يعتبر رجل الاقتصاد عبدالله غول الذي عين امس السبت رئيسا للوزراء في تركيا، شخصية ذات خطاب معتدل، وقد قدم من الوسط التركي المحافظ. وهو ذو شخصية لامعة ومنهجية في طريقة عملها. وقد ناضل الى جانب زوجته المتحجبة من اجل السماح بارتداء الحجاب الاسلامي المحظور في الجامعات والدوائر العامة في تركيا، الدولة الاسلامية ذات النظام العلماني. وهو يتقن اللغة الانكليزية، اب لثلاثة اولاد. وسيتولى هذا الرجل البالغ من العمر 52 عاما والذي احتفظ بابتسامته حتى في الاوقات العصيبة، رئاسة حكومة يقتصر اعضاؤها على حزب العدالة والتنمية، بعد ان حقق هذا الحزب انتصارا ساحقا في الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في 23 نوفمبر. وغول نائب رئيس الحزب الذي تشكل في صيف 2001 على انقاض حزب اسلامي محظور، وهو المسؤول عن الشؤون السياسية فيه. ولد عبد الله غول في عائلة متواضعة في 29 اكتوبر 1950 في كايسيري (وسط)، احد معاقل التيار الاسلامي القوي. وقد انتخب نائبا عن المنطقة اربع مرات منذ 1991. وهو من خريجي معهد العلوم الاقتصادية في جامعة اسطنبول. والتحق بعد ذلك بمعاهد جامعية في بريطانيا، وحاز لدى عودته الى تركيا على شهادة ماجستير ثم دكتوراة في الاقتصاد. وعمل بين 1983 و1991 خبيرا اقتصاديا في بنك التنمية الاسلامية الذي يتخذ مقرا له في جدة قبل العودة الى تركيا لتقديم ترشيحه لانتخابات 1991 الى جانب رئيس الوزراء السابق نجم الدين اربكان، رائد الحركة السياسية المحافظة في تركيا والذي حظر حزبه (الرفاه) عام 1998 بتهمة ممارسة (نشاطات مناهضة للعلمانية). وبعد انتخابه نائبا، عين غول نائبا لرئيس حزب الرفاه، مكلفا بالشؤون الدولية. وقام بصفته هذه بجولات على العواصم الاوروبية وفي الولاياتالمتحدة لعرض موقف حزبه. واعيد انتخابه في الانتخابات التشريعية عام 1995، فعين ناطقا باسم اول حكومة ائتلاف في تاريخ تركيا المعاصرة، حيث تولى منصب وزير الدولة المكلف بالعلاقات الخارجية. ومن الملفات التي تولاها الملف القبرصي الشائك. وفي يونيو 1997، سقطت حكومة اربكان تحت ضغط الهيئات العلمانية المدنية والعسكرية، وحظر حزب الرفاه في مطلع 1998. وانضم عبد الله غول مع العديد من نواب الحزب الى حزب الفضيلة. ومثل غول (التيار التحديثي) في الحزب، في مواجهة (التيار المحافظ) بزعامة رجائي كوتان المقرب من اربكان. وقد هزم في المؤتمر الذي رسخ الخلافات العميقة في وجهات النظر بين التيارين، منذرا بسقوط الحزب. وحل القضاء التركي حزب الفضيلة عام 2001، بتهمة القيام ب (نشاطات مناهضة للعلمنة)، فانبثق عنه تنظيمان هما حزب العدالة والتنمية وحزب السعادة المقرب من التيار الاسلامي. وكان يمكن لعبد الله غول المطالبة برئاسة الحزب، غير انه فضل البقاء في ظل اردوغان، الرئيس السابق لبلدية اسطنبول وزعيم حزب العدالة والتنمية. غير ان هذا الاخير اعتبر غير مؤهل لتولي منصب رئيس الحكومة بعد فوز حزبه في الانتخابات التشريعية، بسبب ادانة صادرة بحقه بتهمة (التحريض على الحقد الديني). وسرعان ما طلب من غول الحلول محله على رأس الحكومة. وتمكن عبد الله غول سنة بعد سنة، بعيدا عن الادعاء والغطرسة، من ان يصنع لنفسه موقع رجل ثقة وجدية، محتفظا في الوقت نفسه بعلاقات جيدة مع الاوساط الغربية.