كتبت في مذكراتها الشخصية تقول: "في كل مرة كنت أغمض عينيي قبل الزواج.. كنت أتخيل هذا الرجل الوحيد في العالم، الذي سيأتي ليصطحبني معه إلى حياة مختلفة، أستطيع من خلالها أن أعيش مراحل متنوعة وقفزات جميلة، وأن أتغيّر إلى الأفضل، كنت دائماً أفكر كيف سيكون شكل النقاش الحميم بيننا؟، كيف سيكون طعم اليوم برفقته؟، كيف ستكون رائحة المنزل الصغير الذي سنبنيه بالحب والتفاهم والتقارب؟، وكيف نُعطي أطفالنا القيم والتوازن في كل شيء، حتى فيما يشعرون، وفيما يقررون، وفي المقابل يقدمون لنا الانتماء والجزئية التي تلتصق بنا كزوجين".. كان ذلك حلم قبل الزواج، كان كل شيء وردي وخلاّب، واليوم أعيش مع زوج كأنني اكتشفه للمرة الأولى، زوج لم أعرفه ومازلت لا أعرفه، كل يوم أكتشف فيه شيئاً جديداً، كل يوم أقع رهينة خوف آخر، وفي كل يوم أنظر إليه أرى وجهاً مغايراً للوجه الذي كان يرتديه في الليلة الماضية، تزوجت به وقد قالوا لي بأنه رجل مختلف، متعلم، ناجح في عمله، متوازن، يحترم الحياة الزوجية، لكنني حينما منحت هذا الرجل حياتي، اكتشفت أنني لا أعرفه وأن أُسرتي لم تكن تعرفه، زوجي له سهراته الخاصة، وعالمه الخاص الذي يتحول فيه إلى رجل أخاف منه كثيراً، كل يوم يمر في حياتي الزوجية أشعر بالبرد والخوف أكثر، كيف اختلف هذا الرجل بعد الزواج؟، وكيف لي أن أعيش مع زوج لم يعد يطابقني في القيم؟، كيف أكمل الطريق معه بعد أن تخيلت أنه فارس أحلامي واكتشفت بعد الزواج أنه الرجل الذي شوّه تلك الأحلام!. وتُصدم الكثير من النساء بعد الزواج بصورة الرجل، ويكتشفن أخطاءه وعيوبه، وربما جاهر الزوج بها دون أن يخجل، وهو يعلم أن زوجته لا تستطيع أن تفعل شيئاً حيال تلك الحقيقة؛ لأنها ببساطة أصبحت شريكة حياته، فتقف حائرة في حياة لا تعرف كيف تكمل الطريق فيها؟، وكيف تُنهيها؟، تبقى تحاول أن تساعد ذلك الزوج حتى يتغير إلى الأفضل، لكن الزوج هنا يعترف ويصر على الأخطاء!. إن ما نسمعه بين فترة وأخرى عن حصول بعض المشاكل الزوجية، نتيجة عدم اتضاح الرؤية للفتاة قبل الزواج، يُحتم وجود مكاتب مهمتها السؤال عن المتقدمين للزواج، وحينما يتقدم الشاب لخطبة فتاة يرجع الأب إلى هذه المكاتب لتساعده على معرفة كل شئ عنه، كما أنه من المهم إعادة النظر في طريقة صياغة عقود الزواج، فكما يُكتب المهر والشروط والمؤخر، لابد أن توضع اشتراطات يعود إليها الزوجان بعد الزواج إذا ما أصبح هناك إخلال بها، إضافةً إلى أنه لابد من وجود لقاءات كثيرة بالشاب المتقدم قبل "عقد القران" وفي ضوء الأسرة، حتى يتم معرفة الرجل عن قرب، خاصةً أن هناك أموراً لا تُكتشف إلاّ بالاتصال المباشر مع الخاطب. اشتراطات عقد النكاح تبقى على الورق بعد الزواج مسؤولية الأسرة وقالت "نبيلة يوسف": إن المرأة كثيراً ما تكون ضحية حياة زوجية غير متكافئة مع