فى خطوة تدعم برنامج الحكومة السعودية نحو إصلاح وتطوير وزارات ومؤسسات الدولة ورفع كفاءتها ؛ لتحقيق أعلى وأفضل إستفادة من كوادرها وإمكانياتها ؛ جاء أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بإنشاء جهاز مستقل لرئاسة أمن الدولة على غرار ما هو معمول به فى أقوى وأكبر الدول على مستوى العالم. ولم تأت هذه الخطوة من فراغ وإنما تستند إلى رغبة الملك يحفظه الله فى استمرار التطوير الإداري لكافة القطاعات الحكومية، وبما يواكب أفضل الممارسات الإدارية المطبقة في العالم. كما إنها تعد نتيجة حتمية لواقع فرض نفسه، وإستجابة لظروف دولية وإقليمية وداخلية تتطلب تعاملا خاصا مع جماعات الشر وقوى الإرهاب ، وبما يخفف العبء عن أجهزة أخرى بوزارة الداخلية ، آن الأوان لأن تتفرغ لأداء دورها التنموى بشكل أفضل ، وبما يمكنها من تلبية إحتياجات وخدمات المواطنين باسرع السبل وأقصر طريق. ووصف خبراء أمنيون ل "الوئام " تأسيس " رئاسة أمن الدولة " بانه قرار جاء فى وقته المناسب ، يساهم فى دعم وتقوية المنظومة الأمنية بالمملكة، ويتيح للمسئولين بوزارة الداخلية مزيدا من التركيز والعمق فى مواجهة التحديات الأمنية التى تواجهها البلاد. ويسهم فى توفير مناخ العمل الجيد للمتابعات الأمنية الوقائية، التى لا غنى عنها فى توجيه الضربات الإستباقية لأعداء البلاد، وكل من تسول له نفسه التفكير فى تعكير صفوأمانها وإستقرارها أو الإضرار باقتصادها المتين . وبحسب الخبير الأمنى ماجد الهلالى ( المختص فى دراسات أمن الخليج ) فإن الهدف الأساسى من إنشاء جهاز مستقل لأمن الدولة هو إيجاد قناة واحدة ؛ لتوحيد جهود قطاعات الداخلية المعنية بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والضال. وحماية الجبهة الداخلية للوطن من ضعاف النفوس، لتصب جميعها فى جهاز واحد، يختصر وقت البحث والتحرى والمتابعة و يحقق السرعة المطلوبة لضبط من يريد العبث بأمن البلد، وإصطياد من يسعى إلى تفكيك وحدتها ولحمتها الوطنية ، ويهز إقتصادها بعمليات إرهابية وتخريبية هنا أو هناك. وتخطيطيا يرى مختصون فى الأمن الإقتصادى، أن هذا الجهاز الذي سيضم فريقا من أكفأ الكوادر الأمنية بالمملكة سيوفر عشرات المليارات من ميزانية الدولة من خلال رفع كفاءة العمل وتجويده بعيدا عن قنوات الفساد. وكما يقول معتز الجهينى (مسؤول ملف الأمن الإقتصادى بالدار العربية للاستشارات الاستراتيجية) لن يكون هناك أثر إقتصادى مباشر. ولكن مع توحيد الجهد ستقل التكاليف ،وبالتالى يخف العبء عن أجهزة أخرى أمنية ستتاح لها الفرصة بعد ذلك لأن تطور وتنمى خدماتها الموجهة مباشرة للمجتمع والمواطنين ، وهو أمر يؤدى على المدى القصير إلى تحقيق الأهداف التنموية. ويساعد المخطط الإقتصادى على إتخاذ القرار السليم ، كما يغرى المستثمرين وأصحاب الأعمال من الداخل والخارج لأن يوظفوا أموالهم فى مشاريع تتوفر لها الحماية الأمنية اللازمة داخل دولة تتمتع بالإستقرار والأمان . ويجمع مراقبون أمنيون على أن هذه الخطوة ، وإن كانت تأجلت عشرات السنين منذ أن خطط لها وأرسى دعائمها الأمير نايف بن عبد العزيز يرحمه الله إلا إنها تحمل اليوم رؤية جديدة تتفق و(رؤية المملكة 2030) وتتناسب وحجم التحديات الأمنية والإقتصادية التى تواجه البلاد. ونظرا لأهميتها؛ فقد رأى سمو ولى العهد سرعة تطبيقها ، وذلك عن قناعة تامة منه بفائدتها ومردودها الإيجابى على الوطن ، وبعرض تفاصيلها وأهدافها وافق عليها ودعمها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ومنح رئيس الجهاز الجديد مرتبة وزير. ويؤكد المراقبون أن جهاز أمن الدولة بصلاحياته ، ومهامه المتعددة ، سيقوم باختصاصات كانت موكلة لأجهزة تابعة لوزارة الداخلية ، وهو مايضمن التنسيق الكامل، ويحقق التناغم المطلوب؛ لتطبيق مفهوم أمن الدولة بكل إتجاهاته السياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية، معتبرين الجهاز الجديد إمتدادا طبيعى لعمليات التطوير والتحديث المستمر الذى تشهده وزارة الداخلية. فالوزارة منذ إنشائها مرورا ببداية التسعينات وحتى الأن تشهد العديد من عمليات التقويم فى مختلف القطاعات ، وتقدم العديد من الخدمات الجماهيرية و المميزة والضرورية اللازمة لإستتباب الأمن فى البلاد وحماية الأرواح والممتلكات، سواء كان ذلك فى مراكز الشرطة أو وحدات المرور والجوازات وغيرها من الوحدات والمؤسسات الأمنية التابعة للوزارة . ومع بروز ظاهرة الإرهاب في التسعينات سخرت وزارة الداخلية كافة جهودها في مكافحة تلك الآفة، التى لم تسلم من سمومها أكبر واقوى الدول فى العالم ، ما أدى الى تعدد وكثرة مهام الوزارة ، بشكل أثر على بعض الخدمات مثل المرور والشرطة والجوازات. ولكن بعد تخصيص جهاز مستقل لأمن الدولة ستتمكن الأجهزة والقطاعات الأخرى من تقديم خدمات أفضل للمواطنين والمقيمين ،وسيركز "رئاسة أمن الدولة" على مكافحة الارهاب أمنيا واستخباراتيا، ويتمكن من مراقبة تمويله ماليا وسيسهل للرئاسة التواصل مع الجهات ذات العلاقة خارجيا بكفاءة عالية تصون وتحمى الوطن من الأشرار. يذكر أن جهازرئاسة أمن الدولة سيعنى بكل ما يتعلق بأمن الدولة، ويرتبط برئيس مجلس الوزراء، ويضم المديرية العامة للمباحث وقوات الأمن الخاصة وقوات الطوارئ الخاصة وطيران الأمن لرئاسة أمن الدولة. وسينقل إليه كل ما له علاقة بمهامها في وكالة الشؤون الأمنية وغيرها من الأجهزة ذات العلاقة بوزارة الداخلية، ويضم وفقا للمرسوم الملكى الكثير من الإدارات والمراكز الأمنية المهمة مثل : الإدارة العامة للشؤون الفنية، ومركز المعلومات الوطني.