أفاد مايكل بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، لمجلة “فورين أفيرز”، أن نهاية الحرب الباردة أجبرت صناع سياسة ومحللين على تكوين رأي جديد بشأن أكبر تحديات تواجه الأمن القومي الأمريكي، لافتاً إلى أن القاعدة وقراصنة الانترنت، وكيانات خطيرة أخرى، يعتبرون التهديد الذي تمثله أطراف غير حكومية. ولكن بومبيو يرى أيضاً خطورة كبيرة تمثلها أنظمة خارجة عن القانون، دول مارقة تتحدى الأعراف الدولية، ولا تحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتحارب الشعب الأمريكي، وحلفاء وشركاء أمريكا، وباقي أرجاء العالم. ويرى بومبيو أنه على رأس تلك الأنظمة تأتي كوريا الشماليةوإيران، اللتان يعرف العالم تجاوزاتهما بشأن السلام الدولي. ولكن أخطر ما عرف عن البلدين هو سعيهما طوال عقود لحيازة أسلحة نووية في خرق فاضح لحظر دولي. ورغم بذل واشنطن جهوداً كبيرة في المجال الديبلوماسي، خدعت بيونغ يانغ صناع السياسة الأمريكية عبر تخليها عن سلسلة من اتفاقيات الحد من التسلح يرجع بعضها لعهد جورج بوش. وقد واصلت كوريا الشمالية تنفيذ برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، لدرجة أنه، عند انتخاب دونالد ترامب قال له الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، إن برامج بيونغ يانغ تمثل أكبر تحد أمام الأمن القومي الأمريكي. وبنفس الطريقة، يقول بومبيو، لم تمنع صفقة أبرمتها إدارة أوباما في عام 2015، مع إيران في إنهاء طموحاتها النووية. وفي الواقع، ولعلم إيران أن إدارة أوباما كانت حريصة على إعطاء أهمية كبرى، وقبل كل شيء، للإبقاء على الصفقة، فقد تولد شعور بالحصانة لدى حكام طهران، ما سمح لهم بزيادة عملياتهم الشريرة. كما وفرت الصفقة لطهران فرصة لتكديس الأموال، والتي استخدمها المرشد الروحي الأعلى في دعم جميع أشكال الإرهاب عبر الشرق الأوسط، وتصدير ثورته خارج إيران وفرضها بالقوة داخله. ويشير بومبيو إلى توضيح الرئيس ترامب، خلال حملته الانتخابية وهو في السلطة، الحاجة لإيلاء المصالح الأمريكية أولوية اهتماماته. ويتناقض هذا المبدأ مع موقف إدارة أوباما المفضل بشأن “القيادة من الخلف”، استراتيجية تنازلات أعطت بالخطأ إشارة إلى تراجع القوة والنفوذ الأمريكي. فقد أدت سياسة العمل من الخلف لجعل كوريا الشمالية أقوى مما كانت عليه ذات يوم. كما أدت تلك السياسة لتأجيل سعي إيران لأن تصبح قوة نووية، مع السماح في الوقت عينه، للجمهورية الإسلامية بتوسيع نفوذها الشرير وخطرها الإرهابي. وحسب بومبيو، تلقت اليوم كوريا الشماليةوإيران تنبيهاً يقضي بعدم سماح الولاياتالمتحدة لهما بممارسة نشاطات مزعزعة للاستقرار في العالم دون محاسبة. وقاد ضغط دولي متعدد الأطراف للتأكيد على أن الولاياتالمتحدة سوف تحمي مصالحها الحيوية بالقوة إذا اقتضى الأمر، ووفر الظروف لإجراء محادثات تكللت بقمة ترامب – كيم جونغ أون في سنغافورة في يونيو( حزيران) الماضي. وفي ما يتعلق بإيران، يقول بومبيو، إن إدارة ترامب تتبع نفس حملة “الضغط الأقصى” التي تهدف لخنق عائدات النظام الإيراني، وخصوصا فيالق الحرس الثوري الإيراني، الذي يتبع مباشرة للمرشد الأعلى، ويستخدم لتمويل العنف من خلال حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وحماس في المناطق الفلسطينية، والأسد في سوريا، والميلشيات الشيعية في العراق وعملائها الذين ينفذون جرائم حول العالم. ويلفت بومبيو إلى أنه لذلك السبب بالذات، لا يريد الرئيس الأمريكي ترامب مشاركة عسكرية أمريكية طويلة الأمد في الشرق الأوسط، أو في أية منطقة أخرى. وتحدث علانية عن التبعات الكارثية لغزو العراق في 2003، والتدخل في ليبيا في 2011. من ثم يختم بالإشارة إلى أنه رغم عدم رغبته باستخدام القوة، لكن لدى الأمريكيين رئيس لا يخشى استخدامها. وقد يسأل عن ذلك طالبان وداعش ونظام الأسد. وخلاصة الأمر، ستكون القوة العسكرية دوماً بمثابة سند لحماية الشعب الأمريكي، ولكنها لن تكون الخيار الأول.