النصر يتغلّب على الوحدة بثنائية في دوري روشن للمحترفين    الأخضر تحت 20 عاماً يواجه كوريا الجنوبية في نصف نهائي كأس آسيا    مخيم زمزم يتعرض لوقف الخدمات الإنسانية بسبب تصاعد العنف    مخاوف من استئناف القتال مع تعنت إسرائيل في تنفيذ الاتفاق    أمير تبوك يترأس اجتماع الادارات الحكومية والخدمية لاستعدادات شهر رمضان    مؤتمر الحوار الوطني السوري يؤكد على سيادة الدولة    محافظ الطائف يرأس إجتماع المجلس المحلي للتنمية والتطوير    زراعة عسير يحتفي بيوم التأسيس    المجتمعون في منتدى الرياض الإنساني يؤكدون التزامهم بالمبادئ الإنسانية وتعزيز الشراكات    البنك الدولي يقدر كلفة إعادة إعمار أوكرانيا بحوالي 524 مليار دولار    رحلات مباشرة من لندن غاتويك إلى مطار المدينة المنورة    نائب أمير منطقة مكة يكرم المتقاعدين من منسوبي إمارة العاصمة المقدسة لعام 1446ه.    خيسوس: إصابة ميتروفيتش مقلقة لنا    الشباب يتغلّب على الرائد بثنائية في دوري روشن للمحترفين    جمعية المودة تطلق حملة "تبرعك رحمة" لدعم الأسر المحتاجة    جامعة الأميرة نورة تحتفي بيوم التأسيس    نائب أمير منطقة مكة يستقبل معالي مديرالأمن العام الفريق محمد البسامي    أكثر من ملياري ريال إجمالي دخل السائقين السعوديين في تطبيقات نقل الركاب بالمملكة    عون: مكافحة ثقافة الفساد ومحاربتها تستدعي مساهمة الجميع في لبنان    العلاقات السعودية-الكويتية.. تاريخ حافل بالتعاون والمواقف الثابتة    منتدى الأحساء للاستثمار: فكر قيادي وإبداع مُستدام لمحافظ الأحساء    والد سامي المغامسي إلى رحمة الله    سياسي فلسطيني ل«عكاظ»: التصعيد الإسرائيلي في الضفة والقدس خطير    متّع جمهورك بفنك.. «الهضبة» يدعم عمرو مصطفى إثر إصابته بالسرطان    مباحثات دفاعية سعودية أمريكية في واشنطن    مجلس الوزراء: الحوار السبيل الوحيد لحل جميع الأزمات الدولية    المنافسة في حفظ القرآن شرف ورفعة والرعاية الملكية ساهمت في تزايد المتسابقين    السهم الأسود يشعل تنافس الرياضيين بجازان    أمير منطقة الرياض يرعى احتفاء «تعليم الرياض» بذكرى يوم التأسيس    «الإحصاء»: 18.1% ارتفاع للصادرات غير البترولية في 30 يوماً    المملكة تستضيف ندوة إقليمية حول "خصخصة أمن المطارات ونقطة التفتيش الأمني الواحدة .. فرص وتحديات"    "سعوديبيديا" تحتفي بالإرث التاريخي للمملكة في يوم التأسيس    مستشفيات وعيادات دله تُعلن مواعيد العمل في رمضان.. والطوارئ والصيدليات على مدار الساعة    وزير «الشؤون الإسلامية» يحذر: لا تنجرفوا وراء أي إعلانات لجمع التبرعات    دراسات المدينة تستعرض الجذور التاريخية للتأسيس    بعد 21 عاماً من عرضه.. «العريان»: جزء ثانٍ من فيلم «تيتو» قريباً    انتهاء مدة تسجيل العقارات ل 158 حياً ب 3 مناطق.. الخميس    أمير المنطقة الشرقية يطلع على مبادرة "شيم"    "الشؤون الإسلامية" تستعد لاستقبال 250 معتمراً من ضيوف خادم الحرمين الشريفين    الدولار يرتفع بعد هبوطه إلى أدنى مستوياته في أكثر من شهرين    زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب خليج البنغال قبالة الهند    إصابة أسترالية بالشلل بسب فرشاة مكياج!    طقس شديد البرودة وصقيع متوقع في عدة مناطق بالمملكة    مستشفى الولادة والأطفال بالدمام يجسد تاريخ الوطن في ذكرى يوم التأسيس    «الصحة»: تحصّنوا ضد «الشوكية» قبل أداء العمرة    تعاون بين السعودية وهونغ كونغ لمكافحة جرائم الفساد العابرة للحدود    إستراتيجيات فعالة للتعامل مع الزوج العصبي !    وزير الداخلية وممثل الأمين العام للأمم المتحدة يبحثان الموضوعات المشتركة    1373 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ خلال أسبوع    اختلاف طباع الناس    جريمة تهز باريس.. أمريكية تلقي بمولودها من نافذة فندق    في نصف نهائي كأس ملك إسبانيا.. صراع مثير بين برشلونة وأتلتيكو مدريد    غزارة الدورة الشهرية (1)    الصحة: فيروس ووهان ليس جديداً ولا يشكل خطراً حالياً    "الأحوال المتنقلة".. اختصار الوقت وتقليل الجهد    بلدية وادي الدواسر تحتفي ب «يوم التأسيس»    مرات تحتفل بيوم التأسيس    جامعة الملك سعود توقع مذكرة تعاون مع مركز زراعة الأعضاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلبجة والغوطة... والبحث عن برميل «السارين»!
