بالرغم من أن السعودية ودول الخليج لا تتبنّى نظام الضرائب أسوةً ببعض الدول العربية والغربية الأخرى، إلا أنها تكتفي بتحصيل الزكاة كواجب شرعي يلزم الشركات والأفراد التي تنطبق عليها شروط دفع الزكاة بتأديتها بشكل مباشر. إلا أن بعض أصحاب المؤسسات التجارية يلجؤون إلى وسائل أشبه بالتهرّب الضريبي، بعدم الإفصاح عن البيانات المالية لدى مصلحة الزكاة أو المماطلة في الدفع. يلجأ بعض رجال الأعمال إلى العبث بحساباتهم المالية، لإخفاء المعلومات المالية، التي قد تفيد بأنهم قادرون على دفع الزكاة، ومنهم من يلجأ إلى توزيع الزكاة بأساليب غير شرعية، من باب المراوغة والتلاعب. فهد العوفي سعودي يدير مؤسسة خاصة لإدارة العقارات بمدينة جدة يقول "عدم اعتماد نظام إلكتروني لتحصيل الزكاة يفتح باب التحايل على النظام". ويضيف أن "الحاجة إلى وجود نظام إلكتروني يصعب من خلاله التحايل على النظام، حيث يصعب كشف الحسابات المالية الخاصة بالمنشآت إن أرادت التكتم عليها، فلا توجد آلية للتعاون بين البنوك السعودية، ومصلحة الزكاة والدخل، للاطلاع على القوائم المالية الخاصة بالمنشآت. إضافة إلى عدم تجاوب بعض مكلفي الزكاة في دفع المستحقات المتوجب سدادها أولاً بأول، بسبب عدم وجود غرامات في نظام إجراءات جباية الزكاة، الأمر الذي يؤدي إلى تأخيرهم في التسجيل أو تقديم الإقرار أو في السداد، إضافة إلى عدم تقديم بعض مكلفي الزكاة لحسابات نظامية توضح حجم أعمالهم السنوية الحقيقية. وأوضح العوفي بأن المتهرب من دفع الزكاة يتظاهر دوماً بأن نشاطه التجاري متوقف أو متجمد، بفعل ظروف اقتصادية خارجة عن إرادته، مدعياً بأنه لا ينتمي للفئة التي ينطبق عليها شروط دفع الزكاة، إلا أن كافة عمليات التحايل تعمد بصورة كبيرة على إخفاء الحقائق عن أعين الأنظمة الرسمية. بحسب اللائحة الخاصة بجباية الزكاة في السعودية، يتم استيفاء الزكاة كاملة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية من كافة الرعايا السعوديين على السواء. كما تستوفى من الشركات السعودية التي يكون كافة الشركاء والمساهمين فيها من السعوديين، وتستوفى أيضاً من الشركاء السعوديين في الشركات المؤلفة من سعوديين وغير سعوديين. ووفقاً للأنظمة فإن جميع الأفراد والشركات الذين يزاولون أعمالاً تجارية أو صناعية ملزمون بمسك دفاتر حسابية منظمة يبين فيها رأس المال وما دخل عليهم أو خرج منهم في كل ما يتعلق بالأعمال التي يمارسونها خلال كل عام لتكون مرجعاً لتحقيق الزكاة المفروضة عليهم شرعاً. ويشترط أن تكون هذه الدفاتر مصدقة من المحكمة التجارية أو كتاب العدل في الجهات التي لا يوجد فيها محكمة تجارية. فيما يتوجب على كل من تجب عليه الزكاة شرعاً من الأفراد والشركات أن يقدم في الشهر الأول من كل سنة هجرية إلى مأموري المالية المختصين بتحصيل الزكاة بياناً يحتوي على مقدار قيمة ما يملكه من الأموال والبضائع والممتلكات والمقتنيات النقدية، وما يربحه منها، التي يجب عليها كلها الزكاة ومقدار زكاتها الواجبة شرعاً. وقد سمحت الأنظمة للفرد أو