ليلة ليست ككل الليالي، ليلة مضيئة على النزيه المحب لوطنه، ومظلمة على الفاسد الخائن لبلاده. فبعد انقضاءها أشرقت شمس يوم الخامس من نوفمبر لعام 2017م على السعودية بمرحلة جديدة عنوانها الأبرز المساواة بين فئات المجتمع والعقاب للفاسد (كائناً من كان) لتُستكمل مسيرة الإصلاح بالنماء والعطاء، فالأمر الملكي بتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بدأ فيه الوطن والمواطن وحتى المقيم على أرضه بجني ثماره الأولية ابتداءً من تجميد الحسابات المصرفية لأشخاص مشبوهين بوقوعهم بأحد أشكال الفساد، وإيقاف أمراء ووزراء ونواب وزراء حاليين وسابقين ورجال أعمال بتهم مختلفة تتعلق بالفساد للتحقيق معهم ومحاسبتهم بعد ثبوت الاتهامات الموجهة لهم. هذه الخطوات والاجراءات الاستقصائية والتحقيقية بقضايا الفساد وإيقاف المتورطين فيها والتشهير بهم كفيلةٌ بإنذار وردع أي شخص "كان" سواء كان ذو شخصية اعتبارية أو وزير أو مسؤول كبير أو حتى موظف بسيط عن الإقدام بأي شكل من الأشكال على استغلال مكانته الاجتماعية أو الوظيفية للإعتداء على المال وإستغلال السلطة والنفوذ لمصالح شخصية، خاصة إذا علم وأيقن أنه لا يوجد شخص مستثنى بعيدًا عن المحاسبة والمساءلة. وأن الأمس يختلف عن اليوم، فالجميع سواسية أمام المصلحة الدينية والدنيوية بما يخدم الصالح العام والمجتمع. الجميع يتفق على أن الفساد له آثاره السلبية على الفرد والمجتمع، إذ أنه جريمة وخيانة للأمانة وسلوكًا منحرفًا وغير سوي يُرتكَب من أجل أن تُحقَّق أطماعًا مالية ومصالح شخصية بحته، مما يؤدي إلى الكسب المحرم شرعًا بديننا الإسلامي، والمخالف للقيم الأخلاقية، وأنظمة وقوانين وتعليمات الدولة. إن الفساد ينخر في الأوطان، ويستنزف مقدراتها وثرواتها، ويُمزق أعماقها وولائاتها، ويُضعف إنتاجية مؤسساتها وخدماتها، ويُسبب الظلم والغضب لأفرادها؛ لكن مكافحته والتصدي له ومحاسبة مرتكبيه سيكون له أثر إيجابي وسينعكس على مسيرة الأوطان بمختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. اليوم .. تزداد نسبة التفاؤل بمستقبل الوطن وأجياله الحالية والقادمة، وتبقى الآمال معقودة على الاستمرار بمكافحة الفساد دون هوادة، ولا يزال الوطن بحاجة ماسة لمحاسبة المتورطين في الفساد والخائنين للأمانة، لينعم المجتمع بتنمية مستدامة وازدهارٍ متجدد. abdulmajedtv@