نشر في الحياة يوم 01 - 09 - 2013

ليس هذا هو السؤال... لا يقترب حتى من جوهره، فمشهد اختناق أطفال الغوطة السورية، ينتمي إلى اختناق حلبجة العراقية، إلى كل ذلك التاريخ من علامات الاستفهام المقلوبة والمراوغة عن الذي قُتل والذي قَتل. يُطمر الضحايا بعد حين، ويجد المحقق الأممي مبرراً للقول بفخامة: «إن هناك جريمة ما حدثت في هذه الأرض»... ويرحل.
عندما سقطت حلبجة كانت «الأمة» ترى المشهد بعين انحيازها، من السهل أن تقنعها براءة «القائد الملهم»، من السهل عليها أن تتداول الحكاية مسترخية في الصالونات والمقاهي، أو غارقة في التأويل.
«إيران هي من أطلق براميل السارين على أزقة حلبجة»، فرواية «الزعيم» مقنعة ووافية وكافية لإغلاق المشهد برمته وإقصائه حتى من الذاكرة. هي حرب لا تحتمل إلا الحق والباطل، وإيران هي «الباطل المطلق».
لكن «السارين» لا يعترف بهذه النظرية، فهو يتسلل عبر الخنادق المتداخلة، ولا يسمح لطرف بالتحكم بخياراته، وأحياناً يقرر تغيير وجهته راكباً الريح، فيرتد إلى مطلقيه.
في الغوطة كما في حلبجة يتم التغاضي عن سؤال منهجي: «لماذا استخدم الكيماوي؟».
إنه مؤشر لنهاية وبداية، فهو إنهاء لقواعد الاشتباك التقليدية، وتأسيس قواعد جديدة أو للاقواعد، وهو قرار مشترك بين المتحاربين، ونقطة حرجة في تاريخ الحرب تؤكد أن الطرفين تجاوزا معاً فكرة «اللاغالب واللامغلوب» و «المنتصر والمهزوم» إلى «الباقي والفاني».
رشت الطائرات العراقية بعد حلبجة بشهور، دقيقاً أبيض على القرى الكردية تمهيداً لاقتحامها، فهرب الناس ظناً أنها «كيماوية» جديدة. كان استثماراً مرعباً في «المجزرة» ولعبة جربها النظام مراراً عندما استخدم «السارين» من المحمرة إلى قصر شيرين.
فتحت إيران أبوابها للإعلام الدولي نحو حلبجة، سوقت لنظرية الدولة الظالمة والمظلومة، المُرتكِبة والمرتكَب بحقها، لكنها في هذه الأثناء كانت تستخدم «السارين» من نهر جاسم إلى مندلي.
ضاعت حلبجة في حمى الاستثمارات المتبادلة، دفنت ضحاياها بصمت وريبة، وما زالت تحاول فهم ما حدث.
لم يسأل الأميركيون صدام حسين بشكل حقيقي عن قصة حلبجة حتى لحظة تسليمه إلى المقصلة، ولا يفضلون أن يسألوا بشار الأسد اليوم عن الغوطة، فهناك أسئلة أهم، مثل «من سيدفع الفاتورة، ومن سينتصر، وكيف سينتصر، وبأي طريقة؟».
في باب الرومانسية الأخلاقية فقط، يتم تصنيف السؤال عن «كيف وصلت الأسلحة الكيماوية إلى صدام حسين والخميني»، و «كيف وصلت إلى الأسد ومعارضيه».
لكنه ليس سؤالاً تأويلياً، فوجوده ضروري على أية حال لفهم حدود الاستثمار السياسي والطائفي والعسكري في «المجزرة».
المجتمع الدولي سينتظر نتائج التحقيق في الغوطة. سينتظر نتائج التحقيق في حلبجة وهو تحقيق للتاريخ وربما لأجيال قد تجد نفسها أسرى التأويلات والأدلة المطموسة.
المعايير الأخلاقية الدولية، مدهشة حقاً، فهي تشبه سباق أولويات مشروط، بين محاكمة المجرم أو إنقاذ الضحية، لكن الضحية سممت تراب قبرها، ماتت الأفاعي عندما اقتربت منه، واختنقت قبائل من الدود في شقوقه، ومحاكمة حقيقية للمجرم لن تتم!.
المجرم بدوره سيبقى كائناً افتراضياً، فهو يدور في فوضى الحسابات المتبادلة المختلطة بذهنية المؤامرة: «لماذا يستخدم الأسد الكيماوي ليعجل نهايته؟»، فتكون الإجابة: «الأسد يريد إبلاغ معارضيه أنهم تحت سقف إمكانات جيشه»، أو «لماذا يستخدم المسلحون الكيماوي لقتل أنصارهم؟»، والإجابة: «ليدينوا نظام الأسد وينهوا المعركة دولياً».
لكن تلك لعبة ذهنية أكثر منها محاولة لبحث الحقائق على الأرض واستخراج بطاقة الإدانة.
ما زالت الولايات المتحدة متمسكة حتى هذه اللحظة بفرضية أن اليابان الامبراطورية تتحمل أخلاقياً نتائج مجزرتي هيروشيما» وناكازاكي، وتستند إلى تعريف الحرب قبل تعريف المجزرة، وإلى النظرة الشمولية والتاريخية للجاني والضحية، أكثر من الوقائع.
ومع هذا فباراك أوباما يطالب بالوقائع، يهمل الحرب وتاريخها، أسبابها ونتائجها، ويبحث عن سؤال محدد: «من الذي استخدم السارين»؟.
ليس هذا هو السؤال! لا يقترب من جوهره حتى... فالغوطة اختنقت، وقبلها حلبجة، والسؤال الأكبر اليوم مفاده: كيف يتجنب الضمير الإنساني غوطة أخرى، بعد أن فشل في تجنب حلبجة ثانية؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.