للتعب حسنة وحيدة تعيها قيمة الراحة في حياة منهكة في أحسن حالات رأفتها،ورأفة أفضل أيامنا يشيع صيت كرمها السخي وهي تغدق علينا قساوتها بألم لين الوجع والمشقة.. وهذا شعور يكتنفني ولا أعلم عن مدى تأثير طول المدى بيننا من علاقة شكلت ملامح ظهوره في داخل أعماق جسد النحيل، المأسور بين سراب جوع الصحراء وعطش ماء البحر من أول نهاية الأمل إلى آخر بداية اليأس وعقارب الزمن لا ترحم مواعيد الحلم أو مواطن الوجع.. وتمضغنا أفواه الترحال ونشرب العلقم سكراً، كغربة لا مفر منها إلا لها.. ومنظر الأشجار الميتة يوهمنا وقوفها على صدر الريح بأنها مازالت حية تنتظر دموع السماء عندما تسقط رحمة وشفقة بقحط الأرض كي ترتوي منها.. بينما هناك، أقصد هنا حيث العزاء بسقوط الأوراق التي داهمها الخريف كونه أحد أبناء فصول السنة، لا يأبه ثمة صوت يغني رحابة الفضاء وخضرة الأفئدة المعشبة فرحاً بموت أحلام ماتت لأنها تحققت لمن كان يحلم بها ذات يوم.. وتمضي شوارع المدينة بلا أقدام وتنام عيوني في السهر حتى تفيق أشعة الشمس وهي في طريقها إلى شموخ فلاح يكابد نار انتظار موسم حصاد حنطته على مضض الزمن من جلده ومن رائحة الطين التي عطرت ملابسه المهترئة وهو يغتسل بعرق جسده.. ولكن وفي كل الحالات، نظل سائرين في ركب الحياة سواء في الاتجاه الصحيح أو المعاكس، لتكتبنا أيامها ويقرأنا التعب درساً قيماً للراحة!! @@ قبل الأخير.. محمود درويش يقول: سجل أنا عربي ورقم بطاقتي خمسون ألفا وأطفالي ثمانية وتاسعهم، سيأتي بعد الصيف.. فهل تغضب؟! @@ الأخير.. لا تسأليني ليه أنا: ضايق البال؟! لا صرت أنا ماني عن الحال داري!!