وتيرة أحداث متسارعة في منطقة البحر المتوسط، أتبعت ما يراه خبراء عسكريون تصعيدا من الجانب التركي بعقد اتفاق عسكري واقتصادي مع حكومة السراج، ظهرت خلاله نوايا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باستهداف ثروات الغاز بالتنقيب في مياه البحر المتوسط، وخاصة بعد إعلانه رسميا نية تركيا في إرسال عسكريين إلى ليبيا. أعقب ذلك تصريحات على الجانب الآخر من كل مصر واليونان وقبرص برد شديد اللهجة، بعد إدانة الاتفاقية بين تركيا وحكومة السراج ووصفها بالباطلة، لكن تصاعد الأزمة يوما تلو الآخر أثارت تساؤلات بشأن نشوب مواجهات عسكرية بين الجانبين. منذ أيام نشرت وسائل إعلام يونانية صورا تكشف رصد طائراتها للقطع البحرية التركية في البحر المتوسط، ما أثار ارتباك الأتراك، لكن ظلت الردود الرسمية متوارية خلف تصريحات سياسيين ودبلوماسيين أتراك على مواقع التواصل الاجتماعي دون تصعيد. في الوقت الذي أعلن فيه الجيش المصري تنفيذ تدريبات في البحر الأبيض المتوسط. وقال الجيش في بيان له إنه فى إطار تنفيذ الخطة السنوية للتدريب القتالي للقوات المسلحة، نفذت القوات البحرية المصرية عدداً من الأنشطة القتالية ذات النوعية الاحترافية والتى تهدف إلى فرض السيطرة البحرية على المناطق الاقتصادية بالبحر وتأمين الأهداف الحيوية فى المياه العميقة . وذكر بيان الجيش المصري أن تشكيلا بحريا قتاليا يتكون من وحدات بحرية ذات تنوع قتالي، وعلى رأسها إحدى حاملات المروحيات طراز (ميسترال) ومجموعتها القتالية نفذ عددا من الأنشطة القتالية والتدريبية بمسرح عمليات البحر المتوسط. وتضمنت تلك الأنشطه قيام إحدى الغواصات المصرية بإطلاق صاروخ مكبسل عمق سطح طراز (هاربون) وهو صاروخ مضاد للسفن ويصل مداه إلى أكثر من 130 كم. وأكدت نجاح عملية إطلاق الصاروخ (عمق سطح) من الغواصة بعمق البحر، وفق بيان الجيش، مدى الاحترافية التى وصلت إليها القوات البحرية المصرية وأطقم الوحدات والتشكيلات المقاتلة. دبلوماسيا صعدت كل من مصر واليونان وقبرص لدى الأممالمتحدة لإدانة التحركات التركية في البحر المتوسط من ضمنها الاتفاق العسكري والاقتصادي مع حكومة السراج، في الوقت الذي يخوض فيه الجيش الليبي معارك ضد ما أسماها المليشيات الإرهابية في طرابلس، أعقب ذلك أوامر عليا باستهداف أي قطعة بحرية تركية. التصعيد المستمر من كافة الجوانب، والذي شمل التلويح بالتدخل العسكري، فيما يحمي كل طرف من الأطراف مصالحه الاقتصادية في البحر المتوسط، وتحاول تركيا استهداف ثروات ليبيا من جهة أخرى ينذر بمواجهة ربما تكون أقرب مما يمكن التنبؤ به. مشاورات مصرية قبرصية لردع تركيا أعلنت وزارة الخارجية المصرية، الأربعاء، أنها استضافت جولة مشاورات سياسية مع قبرص، تطرقت إلى ملفات عدة منها الأزمة الليبية، والتصدي لتركيا. وشارك في المشاورات مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية بدر عبد العاطي، والسكرتير الدائم لوزارة الخارجية القبرصية ساسو زينسي، إلى جانب عدد من مساعدي ونواب مساعدي وزير الخارجية للشئون الاقتصادية والأوروبية ومياه النيل وليبيا. وتطرقت المشاورات إلى كافة موضوعات التعاون بين البلدين وأوجه التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان، وكذلك القضايا المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية. وأكد السفير عبد العاطي الإرادة السياسية الجادة لدى قيادتي البلدين لمزيد من تطوير العلاقات بين البلدين في كافة المجالات بما يخدم مصالح الشعبين، لا سيما موضوعات الاستثمار والتجارة والسياحة. وتطرقت المشاورات إلى التعاون بين البلدين في مجال الطاقة واستغلال الفرص المتاحة في ضوء دور مصر المتميز على خريطة الطاقة العالمية والجهود التي تبذلها الدولة لتحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة في أعقاب اكتشافات الغاز الأخيرة في شرق المتوسط، وتوقيع اتفاقية مد أنابيب غاز بين قبرص والمستودعات المصرية، فضلا عن التوقيع على الاتفاق الإطاري للربط الكهربائي بين مصر وقبرص في مايو 2019، وما يمثله ذلك من أهمية كبرى في الربط بين القارتين الإفريقية والأوروبية. وتناولت المباحثات أيضا عددا من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين، وفي مقدمتها الأزمة الليبية، وموضوعات مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية واللاجئين والجهود المصرية المكثفة في هذين المجالين مما أسفر عن تفكيك البنية التحتية للإرهاب، ومنع خروج أي مركب يحمل مهاجرين غير شرعيين من الموانئ المصرية منذ سبتمبر 2016. كما تم خلال المباحثات إعادة التأكيد على دعم قبرص لمصر داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ودعم مصر للجهود القبرصية للتوصل لتسوية عادلة للمسألة القبرصية. وفي أواخر نوفمبر الماضي، وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة طرابلس فايز السراج، اتفاقية لترسيم الحدود البحرية في المتوسط، الأمر الذي أثار جدلا إقليميا ودوليا، ورفضا قاطعا من جانب مصر واليونان وقبرص.