يخطف المنتخب السعودي لكرة القدم الاضواء اثناء مشاركته في نهائيات كأس آسيا وتصفيات كأس العالم لكرة القدم في انتصاراته واخفاقاته معا، لانه فرض نفسه مدافعا عن الوجود العربي فيها وندا قويا لمنتخبات آسيوية كاليابان وكوريا الجنوبية والصين وايران. صحيح ان منتخبات عربية أخرى، وتحديدا خليجية، قد تكون سبقته الى درب الانجازات على الصعيدين القاري والعالمي، لكنه منذ منتصف الثمانينات يحمل الراية العربية آسيويا، وايضا منذ منتصف التسعينات يرفعها في أهم محفل كروي في العالم. بداية انجازات العرب في كأس آسيا كانت مع منتخب الكويت الذي توج بطلا على ارضه عام 1980، وكان له ظهور بعد عامين ايضا في مونديال اسبانيا بوجود جيل ذهبي. كانت محاولة ناجحة لمنتخب العراق بالتأهل الى مونديال المكسيك عام 1986، ثم بالتتويج اسيويا في النسخة الماضية عام 2007 على حساب نظيره السعودي بالذات، ودخل “الابيض” الاماراتي على خط زعامة منتخبات عربي آسيا بتأهله الى مونديال ايطاليا 1990. لكن ل “الاخضر” السعودي حكاية مختلفة تماما، فقد دون اسمه في سجلات كأس آسيا في سنغافورة عام 1984 حين تغلب على الصين 2-صفر في النهائي، واحتفظ بلقبه في النسخة التالية في قطر عام 1988 متفوقا على كوريا الجنوبية، ثم اكد تفوقه قاريا بلقب ثالث عام 1996 في الامارات بفوزه على منتخب البلد المضيف بركلات الترجيح 4-2 بعد تعادلهما في الوقتين الاصلي والاضافي صفر-صفر، مع العلم بأن المنتخب السعودي وصل في ثلاث مناسبات اخرى الى المباراة النهائية قبل ان يخسر امام اليابان اعوام 1992 و2000، وامام العراق عام 2007. تواكب النجاح الآسيوي مع ظهور لافت لاجيال متعاقبة من اللاعبين السعوديين في تصفيات كأس العالم ادى الى تأهل الى المونديال اربع مرات متتالية اعوام 1994 في الولاياتالمتحدة حين بلغ الدور الثاني، وفرنسا 1998، وكوريا الجنوبيةواليابان 2002 والمانيا 2006. وطوال هذه السنين، كانت حكاية المنتخب السعودي مع الاجهزة الفنية تسير في خط تصاعدي مع الانجازات ايضا، فتعاقب على تدريبه عدد كبير من المدربين الاجانب، واعطيت الفرصة لمدربين محليين ايضا، محمد الخراشي وخليل الزياني وناصر الجوهر، وتشير الاحصاءات الى ان النتائج مع المدربين السعوديين كانت افضل منها بقيادة اسماء عالمية لامعة منهم البرازيليان ماريو زاغالو وكارلوس البرتو باريرا. الفشل في بعض البطولات ليس حدثا غريبا على اي منتخب في العالم بينها المنتخب السعودي الذي كان ينهض من كبوته سريعا، لكن محطة مفصلية يتخوف منها السعوديون وهي ان يكون النفق طويلا قبل اشراق شمس الانجازات مجددا. قد تشكل المباراة النهائية لكأس آسيا الماضية في جاكرتا امام العراق عام 2007 عنوانا لهذه المحطة، لكنها ليست بالتأكيد اهم من الاخفاق السعودي في التصفيات المؤهلة الى مونديال جنوب افريقيا الصيف الماضي، وليس هذا فقط، بل ان مشوار المنتخب السعودي، الذي اعتاد انتزاع بطاقته مباشرة، توقف عند الملحق الآسيوي امام نظيره البحريني في سيناريو مثير