أثار إعلامي ألماني الكثير من الشكوك حول مصداقية الأنباء والتقارير التي يبثها الصحافيون والمراسلون الأمريكيون والبريطانيون من ميادين الحرب ضد العراق. فقد لفت الصحافي أولاف بول، الذي يعمل لصالح محطة التلفزة المركزية الألمانية زد دي إف انطلاقاً من قاعدة العديد بقطر، مقر قيادة العمليات الحربية الأمريكية في الخليج؛ الانتباه إلى افتقار تقارير المراسلين الميدانيين العاملين مع القوات الأمريكية والبريطانية إلى المصداقية. وحذر بول، وهو مراسل بارز، خلال حديثه اليوم لبرنامج المجلة الصباحية في المحطة الألمانية، من الانسياق وراء ما يبثه عدد من المراسلين الأمريكيين والبريطانيين، محذراً من أنّ الدعاية الحربية الأمريكية تجد ضالتها في مثل هذه التقارير الصحافية. وأوحى الصحافي الألماني ضمناً بمشاعر غبن تسود أوساط الصحافيين والمراسلين بسبب الامتيازات التي أتيحت لعدد من الصحافيين الأمريكيين والبريطانيين، عبر فرص مرافقة القوات العسكرية في خطوطها الأمامية المتوغلة في الأراضي العراقية، في ما يبدو بشكل انتقائي. وألمح أولاف بول إلى أنّ هؤلاء المراسلين الميدانيين في الجبهة الحربية يقيمون علاقة تعاون وثيقة مع القوات العسكرية الأمريكية، تجعلهم بمثابة أبواق دعائية ضمن آلة الحرب النفسية ضد العراق. وجاءت هذه الإفادة في الوقت الذي تضاربت فيه الأنباء التي يبثها المراسلون الميدانيون، خاصة العاملين منهم مع محطات تلفزة أمريكية، أو وكالات أنباء غربية، حول مدى توغل القوات الأمريكية والبريطانية في عمق الأراضي العراقية فجر الجمعة، بينما تبين خطأ بعض الأنباء التي أذيعت عن سقوط مدينة أم قصر خلال ذلك. في هذه الأثناء أثار مراقبون إعلاميون شكوكاً حول مصداقية تقرير بثته محطة (إم إس إن بي سي) الأمريكية مع بداية يوم الجمعة. ويتعلق الأمر بتقرير ميداني بثته المحطة من موقع قالت إنه متقدم في الأراضي العراقية جنوباً، دون أن يظهر في المشهد سوى جنديين أمريكيين يقفان أمام جانب من مدرعة قد تكون عراقية، ولم يظهر ما يحيط بالمدرعة. وكانت قيادة القوات الأمريكية قد منعت الصحافيين في حرب الخليج الثانية (1991) من تغطية التطورات الحربية ميدانياً، واكتفت بتزويدهم بمواد إعلامية محدودة ومعدة سلفاً عبر مؤتمرات صحافية يومية كانت تعقدها القيادة العسكرية لعاصفة الصحراء آنذاك. ودأبت الدعاية الحربية الأمريكية خلال تلك الحرب على بث لقطات فيديو مسجلة تظهر إصابات دقيقة للقنابل الذكية، ما كان في حينه تطوراً نوعياً في التغطية الحربية، وهو ما تبين في السنوات اللاحقة أنها مشاهد لم تكن تعكس الواقع الميداني على حقيقته، وأثير الكثير من الجدل حول حقيقتها، خاصة مع حلول حرب كوسوفا (1999). واختارت القوات الأمريكية في الحرب الجارية حالياً السماح لصحافيين، تنتقيهم بعناية فائقة، بمرافقة قواتها العسكرية خلال أعمال التوغل العسكري في الأراضي العراقية، الأمر الذي يمثل تجربة جديدة من جانب الولاياتالمتحدة في التأثير على الرأي العام خلال تطورات الحرب الضارية، برأي مراقبين إعلاميين.