بعد تعديل نظام التأمينات الاجتماعية اصبح بإمكان اي موظف ان يتقاعد بعد ان يكمل 25 سنة من العمل الوظيفي والاشتراك في نظام التأمينات الاجتماعية وليس ان ينتظر حتى يبلغ الستين كما هو سابقا وبالتالي فالموظف الذي بدأ حياته العملية في سن 22 (وهم كثيرون) يمكنه ان يتقاعد وعمره 47 سنة وهو مازال في نشاطه وحيويته وهناك من يتقاعد ليرتاح من رئيسه! وآخر لمزاولة عمل خاص وربما تكون هناك اسباب اخرى مثل اجهاد العمل او القيادة لمسافة طويلة يوميا او ترك الاسرة وحدها. وقد يكون الدافع الاهم هو الرغبة في التفرغ لتربية الابناء الذين هم (رأس المال) حيث انهم سيكونون في سن المراهقة ويحتاجون الى التوجيه والعيش قريبا منه، وامام المؤثرات الكبيرة والتحديات التي تموج بها الحياة فالتفرغ للابناء والاقتراب منهم في مراحل المراهقة الحرجة وتوجيههم ومتابعتهم بالطريقة الصحيحة وليس بالرقابة التجسسية اهم بكثير من تحصيل سنوات خدمة اضافية وزيادة نسبية في عوائد التقاعد لن يكون لها قيمة اذا تعثر الابناء وضاع مستقبلهم كما ان دراسات اجريت حول متقاعدي شركة بوينج الامريكية اوضحت ان من يستمر في العمل لمدة اطول يموت في سن ابكر والاعمار (بيد الله). وان كان لفظ متقاعد ليس هو الافضل الا ان الامر المهم هو اشغال فراغ المتقاعد بما يعود عليه بالنفع والسعادة وهناك العديد من الافكار التي تقدم بشكل شبه يومي في الصحف ولكنها تحتاج الي من يتبناها خاصة وان اعداد المتقاعدين في ازدياد مطرد وجلوسهم في البيت لا يعود الا بالمشاكل مع ام العيال مديرة المنزل والتي لم ولن تحال عن التقاعد وبالطبع لا يصلح ان يكون هناك مديران لمؤسسة واحدة! في الغالب يحتاج المتقاعد الى نشاط صباحي حين يكون ابناؤه واقرباؤه في مدارسهم واعمالهم اما بعد الظهر فالخيارات كثيرة ما بين متابعة الأبناء و (نومة القايلة) وزيارة الاقارب والاصدقاء (ومكاتب العقار للعقار!) او توفير مستلزمات البيت كما ان هناك فروض صلاة متتالية وانشطة ومحاضرات ولان المتقاعد يحتاج الى ممارسة الرياضة فهو يبحث عن مكان يمارسها فيه ويلتقي فيه مع اقرانه ولدينا مقرات الاندية وهي شبه خالية صباحا نستطيع استغلالها كمراكز اجتماعية اسوة بمركز الامير سلمان بالرياض او الاستفادة من الصالات الرياضية الخاصة بسعر مخفض مدعوم او ان تقوم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية باستئجار مواقع مناسبة بتمويل من الشركات الكبرى التي سيستفيد متقاعدوها منها ولتحقيق الاستفادة المثالية يجب ان يتوافر في هذه المراكز اجهزة تمارين رياضية ومدرب رياضي واخصائي تغذية واستشاري اجتماعي لتقديم النصح والمشورة حول المشاكل الشخصية والعائلية، ويمكن البدء بمراكز تجريبية قبل تعميم الفكرة كما يجب ان توضع ضوابط ورسوم معقولة لدخول هذه المراكز باستخدام بطاقات خاصة بالمتقاعدين. بهذا يجد المتقاعد متعة جمة واستفادة كبيرة في امضاء وقته بهذه المراكز بدلا من الجلسات الفردية المملة والخلاف مع ام العيال كما انه سيستفيد بدنيا وفكريا وصحيا وذاتيا ومن اجمل الاوقات ان يتبادل الزوار الاحاديث والذكريات عن ايام الوظيفة والرئيس (النكدي) ويقرأون الصحف ويعلقون على الاخبار والمساهمات وبالطبع لن يخلو حديثهم عن (الزوجة الثانية).