تمثل القرارات الملكية الصادرة مساء أمس والتي شملت إنشاء رئاسة أمن الدولة، وإعادة هيكلة أكثر القطاعات حساسية في أي دولة خطوات فاعلة في مسيرة الإصلاحات الضخمة التي قادها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله- منذ توليه الحكم. ويأتي إنشاء رئاسة أمن الدولة كحدث استثنائي في تاريخ المملكة وفي مرحلة بالغة الدقة سياسياً وأمنياً واقتصادياً تعيشها المنطقة والعالم، حيث كانت إدارة جميع الملفات الخاصة بالأمن الوطني منوطة بوزارة الداخلية التي قدمت منذ إنشائها عملاً مميزاً للمواطنين والمقيمين على حد سواء منذ إنشائها فيما يخص الشرطة، والمرور، والجوازات وباقي الخدمات. وبعد بروز ظاهرة الارهاب في التسعينات سخرت الوزارة كافة جهودها في مجال مكافحة الارهاب وحققت نجاحات كبيرة في درء شره وتجفيف منابعه ونالت تقديراً عالمياً على ما قدمته من جهود لم تتوقف عند حدود المملكة بل ساهمت في درء خطر هذه الآفة عن دول شقيقة وصديقة، ولكن التركيز على مكافحة الإرهاب ومعالجته من خلال إنشاء إدارات ووحدات تواكب المستجدات على الصعيد الأمني أثر على جودة بعض الخدمات مثل المرور والشرطة والجوازات. وتحقيقاً لأهداف الدولة في إعادة هيكلة أجهزتها وللتخفيف عن جهاز الداخلية المثقل بمهام كثيرة جاءت القرارات الملكية لتعزز بشكل كبير الجوانب الأمنية والتصدي لكل المهددات الأمنية بكافة أشكالها، وهي الرؤية التي حملها منذ ما يزيد على 15 عاماً رجل الأمن الأول الراحل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله عندما قدم مقترحاً لتعديل الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية بما يكفل فصل قطاع الشؤون الأمنية المتعلق بأمن الدولة في جهاز جديد. ويمثل تخصيص رئاسة خاصة لأمن الدولة نقطة انطلاقة لعهد جديد لوزارة الداخلية يمكنها من تقديم خدمات أفضل المواطنين والمقيمين في كافة القطاعات التابعة لها، في الوقت الذي ستتولى الرئاسة الجديدة فيه مهام مكافحة الإرهاب أمنياً واستخباراتياً ومراقبة تمويله مالياً، ويمكنها من التواصل السريع مع الجهات ذات العلاقة خارجياً مما يضمن كفاءة عملها وفق المتطلبات الآنية الواجب توفرها في نطاق عملها. ويأتي تأسيس الرئاسة بمثابة إعادة هيكلة للاجهزة الأمنية بشكل يخلق تركيزا أعمق على أداء المهام، ولكي تدار وزارة الداخلية بطريقة تنموية وهو ما سينعكس ايجابيا على اقتصاد المملكة. وفي جانب آخر فإن مفهوم رئاسة أمن الدولة موجود في أفضل الممارسات المطبقة عالمياً، وسيتولى إدارة ملفات بالغة التعقيد تشمل التصدي لكل الأعمال التجسسية ومحاولات بناء الخلايا لضرب اللحمة الداخلية، وسيقدم بشكل دوري ومستمر تقارير ستساعد صانع القرار على اتخاذه في الوقت المناسب خاصة أنه مرتبط برئاسة مجلس الوزراء، كما سيعزز من قدرات المملكة أمنيا واقتصاديا وسياسيا. وستكون مهمة جهاز أمن الدولة الأولى حماية أمن الدولة والتصدي للأخطار الداخلية والخارجية، وسيعمل الجهاز على تكوين جدار حماية من خلال استباقية في التصدي للهجمات الموجهة للوطن والمواطن. يذكر أن الأوامر الملكية شملت ضم المديرية العامة للمباحث وقوات الأمن الخاصة وقوات الطوارئ الخاصة وطيران الأمن لرئاسة أمن الدولة، وأن ينقل إليها كل ما له علاقة بمهامها في وكالة الشؤون الأمنية وغيرها من الأجهزة ذات العلاقة بوزارة الداخلية مثل الإدارة العامة للشؤون الفنية ومركز المعلومات الوطني. كما شملت تعيين الفريق الأول عبدالعزيز بن محمد الهويريني رئيساً لرئاسة أمن الدولة بمرتبة وزير مع استمراره مديراً عاماً للمباحث العامة، وتعيين عبدالله عبدالكريم عبدالعزيز العيسى مساعداً لرئيس أمن الدولة بمرتبة وزير. رئاسة أمن الدولة تضم قطاعات مختلفة معنية بمكافحة الإرهاب