لمباراتي الذهاب والاياب. تعاقد الاتحاد السعودي لكرة القدم مع المدرب البرتغالي جوزيه بيسيرو لقيادة المنتخب خلفا لناصر الجوهر بالذات في خضم مشوار تصفيات المونديال، ففشل الاخير في قيادته الى النهائيات الخامسة على التوالي، وللامانة يجب ذكر بعض العوامل التي اثرت في ذلك ايضا كبعض الاخطاء التحكيمية خصوصا في المباراة ضد كوريا الجنوبية. ارتفعت الاصوات المطالبة بإقالة بيسيرو، لكن الاتحاد السعودي جدد الثقة به بناء على توصية لجنة الخبراء السعوديين والاجانب، الى ان اقتربت دورة كأس الخليج في اليمن التي لا يفصلها ايضا عن كأس آسيا سوى فترة زمنية قصيرة، فوقع الاتحاد السعودي ومعه بيسيرو في اخطاء غريبة باختيار منتخبين مختلفين للمشاركتين الخليجية والآسيوية، مع ضم عدد محدود ممن برزوا في اليمن الى تشكيلة الدوحة. وصل “الاخضر” الى نهائي “خليجي 20” وخسر امام “الازرق” صفر-1، فاشتعلت جبهة الانتقادات التي لم تنطفئ وانما كانت تهدأ قليلا من حين الى آخر. وقع خسارة المنتخب السعودي الاولى في كأس آسيا امام نظيره السوري كان اشبه بالصدمة، فعقد الاتحاد السعودي اجتماعا طارئا في الدوحة واقال بيسيرو على الفور واستعان بالمدرب القديم الجديد ناصر الجوهر، املا في ان تتكرر تجربة لبنان 2000 حين حل بديلا للتشيكي ميلان ماتشالا وقاده الى النهائي. تحسن اداء المنتخب السعودي في مباراته الثانية امام نظيره الاردني، لكن هدفا غريبا ايضا من بهاء عبدالرحمن ادى الى خروجه من الدور الاول للمرة الثانية في تاريخه بعد دورة الصين 2004. تبقى للسعودية مباراة اخيرة مع اليابان اعتبر الجوهر انها “مباراة مهمة بالنسبة لنا، لان الفوز على اليابان يظهر تطور مستوى المنتخب السعودي من مباراة الى اخرى”، آملا “الفوز فيها رغم الخروج من دائرة المنافسة على التأهل الى الدور المقبل”. الجوهر كان صريحا بالقول “”في الحقيقة لم نوفق في هذه البطولة، لا في الاداء ولا من حيث الاستعداد الكامل”. من دون ادنى شك ان كأس آسيا ستطوي مرحلة حزينة للكرة السعودية، لكن يبدو ان البحث سيبدأ سريعا عن مدرب اجنبي لتشكيل منتخب جديد واعداده لتصفيات كأس العالم، وبدأت اسماء كثيرة تطرح كالارجنتيني باوزا والتركي فاتح تيريم، والبعض رشحوا ايضا الفرنسي كلود لوروا المقال قبل ايام من تدريب منتخب عمان. رئيس الاتحاد السعودي الامير سلطان بن فهد عزا الخروج المبكرة للمنتخب من الدور الاول «الى اربعة اسباب هي: المدرب السابق بيسيرو ولجنة التطوير التي اوصت ببقائه والاتحاد السعودي لكرة القدم واللاعبين». واوضح «سنعالج الأمر بعيدا عن الانفعال لكي نتلافى الأخطاء التي وقعت في البطولة بهدوء تام، فالمسابقات ستستمر ولن تنتهي»، مشيرا الى ان «لجنة التطوير انتهى مفعولها واختيار المدرب سيكون من قبل الجهات المختصة في الاتحاد السعودي». تصريح الأمير سلطان بن فهد لم يمنع ارتفاع وتيرة الانتقادات إلى الاتحاد السعودي من قبل محليين ولاعبين سابقين كان لهم شأنهم في المحافل القارية والعالمية سابقا.