لم تكن مفاجأة للمراقبين الاقتصاديين الاجراءات التي اتخذت بشأن موظفي الأموال.. لقد كانت نتيجة طبيعية لمسلسل طويل عاشت احداثه شريحة واسعة من المستثمرين وموظفي الأموال بين اغراءات الثراء الفاحش ومتعة ادارة هذه الأموال الضخمة بلا رقيب ولا حسيب. لقد تسارعت الأحداث وشعر الكثيرون بقرب نهاية المسلسل ولكن ظل البعض (ان لم يكن الكثير) يتجاهل هذه التحذيرات ويقدم على المخاطرة رغبة في الارباح الخيالية, وليس المهم الآن كيف ولماذا وصلنا الى هذه النتيجة (وان كانت تستحق الدراسة والتحليل لتجنب مثل هذه الاخفاقات)؟ بل السؤال المطروح كيف سنخرج من هذه المصيبة؟؟؟ لا توجد شفافية ولا أرقام حول الأموال المستثمرة لدى موظفي الأموال ولا عدد المستثمرين ولا نعرف أين هذه الأموال وما المشاريع التي كانت تدر هذه الأرباح الخيالية؟ البعض استثمروا كل ما يملكون والبعض تمادوا اكثر بأن استدانوا الاموال لإيداعها لدى موظفي الاموال.. القضية طويلة ومعقدة ومتشابكة كالسلسلة.. ولا توجد حلول سحرية لها.. فالاعتقاد السائد هو ان الضرر قد وقع على جميع المستثمرين مع موظفي الأموال.. وقد يدعي كل من موظفي الاموال ان لديه القدرة على سداد جميع اموال المودعين, بينما التجارب السابقة تقول ان ذلك صعب جدا وشبه مستحيل لاسباب يطول شرحها, وبينما كان المودعون يمنون انفسهم بالأرباح الخيالية فهم الآن يحلمون برأس مالهم فقط وقد يرضيهم النصف اذا استطاعوا الحصول عليه.. وفيما يبدو لي انه لا يمكن تعميم الحكم على جميع موظفي الاموال فلكل طريقته الخاصة في الاستثمار وهيكلية خاصة في ادارة امواله, ولتقليل حجم الضرر وتخفيف الانعكاسات السلبية على المودعين وعلى اقتصاد المنطقة يجب على الجهات المعنية تكريس كل طاقاتها لانهاء الاجراءات المخطط اتباعها للتعامل مع الأزمة وحصر المستثمرين ومبالغ استثماراتهم واعادة ما يمكن حصره من الأموال للمستثمرين بأسرع وقت ممكن.. وقد يثار التساؤل عن كيف سيتم التعامل مع الأموال والمشاريع الخارجية وكيف سيتم تسلمها واعادتها الى المملكة؟ وهل يمكن تعاون موظفي الاموال لتسوية اوضاعهم وديا؟ حقيقة لا اعرف ولا اعرف من يعرف الاجابة.. وسنرى في الأيام القادمة فصولا مثيرة في الحلقات الاخيرة لهذا المسلسل الدرامي الحزين.. والسؤال الذي يدور في ذهني الآن هو لو خرج موظفو اموال جدد هل سيجدون مودعين يطمحون للربح السريع؟ واعتقد ان الاجابة نعم.. فهناك من لم يتعلم من التجربة وهناك من يفسرها بأنها نوع من المخاطرة وهناك من يسهل التغرير به.. لذلك اؤكد انه لا يكفي التعامل مع المشكلة بعد حدوثها بل يجب منع حدوثها.. وكذلك معرفة اسباب اقبال المودعين على الاستثمار مع مودعي الاموال وكيف يمكن معالجة ذلك, في تقديري انه لابد من العمل بقوة لايجاد القنوات الاستثمارية الكافية والمناسبة للمواطنين لاستثمار وتنمية مدخراتهم.. فالبنوك ليست خيارا للكثير من المستثمرين لاسباب لا تخفى على الجميع, والشركات المساهة ليست خيارا جيدا بسبب التذبذب والمضاربات وتدني اداء الكثير منها وقلة خبرة المستثمرين بآليات السوق.. لذلك لابد من ايجاد الانظمة والاجراءات التي تسمح بالأنشطة والشركات الاستثمارية وتقنن عملها بما يضمن حقوق المودعين وتحقيق الشفافية الكافية للمحاسبة وكذلك الالتزام بالمعاملة الشرعية.. والله الموفق. نائب أمين عام الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية