سور الصين كانت القفزة الخضراء التي ساهمت في اعتلاء الأخضر السعودي وتربعه على عرش آسيا ما يقارب عشرين عاما وأكثر فشمسه لم تغب عن النهائيات من العام 1984م بسنغافورة, ظفر فيها بثلاثة ألقاب .. والوصافة بمثلها .. وكان الأخضر في وقت مضى أسد أكبر قارات العالم, ولكن المهم أن بوابة الصين كانت البداية لهذه المسيرة التي أثمرت التأهل لنهائيات كأس العالم أيضا أربع مرات. والتاريخ يعيد نفسه ولكن بسيناريو آخر .. فالصين في هذا اليوم بالنسبة للكرة السعودية محطة تأكيد على العودة من جديد لزمن جميل, واستعادة ثقة فقدت منذ العام 2008م في رحلة متعثرة للكرة السعودية استمرت حتى نهاية خليجي (21) بالمنامة, ولم تنتفض إلا بالتصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس آسيا 2015م باستراليا, وأيضا جاءت عن طريق تخطي سور الصين في الدمام ( 2-1). ويبدو أن الصين البلد الأكثر سكانا في العالم موعودة بأن تكون محطة فرح عارم لمختلف السيناريوهات للكرة السعودية, منذ أن افتتح شباكها الفذ شايع النفسية تحت زخات المطر في أندونسيا مرورا بتجاوز الأسمراني ماجد عبدالله "طقم الصين" من وسط المعلب "والحقوق محفوظة" للكبير علي داود الذي جعل لهدف ماجد عبدالله كتابة نص أدبي داخل المستطيل الأخضر وخارجه, بدليل أن "طقم الصين" عبارة لم تنس منذ العام 84 إلى يومنا هذا. جيل بعد جيل يسبح في نهر آسيا ببراعة, رغم التوقف الاضطراري في 2004م و2011م وهما حالتا الفشل الذريع, وما عدا ذلك كان للأخضر جناحان يطير بهما في شرق وغرب القارة, وفي محطات الكبار والصغار, ومواجهة الصين اليوم قد تكتب ولادة جيل جديد يعرف استعادة ثقافة الفوز التي كانت قاعدة في الزمن الجميل وأصبحت استثناء في الأربع السنوات الماضية, والذكرى مع القفز على سور الصين تساعد في تحقيق هذا الهدف. لقد عانت الكرة السعودية كثيرا في الآونة الأخيرة, وتبدلت الوجوه وارتفعت الأصوات ومر على الأخضر مدربون كبار آخرهم الهولندي الشهير مدرب برشلونة ونجم أوروبا وأحد عملاقة الكرة الهولندية ريكارد ولكن بدون جدوى فخرج الأخضر من التصفيات الأولية المؤهلة لكأس العالم 2014 وحمل حقائبه من الدور الأول بعد الفوز على اليمن والخسارة من العراق وأيضا من الكويت, وعلى ما يبدو أن الكرة السعودية موعودة بالاخفاقات مع الأسماء الكبيرة في عالم التدريب, ولكنها ترسم السعادة على محيا جماهيرها مع المدربين المغمورين والأمثلة كثيرة من الأرجنتيني سولاري وكالديرون وانجوس وغيرهم, والأرقام والإحصائيات لا تكذب, فهي الدليل والبرهان. والأسباني لوبيز الذي قاد الأخضر عقب خليجي "21" سجل حضورا قويا في التصفيات الآسيوية الحالية ونجح في تحقيق العلامة الكاملة في أربع مباريات, وسدد فواتير كبيرة خاصة أمام العراق. الاخضر يملك مجموعة من النجوم الشابة امثال مصطفى بصاص وابراهيم غالب واحمد عسيري وسالم الدوسري ويحيى الشهري، بالإضافة الى نجوم الشباك ناصر الشمراني ونايف هزازي ووليد عبدالله، فهؤلاء بإمكانهم كتابة فصل جديد يضاف لفصول الرواية التي لاقت رواجا بين عشاقها في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي . سطور الفصل الجديد لا يجب ان تقل عن الفصول التي كتبها خليل الزياني في الظهور القاري الأول للكرة السعودية في العام 1984م بسنغافورة، او خلال حقبة البرازيلي كارلوس البرتوا بيريرا في الدوحة عام 1988، وفي العام 1996 بأبو ظبي مع البرتغالي نيلو فينجادا. الجمهور لن يقدم على قراءة رواية لن تختتم فصولها بالفرحة او على اقل تقدير تجلب نصف الفرحة لمن يقرأها، مثلما حدث بتبوؤ الوصافة في العام 1992باليابان مع البرازيلي نيلسون، والعام 2000مع ناصر الجوهر، وفي 2007 مع البرازيلي انجوس. نعود لأصل الراوية ونتوقف عند سور الصين العظيم من جديد، فهو الذي ارتسم في أكثر من مشهد سعودي كروي بالتفاؤل, والأمل أن يستمر هذا التفاؤل في لقاء اليوم, مع التأكيد أن التنين الصيني بدأ يرسم له خريطة جديدة في محطات آسيا على خطى اليابان وكوريا الجنوبية, وفوز كوانزو الصيني بلقب دوري أبطال آسيا مؤخرا مؤشر على أن بلد المليارو300 مليون نسمة وأكثر بدأ يكثر مثل جيرانه في الوقوف على قمة آسيا. السؤال .. هل تتنبه الكرة السعودية للطفرة الصينية الرياضية؟! لأن باقي المجالات لا يمكن مجاراتها وهي التي بدأت تهدد إمبراطورية أمريكا .. وكفى.