بعد اسبوع فقط على بدء المعارك في العراق ومع توقع معركة صعبة في بغداد بدأ الخبراء يتساءلون: كم قتيل يمكن للرأي العام الاميركي ان يتحمل؟ ففي العام 1993 سرعت صور العسكريين الاميركيين الذين تعرضوا للاذلال والقتل في الصومال، في انهاء التدخل الاميركي. ويرجع عدم تقبل الاميركيين لسقوط ضحايا الى ارث حرب فيتنام التي سقط فيها نحو 58 الف عسكري اميركي. وقد تأثر الرأي العام الاميركي كثيرا بايام النزاع الاولى في العراق: فالحماسة التي طغت لدى شن الحرب تبددت بسرعة مع الاعلان في البداية عن خسائر كبيرة من جانب بعض المراسلين غير المتمرسين بالحرب، الذين عادوا وخففوا من لهجتهم. واظهر استطلاع للرأي نشر نتائجه معهد بيو ريسيرتش الاثنين ان نسبة الاميركيين الذين يعتبرون ان الحرب تسير بشكل جيد جدا تراجعت الى 38% في مقابل 71% في اليوم الاول من النزاع. ويرى كينيث بولاك الخبير في بروكينغز اينستيتوشن ان ردة فعل الاميركيين على الصعوبات التي واجهتها القوات الاميركية في الناصرية والبصرة تدعم رأي الرئيس العراقي صدام حسين. ويقول هذا الخبير صدام يظن ان خسارة 10 رجال او 12 رجلا تشكل بالنسبة لنا خسارة فادحة واننا لا نتحمل خسائر فعلا فادحة. فصدام ينبغي ان يفقد عشرة الاف رجل في اليوم حتى يتحدث عن "خسائر فادحة". واعلن البنتاغون مساء الخميس ان 28 عسكريا اميركيا قتلوا منذ بدء عملية حرية العراق بينهم 22 في عمليات مناهضة . في المقابل كان عشرون عسكريا اميركيا بمعدل وسطي يسقطون يوميا في فيتنام بين 1965 و1972. وفي اكثر سنوات هذا النزاع دموية اي في العام 1968 وصل هذا المعدل الى 45 قتيلا في اليوم. ويتوقع الكثير من الخبراء الآن ان يسعى النظام العراقي الى ايقاع القوات الاميركية والبريطانية في فخ حرب المدن وهي معارك لا تصب في مصلحة القوات المهاجمة وقد تكون مكلفة جدا على الصعيد البشري مما قد يؤدي الى انتفاء دعم الرأي العام الذي تتمتع به حاليا ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش. وتقول جوديث كيبير الخبيرة بشؤون الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الهدف واضح. قتل اكبر عدد ممكن من الاميركيين واسر اكبر عدد ممكن منهم لانه (صدام حسين) يعتبر ان الاميركيين لا يمكنهم تحمل الخسائر . لكن لا شيء الآن يدل على طبيعة رد فعل الاميركيين. ويقول كلارك موردوك الباحث في المركز ذاته اظن انه تمت المبالغة بعض الشيء في عدم قدرة الرأي العام على تقبل سقوط قتلى . ويضيف في حال بدت المهمة (العسكرية) وكأنها تخدم اهدافا، فيمكنها تحمل الخسائر. ويضاف الى ذلك انه منذ اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 التي ذهب ضحيتها نحو ثلاثة الاف شخص يبدو ان الرأي العام الاميركي مستعد اكثر لتقبل وقوع خسائر بشرية في الصفوف الاميركية على ما يقول بعض الخبراء. * واشنطن