بينما تتسابق إدارة الرئيس ترامب للتحضير لعقد القمة النووية مع زعيم كوريا الشمالية، يلوح في الأفق سؤال مُلح حول الجهود الدبلوماسية الشاقة والمتواصلة وما يدور فيها، ما هي الحوافز التي تريدها كوريا الشمالية مقابل نزع أسلحتها النووية، وما الذي ترغب الإدارة الأمريكية في تقديمه؟ في تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» كتبه ميسي رايان وديفيد نكامورا وكارين دا يونغ، قالت الصحيفة: إن هذا السؤال يبرز التحدي الذي يواجهه المسئولون الامريكيون في الاسبوعين السابقين قبل ان يعقد الرئيس دونالد ترامب اجتماعا غير مسبوق مع نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ اون. وقد تفاخر ترامب بأن كوريا الشمالية قدمت بالفعل تنازلات كبيرة، بما في ذلك الافراج عن ثلاثة سجناء أمريكيين، دون الحصول على أي مقابل، لكن المحللين يقولون: ان مجرد منح الرئيس ترامب الفرصة لزعيم كوريا الشمالية للجلوس معه هو بحد ذاته مكافأة ترفع مكانة كيم جونغ اون على المستوى العالمي. ويضيف الخبراء: إن مفتاح استعداد كوريا الشمالية لتقليص برنامجها النووي، سيعتمد على قدرة الادارة الامريكية على إعطاء نظام بيونغ يانغ الشعور بالأمان، بالاضافة للحوافز الاقتصادية والسياسية. وفي حديثه للصحفيين، تعهد الرئيس ترامب بضمان سلامة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون، بعد التوصل للاتفاق النووي وقال: سوف تكون بلاده غنية ومزدهرة للغاية وتعمل بجد. ومن جانبه قال وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو الذي أجرى محادثات استمرت يومين في نيويورك مع كيم جونغ شول نائب الزعيم الكوري الشمالي -قبيل اجتماعه بالرئيس ترامب-: أحرزنا تقدما ملحوظا نحو عقد اجتماع يتيح فرصة لمرة واحدة في العمر لإنهاء التهديد النووي. ولم يعلن المفاوضون الأمريكيون جدول أعمال القمة المزمع عقدها بين ترامب وكيم في سنغافورة في 12 من الشهر الجاري. ويقول مسؤولون أمريكيون سابقون: إن كيم جونغ اون يهدف الى تحقيق ما لم يكن بوسع جده ووالده القيام به، وهو كسر ما أسماه السياسة العدائية للولايات المتحدة التي ظلت قائمة منذ توقيع اتفاقية الهدنة في الحرب الكورية عام 1953. وكان هذا الهدف بعيد المنال رغم المحاولات التي جرت خلال ربع القرن الماضي، لعقد صفقات دائمة لتجميد أو إنهاء برنامج كوريا الشمالية النووي، وتعثرت كل المبادرات المدعومة من الرؤساء بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك اوباما، واتهم حينها المسؤولون الامريكيون كوريا الشمالية بالخيانة وتطوير برامجها النووية والصاروخية. وتشمل تلك الجهود صفقة عام 1993 لإبقاء كوريا الشمالية في معاهدة حظر الاسلحة النووية، واتفاق في 2000 لتجميد تطويرها الصواريخ مقابل عقوبات مخففة، والمحادثات السداسية غير الحاسمة التي انتهت عام 2009، بجانب صفقة يوم الوثبة عام 2012 لتجميد التجارب النووية. وفي احتفالات رأس السنة الجديدة قال كيم جونغ اون: إن بلاده وصلت إلى مرحلة الكفاءة النووية، وإن النظام سيوجه اهتمامه للتنمية، وفسر محللون أن كيم بات يعتقد أنه يملك نفوذا جديدا للفوز بتنازلات من القوى العالمية. وقال فرانك جانوري من مؤسسة مايك مانسفيلد الذي يقدم استشارات للجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس، ونظم ثلاث رحلات لكوريا الشمالية: إن الطموح الاكبر لبيونغ يانغ هو الاحترام من خلال التطبيع الدبلوماسي، ووضع حد للضغوط الاقتصادية والسياسية لتغير أمتهم وقبولها في النظام الدولي. ومن المرجح أن يطلب كيم من واشنطن إزالة بلاده من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وقال كريستوفر هيل الذي قاد المفاوضات خلال إدارة بوش: إننا وافقنا بعد تردد على فتح مكتب اتصال، لكن عندما عرضنا الأمر على الجانب الكوري الشمالي رفضوا الفكرة. وتشير «واشنطن بوست» إلى أن ترامب قارن بين تحقيق الازدهار لكوريا الشمالية في ظل صفقة نووية، مع احتمال سقوط النظام إذا انهارت المحادثات، لكن جان لي المحلل بمعهد ويلسون بواشنطن يقول: إن رئيس كوريا الجنوبية كان حريصا على صياغة حديثه عن الفوائد التي يمكن لجارته الشمالية أن تجنيها من الشراكة الاقتصادية.