ما زالت تتوالى توابع زلزال حلقة “تحليل الربا” أو “زيد أخو عبيد” من مسلسل طاش التي جاء فيها أن الربا لا يجري في الأوراق النقدية، وأن ما تقوم به البنوك الربوية من الاقتراض بالربا والإقراض بالربا أمر جائز وليس من الربا المحرم، ثم التلبيس على الناس – وهنا مكمن الخطر – أن هذا القول قول الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي، بل هذا ما يراه الشيخ ابن باز ومحمد بن إبراهيم وما يراه الظاهرية بل كما قالوا هذا الذي عليه المذاهب الفقهية الأربعة. وقد فند الدكتور عبد العزيز الفوزان هذه الادعاءات في حلقتين متتاليتين من برنامج “الركن الرابع” على قناة الإخبارية منذ أيام، موضحا إجماع أهل العلم على أن ربا القروض يجري في جميع الأموال، وممن نقل الإجماع ابن المنذر وابن قدامة وابن تيمية، هذا قي القديم، وحديثا أجمعت المجامع الفقهية على أن الربا يجري في القروض التي تتعامل بها البنوك، ورغم كل ذلك فإن هناك من لا يزال يُلبس على الناس عندما يخلط بين ربا البيوع الذي وقع فيه شيء من الخلاف، وبين ربا القروض المجمع على تحريمه. وفي حديثه لقناة دليل من خلال برنامج “فتوى” في 26 رمضان 1432 أعاد د. الفوزان تأكيده أن ما ورد في المسلسل كذب صُراح أمام الملايين من البشر، ونقل عن عدد من كبار الأساتذة في مجال الاقتصاد الإسلامي التقاهم في ندوة البركة المصرفية في جدة في العشر الأول من رمضان الحالي أنهم قالوا: كيف تسكتون عن مثل هذا التجني والطعن في ثوابت الشريعة ومُسلمات الدين، بل قال اثنان منهم: والله لو كان هؤلاء عندنا لأقمنا عليهم دعوى قضائية احتسابية لأنهم يطعنون في أمر مُجمعِ عليه من الفقهاء. ونبه د. الفوزان إلى ما صدر عن خادم الحرمين الشريفين بوجوب قصر الفتوى على هيئة كبار العلماء وعلى أمثالهم، فكيف يأتي بعض الكتبة وبعض الممثلين والمهرجين ويطعنون بأهل العلم وأنهم لا يفقهون وأنهم لا يدرون أن الغطاء الذهبي رُفع عن النقود منذ عام 71 أو 73 ، وتمنى د. الفوزان من أهل الغيرة والقدرة أن يقيموا دعوى احتسابية على هؤلاء الذين يشككون الناس في دينهم ويثيرون البلبلة في صفوفهم ويطعنون في إجماع علماء الأمة وأيضاً يطعنون في كبار العلماء. البحث عن الشهرة وقال د. الفوزان: وجدت مقالاً للدكتور حمزة السالم وهو الذي تبنى هذه الفكرة منذ زمن وأخذ يكتب عنها وقد تجاهله العلماء لأنه ليس متخصصًا ولا معروفًا بالعلم الشرعي، وكان العلماء يقولون: الناس يعرفون من أين يأخذون دينهم، أي يأخذونه عن العلماء الثقات الربانيين المعروفين بالرسوخ في العلم والورع والدين وليس عن هذا الكاتب وأمثاله، لكنه – أي السالم – لما تركه العلماء ولم يردوا عليه أخذ يطعن في نياتهم ومقاصدهم وأنهم يبحثون عن المال على حساب الدين ويخدعون الأمة ويكذبون عليها، حتى أنه قال في إحدى مقالاته: أقول لهم قال الله ورسوله ويقولون قالت المجامع الفقهية. يقول د. الفوزان: فأي غرور أكبر من هذا الغرور وأي جهل أعظم من هذا الجهل، من أنت يا أخي حتى تُجهل المجامع الفقهية التي تعتمد الاجتهاد الجماعي لكبار علماء العالم الإسلامي كله والمجامع الفقهية التي أجمعت على تحريم الربا وأن الربا يجري في القروض التي تتعامل بها البنوك. وتأسف الفوزان لما ورد في عدة مقالات لحمزة السالم يطعن في سماحة الشيخ العلامة عبد