منذ زمن ليس بالقليل اطلق بعض المواطنين على منطقة الخضرية لقب (الغابة) او (ام البلاوي), نظرا لكثرة اعداد العاملين فيها, وتنوع اشكالهم, وتباين سحناتهم, وحدهم السعوديون الذين يشكلون الاقلية العاملة في تلك المنطقة هذا اولا. وثانيا لان المنطقة تحوي كافة الانشطة للمنشآت الصناعية الصغيرة, فهناك ورش صيانة السيارات بمختلف التخصصات, من ميكانيكا وكهرباء وسمكرة, وورش الالمنيوم والنجارة, التي يتم فيها تصنيع الابواب والاثاث المنزلي, فضلا عن محلات قطع الغيار والبقالات والبوفيهات الصغيرة. وثالثا وهو الاهم ان الخضرية هي منبع للعديد من المشكلات, فهناك الدوام النهاري المعتاد, بينما هناك دوام ليلي يتم تحت حلكة الظلام بعيدا عن الاضواء والانظار يستدعي المزيد من الرقابة والمتابعة. ورغم ان المنطقة مهمة وضرورية عدا ان الاهمية لا تتوافق مع حجم الاهتمام المطلوب لهذه المنطقة, لا من الجهة الرسمية, ولا من المواطنين انفسهم. والخضرية منطقة خصبة للاستثمار وهي تحوي عددا كبيرا من المؤسسات الصغيرة واغلبها كما سبق القول ورش ومحلات تلبي احتياجات المواطنين, وبالتالي فهي مصدر رزق للعشرات من المواطنين, الذين استثمروا جزءا من اموالهم في توفير هذه الخدمات (تقدر استثمارات كل ورشة بحوالي 100 - 300 الف ريال) تحقيق عائدات جيدة بنسب لا تقل عن 100 في المائة نظرا لارتباط الخدمات ببعض متطلبات الحياة اليومية. على ضوء هذه الاهمية الاقتصادية النابعة بالطبع من الاهمية الحساسة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة يفترض ان تكون المنطقة جاذبة للعشرات من الايدي العاملة الوطنية, الا ان ما نراه ان معظم العاملين في الورش هم من العمالة الوافدة التي لم تكتف بالقيام بأدوار تنفيذية بل نراها تقوم بأدوار ادارية واشرافية.. فملاك الورش السعوديون لم يكلفوا انفسهم - في الغالب- حتى بالتواجد والاشراف على عمالتهم وورشهم, الامر الذي يؤكد المقولة القائلة ان غابة الخضرية هي (غابة التستر) اي ان العمالة الوافدة ليست عاملة وانما هي مالكة تحصل على الغطاء القانوني من المواطنين, الذين لا دور لهم في هذه العملية سوى الحصول على عوائد هذه التغطية مع بداية كل شهر. هذا ما يحصل باختصار في الخضرية وهذا ما يفسر قلة عدد العاملين السعوديين فيها وكثرتهم (او وضوح تواجدهم) في مناطق صناعية اخرى, اقل اهمية من منطقة الخضرية. على ضوء ذلك وحسب معطيات بعض المستثمرين في تلك المنطقة فان اكثر من 90 في المائة من عائدات المنطقة هي للعمالة الوافدة, وان ثمة خسائر هائلة تتم تحت الغطاء القانوني الذي يوفره المواطنون, بابتعادهم عن الرقابة على عمالتهم واملاكهم, اكتفاء بالمبلغ الشهري المقطوع الذي يقدمه كل عامل وهو 3000 ريال شهريا في المتوسط او نسبة في العائدات لا تتعدى الخمسة او العشرة في المائة, وهو مبلغ ضئيل جدا مقارنة بصافي ارباح بعض الورش الهائلة التي تقدر بعشرة الاف ريال شهريا على الاقل خاصة اذا عرفنا ان تسعيرة الخضرية (غير الثابتة وغير المتفق عليها) هي الاعلى من بين المناطق الصناعية في المنطقة الشرقية, وبفوارق قد تصل الى 