"لن ينجو كائناً من كان في حال تورطه في الفساد"، هذا ما وعد به سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل حوالي ستة أشهر، ووعد بملاحقة المفسدين دون استثناء، ففي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ملك العزم والحزم لا مكان للفساد، والذي قال في نص أمره التاريخي الذي لن ينساه المواطنون، "بأنه لن يقوم للوطن قائمة ما لم يتم اجتثاث الفساد من جذوره ومحاسبة الفاسدين وكل من أضر بالبلد وتطاول على المال العام" وهذا أيضاً ما يؤكده بجلاء مجريات الأحداث يوماً بعد يوم حتى بلغ الحسم ذروته بصاعقة تضرب الفساد من خلال الإجراءات الأخيرة بتوقيف عدد من الشخصيات الاعتبارية والوزراء السابقين المتهمين بالفساد المالي واستغلال السلطة، وذلك عقب الأمر الملكي بإنشاء لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة سمو ولي العهد، وتضم في عضويتها كلاً من رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة، فقد اهتزت الأرض تحت أقدام المفسدين، والتي وصفت بأنها زلزال سياسي يعلن عن مرحلة تعزز من الشفافية والنزاهة العامة، وهذه الخطوة الكبيرة قوية ومؤثرة، خاصة بما تقوم به الدولة من خطط تنمية وتطوير ورسم رؤية مختلفة لمستقبل المملكة. إن اللجنة لن تقف عند الإيقافات فحسب، بل ستقطع الطريق على كل من يثبت عليه القيام بالمخالفات والجرائم، سواء كانوا أشخاصاً أو كيانات لهم علاقة بقضايا الفساد العام، كما تعمل على التحقيق وإصدار أوامر المنع من السفر وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وأيضاً تتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أياً كانت صفتها، وكذلك يحق لها إعادة الأموال للخزينة العامة للدولة وتسجيل الممتلكات والأصول باسم عقارات الدولة، كما ترفع لمقام خادم الحرمين الشريفين تقريراً مفصلاً عما وصلت إليه وما اتخذته بهذا الشأن لتكتب مرحلة جديدة عنوانها "ألا فساد في عهد سلمان". إن هذه الأوامر تأكد نقطة مهمة، وهي المسؤولية تجاه الوطن والمواطنين الذين كانوا يعانون من كوابيس الفساد التي أرهقتهم وأرهقت الوطن وهاهي تذهب بلا رجعة. وإن استشعار مسؤولية الوطن والمواطن لدى القيادة، هو ما دفعها لاتخاذ هذه الأوامر والقرارات والتي تجعلنا جميعاً في هذا الوطن نعيش مطمئنين وسواسية، فلا استثناء لمسؤول ولا أحد فوق القانون، خاصة وأن الجميع يعلم مدى تأثير الفساد على استقرار وأمن المجتمع، فلن تجد مجتمعاً قوياً معافى وآفة الفساد تنخر فيه، وإن استئصال هذه الآفة كفيل بتأسيس دولة بثوبها الجديد ثوب القوة والعزم والحزم، أمام من يعمل على هدم الاقتصاد ويعبث بمقدرات الوطن ويضيع مستقبل الشباب والشابات من أبنائنا. وفق الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما يحب ويرضى وحفظ الله الوطن والمواطن وأدام علينا الأمن والأمان والاستقرار.