبدأ من تحت الجلد. 00.30- سماعه صدى صوته، وصريخ الضحايا من أسرى الحرب العراقية الإيرانية الكويتية، في مشهدهم الجماعي الإبادي أدفنوهم أحياء أولاد الفف 00.35- محاولة استنشاق نسمة باردة، وهو يتراءى له منظر الأهوار الساكن بكل طيبة الطبيعة، وكيف أمر بتجفيفها وتسميمها، وإبادة سكانها ومسح دورهم الجميلة. 00.40- محاولة صم أذنيه عن تمتمة رجال الدين من ضحاياه، وتسبيحهم وتهليلهم، وفرحه باسقاط عمائمهم، وتمريغ وجوههم الشريفة التي فيها سيماء السجود، وخدش ستر بيوتهم الطاهرة، متتبعاً صهيل كربلاء الأولى، تابعاً الابن بالأب، والبنت بالأم، والمسجد بالضريح، والمقام بالمرقد، لقد أعجز من أحصاهم حين وصلوا ل ,,.400 00.45- الدخول في الغيبوبة الثانية، وبداية الصراع الحقيقي مع الزمن، هذا الذي أتعب جلجامش، وصديقه أنكيدو يوماً من الركض في البراري، والسهول والوهاد بحثاً عن عشبة الخلود، لقد بقي من رقص بندول الوقت خمس عشرة دقيقة، قد تكون بطيئة، لكنها هي تمام الحلم، غداً تمام الحكاية، لكنها ليست من البدايةفف @@ الاتحاد الاماراتية