يختلف الشباب في الميول والاهتمامات والأذواق ولكنهم في النهاية يتفقون في احلامهم، فأحلام الشباب جزء من حياتهم وهو شيء جميل، فبدون الاحلام والامل لا تكون الارادة ولا يكون العمل. وقد تفاوتت احلامهم لكنها صبت في تيار واحد، وعبرت عن وجود "هم" مشترك يجمع الشباب السعودي من الجنسين.. وعبر التحقيق التالي نتعرف على بعض هذه الاحلام التي نرجو ان يحققها اصحابها في يوم من الايام.. عاجلا أم آجلا! الى ماذا يطمح شباب اليوم.. ماهي احلامهم وهمومهم؟.. هذا هو السؤال الذي طرحناه على عدد من الشباب، وجاءت الاجابة سلسلة من المفاجآت! اعترف البعض منهم بأنه يحلم ولكن احلامه تبدو مستحيلة لذا فهو لا يعمل لاجل تحقيقها لانها بلا رجاء، لكن البعض الاخر كان يحمل الوجه الاخر للعملة.. فقد ظل يعرف هدفه وطريقه ويمضي خلفه بقوة ارادة على امل ان يحطم عناد الحياة يوما! والان سنتجول في اذهان عدد من الشباب السعودي او المقيمين على ارض المملكة لنعرف اتجاهاتهم وافكارهم.. كانت البداية عند "مي الهزاع" 19 عاما، طالبة، تقول: "أتمنى ان اصبح سيدة اعمال مشهورة واتفوق في عملي على الرجال، واثبت بذلك ان المرأة تستطيع ان تنجح في اي مجال تطرقه". وتستطرد قائلة: مثل كل البنات افكر طبعا في الزواج وتكوين اسرة سعيدة، لكن هذا المشروع اؤجله للمستقبل فانا مملوءة بالطموحات والاصرار على ان اكون سيدة اعمال واتمنى ان احقق ذلك اولا خصوصا ان لدي مشروعا صغيرا سأبدأ به واتمنى ان يكبر بعد ذلك ليتحقق حلمي الاكبر. اما "هناء. ع" 17 عاما، طالبة فلديها احلام فنية بحتة! فهي لاتترك التليفزيون الا وتعود اليه بعد قليل، فهي مفتونة بالفن واهله، وتتمنى ان تتاح لها فرصة الحصول على توقيع نجمتها المفضلة "جنيفر لوبيز"، وتقول: احرص على متابعة اخر الافلام السينمائية الغربية وكل اغاني "الفيديو كليب" التي يتم تصويرها بشكل جميل، كما ان لي اهتمامات كروية فأنا أتابع كل مباريات فريقي المفضل "الهلال". وتحلم هناء ايضا بالعثور على فارس الاحلام المناسب، وترتبط به لتعيش حياة سعيدة، كما تتمنى ان تنهي حياتها العلمية بنجاح. أما "سلطان المفرجي" 25 عاما، طالب جامعي، فله رأي مختلف.. فهو يقول: كل واحد يفصل حلمه على مقاسه وحسب اتجاهاته وتفكيره وبيئته الثقافية، فالأديب الذي يخطو في بداية طريقه يحلم بان يصبح له عشرات الكتب وينال قسطا من الشهرة والانتشار، وقد يكون حلمه في بعض الاوقات ان يحصل على كتاب معين ليس موجودا هنا او ان يسافر الى مكان بعيد للاحتكاك بثقافة الشعوب.. لكن هناك من يكون حلمه الهاتف الجوال او سيارة آخر موديل.. وهناك من يكون حلمه ابسط من ذلك فهو يتمنى ان يحصل على اشياء معقولة، ولكن هناك ايضا احلام ساذجة.. فهناك شباب امنيتهم هي الالتقاء باحدى الفنانات او الفنانين او الجري للحصول على توقيع لاعب كرة!.. وعن نفسه يقول سلطان: حلمي الاهم في الوقت الحاضر ان انهي آخر سنة لي في مجال الهندسة الذي اتعبني واشغلني كثيرا، وبعد التخرج ستكون لدي بالتأكيد احلام اخرى قد تتحقق يوما، كأن أنال شهادات اعلى وان يكون لي مكتبي المستقل. "علاج الفقر إدمان العمل".. هذا هو المثل الانجليزي الذي يسير عليه "أسامة أديب"، مصري يعمل بمجال الدعاية والاعلان، يقول: بالطبع حلمي هو الوصول بأسرتي الصغيرة الى مستقبل افضل مليء بالطمأنينة، اكافح من اجل بناء مستقبل جيد.. ويضيف: اعرف جيدا انه لا مجال في هذا الوقت للاجتهادات.. والموهبة وحدها لا تستطيع ان تقدم شيئا، بل ان العلم والاطلاع على احدث الوسائل التكنولوجية هو الطريق الامثل لمجاراة العصر، لذلك تحقق حلمي الاول بتعلم الكمبيوتر والتوغل في برامجه، ولكنني اطمح لان اكون ناجحا جدا في مجال الدعاية والاعلان الذي يعتبر حاليا احد المجالات الخصبة في عالمنا الحالي.. وكما اشار الاخ سلطان، فهناك من الشباب من لديه احلام معقولة، وهذا ينطبق على "ح.