ان الأطفال العراقيين عرضة للمجاعة والأمراض والصدمات النفسية والموت، وهم سريعو العطب تجاه اثار حرب جديدة اكثر مما كانوا عليه قبل حرب الخليج الثانية في عام 1991. هذا ما يؤكده الفريق الدولي للدراسات الذي اعد تقريراً تحت عنوان مسؤوليتنا المشتركة حول تأثير الحرب الجديدة في اطفال العراق، عارضاً للحالة الجسدية والذهنية، لحوالى ثلاثة عشر مليون طفل عراقي، ومدى استعداد العراق للطوارىء، مستنداً الى معطيات جمعت في العراق بين 20 و26 كانون الثاني من العام الحالي (2003)، والى دراسات وتقارير رسمية ودولية واهلية سابقة. وعلى الرغم من بعض التحسينات على صعيد الصحة والغذاء، مقارنة بمرحلة ما بعد حرب الخليج الثانية (1991) إلا ان 13 مليون طفل عراقي ما زالوا في حالة اسوأ مما كانوا عليه حينذاك، فهم يعتمدون وعائلاتهم في غذائهم على مشروع الحكومة العراقية لتوزيع الحصص الغذائية، ولذا فإن توقف التوزيع بسبب الحرب سيترك أثراً كارثياً على الأطفال الذين يعانون اصلاً من معدل سوء تغذية مرتفع. في المقابل تؤكد الإستنتاجات التي تستند الى معطيات دقيقة جمعت ميدانياً من قبل اثنين من علماء نفس الأطفال، وهما خبيران بالتأثير النفسي للحرب في الأطفال، ان أطفال العراق يعانون اذى نفسي عميق سببه التهديد المستمر بالحرب الذي يثقل على كاهلهم ويقض مضاجعهم. ان الأطفال العراقيين مصدومون ومتأثرون جدياً ب12 عاماً من العقوبات الإقتصادية ، ومع حرب جديدة يتملكهم الخوف والقلق والإحباط ويعاني العديد منهم من كوابيس وهناك 40 في المئة من بينهم يرون انه ليس جيداً ان يعيش المرء. هذا الإستنتاج مبني على بحث اجري للمرة ألأولى على اطفال ما قبل الحرب، وهو ما يبرهن بقوة ان قلق الأطفال يجب ان يؤخذ بعين الإعتبار في القرار المتخذ من قبل المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة بشأن الحرب، وفق ما خلص اليه العالمان النفسيان. 500 ألف طفل يعانون من سوء التغذية : ويعرض التقرير مسؤوليتنا المشتركة للوضع الإنساني الحالي للأطفال العراقيين عبر التعرض لثمانية قطاعات تعطي صورة واضحة عن الظروف الإنسانية لأطفال العراق، وهي اقتصاد الأسرة والأمن الغذائي والبنى التحتية والبيئة والصحة والغذاء والنوع (الجندر) والوضع النفسي للأطفال والإستعداد للطوارئ، وعليه يرى ان الأطفال العراقيين هم اليوم سريعو العطب اكثر مما كانوا عليه في 1991 وقبل حرب الخليج الثانية وهم مهددون بالمجاعة والأمراض والصدمات النفسية والموت نتيجة الحرب الجديدة على العراق. وبما ان 17 مليون عراقي يعتمدون في غذائهم100 في المئة على الغذاء الذي توزعه الحكومة العراقية، وبما أن الحرب تقضي على نظام التوزيع فإن نقصاً غذائياً خطيراً قد يؤدي الى مجاعة في البلاد، خصوصاً وانه من المتوقع ان لا يصمد مخزون الغذاء لأكثر من شهربعد ضرب نظام الإستيراد. ومع ذلك، يعاني حوالي 500 الف طفل عراقي اليوم من سوء التغذية وهم سريعو العطب تجاه الأمراض والموت. وتزيد نسبة وفيات الأطفال تحت خمس سنوات اليوم مرتين ونصف عن مثيلتها في العام 1991، وهناك 70 من هؤلاء يموتون بسبب ألامراض التنفسية والإسهالات الحادة. يشار الى ان الأمراض ونسبة الوفيات، ووفق التقرير دائما، ستستفحل في ظل ظروف الحرب. 95 % يعتقدون أنهم لن يعيشوا طويلا : من ناحية ثانية، هناك 95 في المئة من اطفال العراق قلقون بدرجات مختلفة من الحرب والنسبة نفسها (95 في المئة) يعتقدون ان الأخرين لا يفهمون حقاً ماهية شعورهم وان 96في المئة يعتقدون انهم لن يعيشوا ليصبحوا كبارا، و98في المئة يرون ان شيئاً سيئاً سيحدث لهم، وان 98 في المئة غاضبون من المسؤولين عن فرض العقوبات عليهم ومن المسؤولين عن الحرب وان 99 في المئة يخافون شيئاً رهيباً سيحصل لأحد افراد عائلاتهم. واللافت ان 95 في المئة من بين اطفال العراق مصابون بألم شبه دائم في الرأس و81 في المئة من بينهم يعانون من مشاكل في التركيز والإنتباه. وعلى الصعيد النفسي ايضاً تنتاب 91 في المئة من بينهم موجات شعور حادة بالخوف وان 82 في المئة يستثارون لأتفه الأسباب، و84 في المئة يعيشون حالة من الحذر والإستنفار رغم عدم وجود اسباب شخصية ومباشرة لها. ويصل اليأس عند 54 في المئة من اطفال العراق الى حدود الإعتقاد ان الحياة لا تستحق ان تعاش ويشعر66 في المئة بأنهم وحيدون، ويعاني 71 في المئة من احلام مزعجة، في مقابل 49 في المئة لا ينامون جيداً. وتألف الفريق الدولي للدراسة من مجموعة من الخبراء الأكاديميين المستقلين والباحثين والميدانيين الذين اختبروا الآثار الإنسانية للصراعات العسكرية على المدنيين. وسبق للفريق ان انجز تقريراً في عام 1991 عن الأثار الإنسانية لحرب الخليج مجرياً 9000 مقابلة في المنازل، وزيارات مستقلة الى 300 مكان في مختلف المناطق العراقية. وقد اعتبر تقرير الفريق الدراسة الأدق والأكثر فهماً عن تأثير الحرب في المدنيين... ولعلنا ننتظر من ذات الفريق ان ينجز تقريرا جديدا يحمل الآثار التي لحقت بالشعب العراقي من جراء هذه الحرب التي القيت فيها الآف الاطنان من جميع انواع القنابل المسموحة والمحرمة دوليا.