أوكلت السعودية مهمات «اجتثاث» الفساد إلى لجنة عليا، شكلت بقرار ملكي مساء السبت، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فيما يأتي قرار إنشاء تلك اللجنة المختصة ب«حصر الجرائم والمخالفات في قضايا الفساد بالمال العام» امتداداً لما انتهجته الحكومة في اتخاذ النزاهة ومحاربة الفساد نهجاً أساسياً، تستمده من الشريعة الإسلامية، فيما يؤكد القرار الملكي الخاص بإنشاء اللجنة العليا، «حزم» المملكة في التعامل مع قضايا الفساد. وأكد قانونيون اهتمام السعودية بقضايا الفساد، مشيرين إلى أنها ماضية بكل حزم في مكافحته، وقال المستشار القانوني عضو الهيئة الدولية للتحكيم محمد بن سعد الوهيبي ل«الحياة»: «إن انشاء اللجنة العليا لمكافحة الفساد، يؤكد أن الدولة ماضية بحزم في مكافحة الفساد حتى بأثر رجعي»، مشيراً إلى أن «قضايا الفساد لا تسقط بالتقادم بحسب أنظمة المملكة، وما حدث من إجراءات صارمة لا نعده مكافحة للفساد، بل هي حرب ضد الفساد». وأضاف الوهيبي: «تم ربط هذه اللجنة مع الأوردة الرئيسة للدولة من أجهزة أنشئت للحفاظ على الوطن والمواطن وممتلكات الوطن، وهي جهات كفيلة بدحر الفساد تحت إشراف ومتابعة وتوجيهات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وجاء ترؤسه هذه اللجنة لتأكيد عدم وجود أي استثناءات لأي شخص، مهما كان منصبه أو أسرته، كما تتمتع هذه اللجنة بكامل الصلاحيات من قبض وتحقيق وتجميد حسابات ونزع ملكية ومنع المشتبه بعلاقتهم بقضايا فساد من السفر»؛ لافتاً إلى أن ترؤس ولي العهد هذه اللجنة كفيل بأن يجعلنا نثق بحيادية وحزم الإجراءات، ولن تكون هناك ثغرات أو تساهل مع كائن من كان. وتابع الوهيبي: «هذه الخطوة الشجاعة تحسب لصالح حكومة خادم الحرمين الشريفين، الذي ننعم في ظل قيادته بالعدل والأمان والحزم لحماية مكتسبات الوطن، وتعزيز دور المواطن، وهذه الخطوة تؤكد أن حكومتنا لم ولن تفرق في محاسبة أي شخص أو جهة، ولم يعد هناك عذر للمفسدين». وأكد أن الاختصاص في قضايا إساءة استعمال السلطة واستغلال الوظيفة العامة يقع للقضاء الإداري، وهو ديوان المظالم، الذي شهد أخيراً قفزات تطويرية تنظيمية، والرفع من كفاءة الكوادر القضائية به. فيما أكد المستشار القانوني بند المحرج ل«الحياة»، أن المملكة أولت اهتماماً بالغاً بقضايا الفساد، كما اتخذت من النزاهة والشفافية نهجاً أساسياً في التعاملات المالية والإدارية، وأضاف: «يأتي قرار تشكيل هذه اللجنة امتداداً لجهود المملكة في معالجة الفساد، كما أن هذا القرار يأتي من زاوية هي أكثر ما تهم المواطن بالدرجة الأولى، وتشعره بالشفافية، ومدى عزم الحكومة على التصدي لقضايا الفساد ومواجهتها على مستويات أعلى». مشيراً إلى أن القرار الملكي يتضح منه أن التشكيل لمعالجة قضايا الفساد سيكون على مستوى عالٍ، في حجم القضايا أو الأشخاص المتهمين فيها، ما يؤكد عزم المملكة على مكافحة الفساد ومحاربته. بدوره: قال المستشار القانوني الدكتور أحمد التويجري ل«الحياة»، إن الإرادة السياسية القوية والحزم في مواجهة الفساد واجبان شرعيان، وهما من أعظم ما يثبّت دعائم كيان أي دولة، مشيراً إلى أن جميع الموقوفين لا يزالون في مرحلة الاستجواب الأوّلي، وليس من العدل ولا الإنصاف اتخاذ موقف نهائي بشأن إدانتهم قبل انتهاء التحقيقات وصدور أحكام قطعية بحق كل واحد منهم.