من أغرب ما سمعت، مناهضة سياقة المرأة للسيارة خوفاً عليها من المتحرشين! ليس بوسع أحد نفي وجود مَن يتحرش بالنساء ويضايقهن، لكن هل من الإنصاف تصوير مجتمعنا بأنه مجتمع يسيطر عليه المتحرشون وأن مسعوري الجنس يعيثون فيه فساداً؟ هل في ذلك إنصاف لنا كمجتمع أو لشبابنا؟ وهل يُعقل أن يُعمم البعض -إما بجهل أو بمكافيلية- صفة التحرش على شبابنا ويصورونهم بأنهم ذئاب مفترسة تهرول ما أن تلمح فتاة من بعيد، والذئب لا يهرول عبثاً! وهل يصح، ليُقَبِح البعض سياقة المرأة للسيارة، أن يصبغ مجتمعنا برمته بلون التحرش المهين؟ هذا أمر غير مقبول. نعم، هناك مَنّ يتحرش ويتمادى في ذلك، لكن هل نوظف يجدر بنا العمل على تعزيز تطبيق نظام الحماية من الإيذاء بتعديل النظام -رغم أنه صدر للتو- بإضافة عقوبات زاجرة وتحديد جهة قَيّمة تملك الصلاحيات وبذلك نقمع المتحرشين دون أن نمنع المرأة من التنقل ونذود عن سمعة مجتمعنا فالتحرش ليس من شيم من يطأ هذه الأرض الخوف من التحرش كفزاعة فتبقى المرأة في المنزل لا تبرحه؟ علينا كمجتمع أن نَفعَل المزيد لردع من يتحرش أو يتعدى على الفتيات لا أن نجعل الضحية تدفع الثمن. النقطة هنا أن تعميم صفة التحرش على فتياننا أمر غير منصف، فمن فتياننا -على سبيل المثال لا الحصر- الكشافة الذين يتطوعون لارشاد وخدمة حجاج بيت الله الحرام، ومن شبابنا الرياديون الذين يدقون الأبواب لتنفيذ مشاريعهم، ومنهم من يذرعون البلاد بحثاً عن باب رزق، ومنهم من يقف ساعة الافطار ليسقي صائما ويقدم له تمرةً. ومع ذلك فالردع الزاجر لابديل عنه لمن يتحرش؛ أذكر مثلاً كيف نشط «المتحرشون» إبان افتتاح أحد أكبر المجمعات التجارية في الخُبر، وكيف تمكنت السلطات من كبح جماحهم بعدم التسامح. علينا أن نتذكر دائماً، أننا كنا صغاراً يافعين يوماً وكانت قلة منا تتحرش وتلاحق وتعاكس أما الأغلبية فلم يك ذلك ديدنها، هذا ما علينا أن نتذكره دائماً، ولا أظن أن فتيان اليوم أصابهم سعار من نوع أو آخر، ولم نكن -عندما كنا فتياناً- في مدينة فاضلة خالية من السراق والمتحرشين والساعين في الايذاء والتجاوز. لنعمل إنطلاقاً من الواقع؛ فننظر في نظام الحماية من الإيذاء، الذي صدر مؤخراً، والذي كان في الأساس نظاماً للحماية من «التحرش»، وهذا ما رشح من نقاشات مجلس الشورى في العام الماضي. ورغم أن مما يؤخذ على النظام أنه لم يضع تعريفاً مقنناً لما يمكن اعتباره إيذاءً، ولم يحدد جهة بعينها لتنفيذه، إلا أن صدور النظام خطوة ارتكازية في الاتجاه الصحيح. حالياً، يجدر بنا العمل على تعزيز تطبيق نظام الحماية من الإيذاء بتعديل النظام -رغم أنه صدر للتو- بإضافة عقوبات زاجرة وتحديد جهة قَيّمة تملك الصلاحيات وبذلك نقمع المتحرشين دون أن نمنع المرأة من التنقل ونذود عن سمعة مجتمعنا فالتحرش ليس من شيم من يطأ هذه الأرض، ولا ينبغي أن يكون، ولا يجب أن نسمح لأحد أن يتقمصه ولا أن يمارسه هنا، فهو للوضاعة صنو. ihsanbuhulaiga@ تويتر