500 - 1000 ريال مثل توضيب او عمرة الماكينة او ناقل الحركة (الجير), او كافة اعمال السمكرة والتلميع. وهذا ما يخالف الصورة المتعارف عليها عن الخضرية, اذ يعتقد العديد من المستهلكين ان الاسعار فيها اقل من غيرها نظرا لكثرة الورش فيها بينما الواقع المشهود يقول غير ذلك فالاسعار غالية في الاصل واذا انخفضت فلا تلازم بينها وبين مستوى الخدمة. واذا جئنا الى مسألة الجودة في الخدمات فان مقولة (ام البلاوي) تبدو دقيقة, في ظل الكم الهائل من العمالة الوافدة, قليلة الخبرة.. فالشواهد على هذا الامر كثيرة فكم من المواطنين تعطلت سياراتهم وهي للتو قد خرجت من ورشة الاصلاح بل ان ظواهر عدة يوردها بعض المواطنين تفيد ب(سرقة) بعض القطع والعبث في مكونات السيارة وان عمليات الصيانة لا تتم بالصورة المطلوبة. والادهى من كل ذلك ان عمليات الغش التجاري تنتشر في تلك المنطقة وافاد بذلك اكثر من مواطن, خصوصا في محلات بيع قطع الغيار, او محلات غيار الزيوت وادوات الزينة, فكل قطعة تسحب من صندوق على انها من الماركات الاصلية المسجلة المشهورة, يتبين فيما بعد انها من الماركات الاقل شهرة والمقلدة واسعارها تقل بمستوى النصف ولا يظهر هذا الامر الا بعد الاستعمال اذ لا يملك المواطن اي دليل ادانة على صاحب السلعة او صاحب القطعة. على ضوء ذلك, فان منطقة الخضرية هي مأوى - للاسف - للعديد من الظواهر السلبية في سوق صيانة السيارات, تترافق مع حالة سلبية تضاف الى تلك الظواهر, وهي ان المنطقة لا تتمتع بأدنى الخدمات التي تترافق مع اهميتها الاقتصادية والاستثمارية, كمنطقة مخصصة للمنشآت الصغيرة. فاذا كانت المنطقة مهمة والجميع يستفيد من خدماتها فان من ابسط الاولويات المقابلة لهذه الاهمية هو ان تحظى بتنظيم لائق بتلك الاهمية, وهذا ما تفتقر اليه الخضرية, فالطرقات غير معبدة, ومن يقصدها لاصلاح خلل يكلف 20 ريالا, فعليه ان يدفع 200 ريال قيمة جملة من الاختلالات تحدثها الحفر والنتوءات الموجودة في الطرقات الداخلية, حتى ان احد المواطنين علق على ذلك بقوله: (من يصلح سيارته في الخضرية, فلابد ان يزورها مرة ثانية)! والامر الآخر ان هذه الطرقات الوعرة, وغير المعبدة, تصبح بحرا طاميا , او نهرا راكدا وقت هطول الامطار, لان شبكة تصريف مياه الامطار غير موجودة, حتى هذه اللحظة, ولك ان تتصور تلك المستنقعات التي تستمر لاشهر وقت الشتاء, لا يقصدها الا البعوض ومخلفات السيارات من الزيوت والمياه, انه التلوث بعينه. ولو نظرنا الى جانب آخر في الامر فنجد وحسب افادة جميع اصحاب الورش ان خدمة الماء والصرف الصحي غير موجودة في المنطقة وتعتمد الورش في تصريف مخلفاتها على البيارات والتي اذا تداخلت مع الامطار تجعل الواقع هناك مرا لا يطاق وروائح صعبة جدا. على ضوء كل ذلك فالخضرية منطقة مهمة لا تحظى بأي اهتمام واسعارها مرتفعة وخدماتها متواضعة, مشاكلها كثيرة, الامن والسلامة منعدمان فيها والمستثمرون والمواطنون يسألون منذ اكثر من 20 عاما: اين البلدية اين مصلحة المياه والصرف الصحي اين الدفاع المدني بل اين الشرطة والمرور؟! هذه المنطقة منبع العديد من المشكلات