المنشأة إذا وجدت قيمة الزكاة غير مطابقة لواقعها التجاري، بأن تعترض على الإشعار الخاص باستحقاق الدفع الذي وصلها، خلال ستين يوماً من تاريخ وصول الإشعار إليها، وإلا سقط حقُّها في الاعتراض والمراجعة. وحينها يتوجب عليها أداء المبلغ المستحق، بينما توعدت اللائحة الخاصة بجباية الزكاة فرض عقوبات رادعة للمتهربين أو المتلاعبين بحساباتهم المالية، وذلك دون الخوض في تفاصيل تلك العقوبات. يقول فاروق الخطيب أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز إن دفع الزكاة يكفل إعطاء الفقير والمسكين حقه من المجتمع، وهي ترجمة فعلية لقيم العدالة في توزيع الثروة، إلى جانب القضاء على الفقر وما يسببه من الانحرافات، مما يتطلب وجود حملات توعوية وإعلامية حول أهميتها وثمراتها، ولا يكون مهمةَ ووظيفة مصلحة الزكاة الجباية والتحصيل فقط. وأضاف الخطيب بحسب" هافينغتون بوست عربي" أن "العائد المتأتي من جباية الزكاة يذهب إلى نظام الضمان الاجتماعي بالدولة، فمن خلال الضمان تستطيع العائلات الفقيرة المستفيدة من الضمان من أن تحيا حياة كريمة، وكلما زادت قيمة الضمان الاجتماعي تحسّنت أحوالها المعيشية، والعكس صحيح". إلى ذلك، أوضح إبراهيم المفلح، مدير عام مصلحة الزكاة والدخل، أن النظام الحالي للعقوبات لا يتضمن غرامات مالية أو الحبس على أولئك المتهربين من دفع الزكاة، ولكن يتم اتخاذ خطوات أخرى، تضمن إيقاف تعاملات الإنشاءات التجارية والأفراد، المكلفين بدفع الزكاة وغير الملتزمين بها، مع الجهات الحكومية، حيث لا يستطيعون إجراء المعاملات الحكومية دون شهادة صادرة من مصلحة الزكاة والدخل تؤكد التزامهم بدفع الزكاة الواجبة عليهم. وأضاف إبراهيم المفلح في حديثه ل"هافينغتون بوست عربي" أنه "في حال عدم تجاوب الإنشاءات التجارية والأفراد المكلفين بدفع الزكاة مع الإنذارات الصادرة من مصلحة الزكاة والدخل، يتم التنسيق مع الجهات الأخرى للحجز على أموالهم، ويعد ذلك الإجراء كافياً للضغط على المكلف أو منع تهربه من دفع الزكاة، إلا أنه توجد أفكار تتم دراستها لتطوير العقوبات، لتكون أكثر صرامة تجاه المتهرّبين من دفع الزكاة". ومن جانبه، قال المحامي السعودي محمد التميمي "إن التأخير في إقرار الزكاة بقصد التهرّب من دفعها يجب أن يقابل بعقوبات رادعة، ومن يتأخر في تسديد قيمة الزكاة يجب أن تفرض عليه غرامات مالية تتضاعف كلما زادت فترة التأخير في دفع المستحقات، إلا أن نظام جباية الزكاة الحالي لا يتضمن نظام الغرامات أو الجزاءات، حيث اكتفى النظام بعدة إجراءات تضمن إلزام المكلفين بدفع الزكاة. وأضاف التيميمي في حديثه ل" هافينغتون بوست عربي" أن" نظام العقوبات الحالي يخوّل بحجز أموال المكلفين سواء كانت بنكية أو ما يرد إليهم من بضائع مستوردة عبر المنافذ البرية أو البحرية عن طريق مصلحة الجمارك، إضافة إلى حرمان المقاولين من الدخول في مشاريع حكومية في حال عدم دفعهم قيمة الزكاة الواجبة عليهم، كما يتم تجميد الإجراءات الحكومية، المتضمنة عدم تجديد شهادة القيد لأي منشأة في السجل التجاري".