رجل تزوجت به، وبنت عليه آمالاً كبيرة ثم خيّبها، مضيفةً: "حتى بعد أن تكتشف أنه كان يخفي عليها الكثير من الأمور السلبية التي يفعلها في الخفاء، فإنه لا يحاول أبداً أن يُبدي خجله من ذلك، بل إن البعض يقترف الأخطاء الكبيرة ويواصل في طريقه دون خجل، وربما طلب منها أن تساعده على ذلك"، مبينةً أن هناك خللاً كبيراً في طريقة الزواج في المجتمع، فمازالت النظرة القاصرة التي تدور حول مبدأ "الرجل لا يعيبه إلاّ جيبه"، فحينما يتقدم الرجل لخطبة فتاة فإنه يسأل عن وظيفته وعن دخله المادي!، مُشددةً على أننا بحاجة إلى تغيير طريقة الزواج، لابد أن يكون هناك وضوح، وأن يحدث التقارب الفكري والقيمي في الحياة الزوجية. وأضافت: المرأة قد تعيش بقيمها طوال حياتها، وحينما تتزوج برجل لا قيم له ولا أخلاق قد يغيرها، فتتحول حتى تشبهه، وذلك ما يحدث في واقع بعض النساء، مؤكدةً على أن تلك مسؤولية الأسرة التي عليها أن تتأكد من الرجل المتقدم للزواج قبل أن تسلمه حياة أبنتهم. الفتاة تضع أحلاماً وردية قبل الزواج ثم تنصدم بواقع آخر قسوة شديدة وأوضحت "سمية عبد المنعم" أنها عاشت مع زوج كانت تثق به كثيراً، حتى لاحظت أن لديه أعمالاً غريبة يحاول أن ينمي من خلالها ماله، وحينما حاولت أن تفهم مدى مصداقية شكوكها، أعترف زوجها أنه يحاول تحسين دخله بتلك الطريقة حتى يمنحها حياة جيدة، تتوفر فيها جميع مسوغات الرفاهية، مضيفةً أنه حينما حاولت أن تثنيه عن ذلك الطريق أصبح يتعامل معها بقسوة شديدة، ويهددها بالطلاق، وأخذ طفلها منها، مشيرة إلى أنه غالباً ما يكون موقف الأسرة غير إيجابي، فحينما لجأت إلى أسرتها وأخبرتهم بما أعترف به وما عرفته عنه نصحوها أن تصبر وتربي أبنها، مؤكدين عليها أن لكل رجل عيوبه وأخطاءه، ولابد أن تستوعب ذلك في زوجها، فيوماً ما سيتغير ويدرك الخطأ ويتوب، وذلك أفضل من الطلاق، متسائلةً: ماذا تفعل المرأة حينما تكتشف عيوب أو أخطاء كبيرة ومفجعة في زوجها، ثم يطلب منها أن تتقبل تلك الكوارث وتواصل الحياة معه؟. وجود مكاتب وقال "د.سعود الضحيان" -أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة الملك سعود-: إن الزواج في مجتمعنا يُبنى على رؤية شخصية لوالدي العريس أو العروسة، وهذه الرؤية تختلف من شخص إلى آخر، كما تعتمد على رؤية العروسة ومدى تصورها للرجل الذي ترغب بالزواج به، مضيفاً أنه يوجد هناك تهاون من قبل الآباء بالسؤال عن خاطب الفتاة بشكل دقيق، فهناك من إذا وجد الخاطب لديه وظيفة جيدة أو ثري فإنه يعتقد أنه الرجل المناسب، وبعد الزواج تتضح الحقائق، فيكتشف أن لديه سهرات، أو أنه يتعاطى المخدرات، فتصبح الزوجة ضحية، والسبب قصور السؤال عن هذا الرجل بشكل دقيق، داعياً إلى ضرورة أن يتم تبني فكرة وجود مكاتب يُبنى عملها على مجال التقنية، مهمتها السؤال عن المتقدمين للزواج، فحينما يتقدم رجل لخطبة فتاة يرجع الأب إلى هذه المكاتب لتساعده على معرفة كل شيء عنه. وأضاف أن هناك من يسأل عن خاطب ابنته من خلال الأماكن التي يسهر بها، ومن الممكن أن يعطي حارس الاستراحة مبلغ من المال ليوضح له كل ما يعرفه عن الشاب، أو كل ما يفعله، وكيف هو سلوكه، فيقدم الحارس معلومات دقيقه عنه. كتابة اشتراطات وتأسف "د.الضحيان" على أن المعلومات غير الدقيقة لم تعُد تتعلق بالشاب المتقدم للزواج، بل أن هناك عدم رؤية في المعلومات المتعلقة أيضاً بالفتاة، فتظهر بعد الزواج بالشكل غير الحقيقي، فكل شيء فيها صناعي، خاصةً بعد الصيحات الأخيرة من "الموضة"، التي أصبح هناك "رموش" تركيب ووصلات شعر تركيب ونفخ وشد، حتى أصبح هناك زيف في المظهر، وكذلك على مستوى السلوك، مضيفاً أننا في وقت أصبح الكشف عن الحقيقية صعباً جداً، سواء من قبل الرجل أو المرأة، مطالباً بإعادة النظر في طريقة صياغة عقود الزواج، فكما يكتب المهر والشروط والمؤخر، لابد أن توضع اشتراطات يعود إليها الزوجان بعد الزواج إذا ما أصبح هناك اخلال بتلك الشروط، كأن يكتب أن لا يكون الزوج يتعاطى المخدرات أو أي شيء آخر، مشيراً إلى أنه على سبيل المثال تعاطي المخدرات لا يتم اكتشافه إلاّ بعد الزواج، فلماذا لا يكون هناك تحليل قبل الزواج يكشف عن ما يتناوله المتقدم وما لا يتعاطاه. اللقاءات الأسرية قبل الزواج تُساعد الطرفين في معرفة بعضهما جيداً لقاءات كثيرة وأوضح "د.الضحيان" أنه مع الأسف حينما تكتشف الزوجة عيوب زوجها أو بعض الأمور السلبية التي يعملها بالخفاء فإنها هنا لا تستطيع أن تفعل شيء؛ لأن بنود العقد للزواج لم تتضمن شيئاً، ولا تخدمها في ذلك، لكن حينما تكون هناك بنود يتضمنها عقد الزواج، فإن ذلك قد يحمي الزوجة، مُبيناً أنه لا يجب أن تلام الزوجة من قبل المجتمع أو الأسرة إذا مارغبت أن تنفصل عن رجل لا يتوافق معها في القيم أو اكتشفت عنه أمور سلبية، متأسفاً أنه في القضاء لا يتم مراعاة الزوجة في الحكم إذا ما رغبت أن تنفصل عن زوجها لاختلافات قيمية، أو اكتشفت أنه بخيل أو كاذب؛ لأن تلك أمور صعب التحقق منها، مؤكداً على أن الزواج في النهاية هو مصير لا يتم الكشف عنه إلاّ بعد التجربة، فإمّا أن يسعد الإنسان بذلك المصير أو يتعس في حياته. وشدّد على ضرورة أن يتم إعادة النظر في طريقة الزواج لدينا، فلابد أن يكون هناك لقاءات كثيرة بالشاب المتقدم قبل عقد القران، ولابد أن يحدث اللقاء المباشر بين الفتاة والشاب، وأن يحدث الحديث بينهما والنقاش في حضرة الأسرة، حتى تتم معرفة الرجل عن قرب، خاصةً أن هناك أموراً لا تكتشف إلاّ بالاتصال المباشر مع الخاطب، فربما يكون مريض نفسياً ولم يخبر بذلك، إذ إن التعرف عليه لابد أن يكون من نواحٍ عدة، اجتماعي وديني وأخلاقي، حتى تكون الصورة قبل الزواج واضحة.