الوقاية من الضربة العسكرية الأمريكية ضد العراق أفضل بكثير من وقوعها، وهذه بديهية لا يختلف عليها اثنان،فبجانب ما سوف تلحقه الضربة ان وقعت من افرازات سلبية على استقرار المنطقة وأمنها فانها قد تفرخ أوكارا جديدة لظاهرة الارهاب في العالم، وتعقد الخطوات الدولية المتخذة لاحتوائها، وازاء ذلك فان قادة وزعماء العالم دون استثناء مدعوون للتحرك بجدية لاتخاذ الاجراءات الكفيلة بدفع بغداد لتطبيق القرارات الأممية التي لاتزال معلقة وعلى رأسها السماح للمفتشين الدوليين باستئناف مهمتهم المتوقفة بالكشف عن اسلحة دمار شامل قد تكون بحوزة العراق، قبل ان تقع الفأس في الرأس وتقرع طبول الحرب من جديد في منطقة تتوق دولها للوصول الى الاستقرار بعد سلسلة من الحروب والنزاعات، واذا كان قادة العالم الكبار بين معارض ومتحفظ على اتخاذ اجراءات عسكرية امريكية ضد بغداد يحبذون تسوية الأزمة القائمة من خلال الأممالمتحدة فيتعين عليهم حث النظام العراقي على الاصغاء الى صوت العقل وتجنيب العراقيين ويلات حرب جديدة سوف يعانون منها الأمرين كما عانوا من الحربين السابقتين، فالهجوم الوقائي ان وقع مع مختلف تبريراته المعلنة يعد في جوهره سابقة دولية خطيرة ان انفردت الولاياتالمتحدة بها، غير ان من الخطأ ان تتجاهل بعض الدول القطبية الواحدة بعد انحسار الحرب الباردة وتأثيرها المباشر على اتخاذ القرارات الكبرى، ورغم جراح واشنطن التي لم تندمل بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر الفائت، واصرارها على تأديب (محاور الشر) الا ان سعي الادارة الأمريكية للحصول على موافقة الكونجرس قبل تنفيذ الضربة، وسعيها لطرح هذه المسألة على الأممالمتحدة ينمان بوضوح على اهمية عدم تجاهل الرأيين الأمريكي والعالمي، ويبقى على دول العالم أن تحث النظام العراقي على الامتثال للقرارات الأممية التي مازال يتجاهلها، وهو امر فيه مصلحة للعراق قبل مصالح دول المنطقة.