الله المنيع عضو هيئة كبار العلماء وهو إمام في مجال الاقتصاد الإسلامي، ويتقصده بشكل عجيب ويكتب عنه كلامًا لا يليق بواحد من عوام المسلمين فضلاً عن علمائهم بل من كبار علمائهم ومن المتخصصين في هذا الشأن وأفنى عمره في هذا المجال. وعتب د. الفوزان على الصحيفة التي نشرت مثل هذا الكلام، فكثير من هؤلاء الذين يطعنون في كبار أهل العلم يريدون أن يتسلقوا على أكتاف العلماء وهيئة كبار العلماء وكبار المشايخ ويريد الشهرة، لكنها شهرة على مذهب الأعرابي الذي بال في الكعبة فلماء أُخذ وضٌرب وقيل له قاتلك الله كيف تفعل هذا قال أُريد الشهرة، فأي شهرة عياذا بالله التي تكون بالطعن في ثوابت الشريعة ومسلمات الدين؟! ابتغاء الفتنة وكان د.حمزة السالم قد اتهم د. الفوزان حين أثنى أيضًا على التوجه العالمي للاقتصاد الإسلامي والمصرفية الإسلامية بأنه يريد أن يكون عضواً في الهيئة الشرعية هناك في بريطانيا أو فرنسا، ورد الفوزان: أنه بدلا من شخصنة الموضوع واتهام النيات كان الأجدر الرد على الاعتراضات التي ذكرتها وأهمها أمران: الأول أني قلت أن العلماء مجمعون قاطبة قديمًا وحديثًا على تحريم ربا القروض وليس ربا البيوع الذي تلبس به على الناس وتكذب عليهم مع الأسف وأنت متخصص في الاقتصاد يُفترض على الأقل أن تعرف الفرق بين ربا القرض وربا البيوع، لكن نفترض أنك جاهل لعل الله أن يعفو عنك لجهلك، ربا القروض هذا يجري في جميع الأموال، وقد ذكر الإجماع عليه ابن المنذر وابن قدامة وابن تيمية وغيرهم، والثاني أن هذا الرجل وأمثاله يسلكون مسلك أهل الزيغ والظلال الذين حذرنا الله عز وجل منهم في كتابه قال الله عز وجل {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ...} يعني تفسيره على غير مراد الله منه الله سبحانه وتعالى. وفي معرض رده على استشهادات السالم بأقوال بعض أهل العلم بين د. الفوزان أن هذا الكلام الذي ذكره عن ابن حزم والمشهور في مذهب الحنفية والحنابلة وما أيضاً قاله الشيخ السعدي هو في ربا البيوع وليس ربا القروض، وأن هؤلاء الذين ذكرهم كلهم وغيرهم من علماء الأمة قديمًا وحديثًا مجمعون على أن ربا القروض يجري في كل الأموال. كذلك فكل الناس يعرفون كلام سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وقبله سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم في تحريم الربا وإنكارهم على البنوك الربوية وكتبهم في ذلك وفتاواهم منتشرة في الآفاق، وقال الفوزان أن هذا من أبطل الباطل وأشد التجني والكذب على الدين وعلى العلماء وعلى الأمة أن يخادع الناس بهذا الشكل وصدق الله عز وجل { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} لماذا يا ربنا يفعلون هذا؟ قال: { ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ }. وتمنى الفوزان من هيئة كبار العلماء أن تقيم دعوى على هؤلاء فكما أن الطبيب الجاهل يجب الحجر عليه لأنه يفسد أبدان الناس ويضر بهم فالذي يفسد أديان الناس أولى بالحجر والمنع. وشدد د. الفوزان على وجوب تلقي العلم من أهله، وحذر مما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله “لا تقوم الساعة حتى يتكلم الرويبضة قالوا: يا رسول الله من هم الرويبضة؟ قال الرجل التافه_هذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم_ يتكلم في أمر العامة”.