م" 16 عاما، والتي تقول: اتمنى ان اكبر واعمل ليكون لدي راتب شهري ورصيد في البنك. وتضيف: أمي لا تبخل علي بشيء اريده وكذلك ابي ولكنني احلم بالاستقلالية والشعور بالمسؤولية، ومتعة الشراء من مالي الخاص.. وتقول "أم فيصل" 27 عاما، ربة منزل: لم اتصور أبدا ان اكون مليونيرة، ولا اهتم كثيرا بالتفكير في المستقبل، لكنني ادعو الله دائما بالستر والحياة السعيدة دوما. وتواصل: لأنني لا اعمل فان احلامي يحققها زوجي، فهو الذي يكافح من اجل تحسين اوضاعنا المادية، احيانا اتمنى ان اعمل واشاركه في التعب والجهد، واحيانا اخرى احس بان تربية ابني بصورة جيدة حلم لا يقل اهمية.. لكنني مثل كل السيدات احلم بالمجوهرات وبمزيد من الملابس الأنيقة.. وهي في تصوري احلام متواضعة للغاية!. في حين تقول "نوال": معلمة في إحدى المدارس الابتدائية: احلم بان اكون مديرة مدرسة واتمنى ان يكون بيدي يوما القرار النهائي، ولكني اعرف ان ذلك لا يأتي إلا على درجات.. وأنا الآن في بداية السلم.. وتضيف: لقد تحقق حلمي الكبير بالزواج.. وبالطبع اتمنى ان انجب عددا من الاطفال وان اعيش حياة هادئة وبعيدة عن الخلافات، فأنا مسالمة بطبعي وأميل للهدوء. ولا تختلف "هنادي" كثيرا ربة منزل فتقول: حلم اي بنت في سن العشرين هو الزواج والانتقال الى حياة جديدة، وحتى التي لا تقول ذلك فانه لدواعي الخجل والعادات والتقاليد. وتستطرد قائلة: بعد الزواج تتركز احلامنا في تربية الاولاد بشكل صحيح وهذه سنة الحياة، اما اللاتي يبحثن عن الملايين والاحلام الكبيرة فانهن يعشن في عالم مختلف عن عالمنا!.. وفي النهاية يفسر الدكتور "ايهاب جلال" الطبيب النفسي التباين والاختلاف بين احلام الشبان والفتيات فيقول: يختلف الحلم الذي يراود كل شاب عن الاخر حسب تكوينه الثقافي والفكري وحسب بيئته الاجتماعية التي ينشأ فيها، فالفقير يحلم بالمال، والغني يحلم بمزيد من الثراء، المثقف يحلم بعالم اكثر مثالية، وصاحب النصيب الاقل في الثقافة يحلم بأمور قد تبدو ساذجة لكنها من وجهة نظره مهمة للغاية. "الحلم" في علم النفس هو الشيء الذي يسعى اليه الانسان ويتمناه، وكل البشر لديهم احلام صغيرة وكبيرة، بل احلام عامة وخاصة، فهناك احلام على صعيد الشخص نفسه واحلام على صعيد اسرته واحلام اخرى على صعيد الوطن او عالمه الاكبر. ويضيف د. جلال قائلا: يلجأ الانسان للاحلام للتنفيس عن اشياء يريدها ولاتتحقق في الواقع، فاذا كان موظفا صغيرا يعاني قهر المدير.. لاشك انه يتمنى ان يكون ذات يوم المدير حتى يرد على الضرر الذي لحق به. لكن هناك نوعين من الاحلام.. الاول، احلام مشروعة ومعقولة، وهي التي يمكن تحقيقها في عالم الواقع، والثاني، احلام مستحيلة لا يمكن ان تتحقق أبدا في ارض الواقع والاخيرة ما يسمونها الخيال لانه يكون اوسع وارحب من الحلم. وفي تصوري ان "الحلم" شيء ايجابي.. لان الانسان لايستطيع ان يعيش بدونه، بل ان كل ما يتحقق للانسان يبدأ اولا وكأنه حلم ثم يتحول مع الاصرار الى حقيقة، والحلم يولد في الانسان نوعا من النشاط والهمة ويساعد على اجتياز الواقع الذي يعيشه لانه يتصور دائما ان القادم سيكون افضل. ولامفر من اختلاف الواقع من شخص الى اخر ومن مجتمع الى اخر.. فهذا كله يعود كما قلت للظروف الاجتماعية والثقافية التي ينشأ فيها كل منا.. المهم ان نظل نحلم فهذا حق مشروع للجميع.