تغيب المهنية الإعلامية أحياناً، وتحضر أحياناً، وهذا أمر طبيعي لمن يتعاطى الإعلام بكل قنواته وكل برامجه. حضرت المهنية العالية في قنواتنا الإعلامية في قضية نادي النصر مع فريق نادي الوصل الإماراتي إذ تناول الإعلام السعودي القضية بمنظور شرف المهنة، وحاور وناور في كل الاتجاهات بحثاً عن الحقيقة ولا شيء سواها، وقد تفوقت قناتنا الرياضية بشكل لافت إذ فتحت خطوط الحوار مع الداخل والخارج من دون أن تسقط في منزلق العاطفة مع فريق النصر، وإنما بالطرح المهذب والحوار المنطقي، ووفقت القناة في تناول القضية بشكل احترافي، ووفقت في اختيار الضيوف سواء في البرنامج الشهير « مساء الرياضية» أم البرامج المتتابعة يومياً. بينما غابت المهنية في برنامج «الجولة» الذي تبثه مجموعة راديو وتلفزيون «العرب» عندما اختارت الطرح في إطار مائل كل الميل عن «الصحف الإلكترونية»، بل وصل ضعف المهنية إلى حصر المنجز في موقع واحد فقط متجاهلاً مواقع حققت مساحات واضحة من النجاح مثل صحيفة « قول أون لاين» التي تحولت في زمن قياسي إلى مرجعية إعلامية مهنية عالية الجودة بقيادة الزميل المتمكن من أدواته « خلف ملفي». ممتع أن تتابع مهنية الطرح الإعلامي الذي وصل لمستوى عال من الجودة والمهنية، وشيء مفزع أن تصرف وقتاً طويلاً لمتابعة برنامج فضائي تغيب عنه المهنية وتتضح من ملامحه الميول أو القناعات الشخصية. لا أعلم كيف تمر على شخص بقامة محيي الدين كامل مثل هذه الهفوة الإعلامية، وكيف تم تمرير برنامج يميل كل الميل عن المهنية الإعلامية؟ وكيف وافق صناع القرار في قناة كنا نحسبها تشق طريقها بمهنية مميزة على عرض برنامج يبدأ وينتهي بعيد عن المهنية ؟ وسائل الإعلام السعودية لم تنزلق إلى سفح الحوار الممجوج في قضايا كثيرة وآخرها قضية نادي النصر العادلة، واختارالإعلام السعودي الأسلوب المهذب بصفته لغة للحوار عكس ما يتم في بعض الدول العربية التي ترفع وتيرة التوتر وتأجج الشارع الرياضي، وتقذف بالمهنية على رصيف الفوضى وساحة المعارك الطاحنة. [email protected]