وصف شاب يمني يدعى صبري عبد التواب، يعمل بائعا للهواتف الجوالة، بأن شارع فلسطينبجدة سيفقد بريقه إثر تداعيات قرار وزارة العمل بقصر الاشتغال في محال بيع وصيانة الجوالات على السعوديين فقط. شارع فلسطين في جدة، يعد مركز تجارة الإلكترونيات، حيث تصطف على جنباته عشرات المحال المتخصصة في بيع الهواتف الجوالة، إلا أنها الآن قد تلجأ إلى إغلاق أبوابها، في حال عدم تمكنهم من استقطاب بائعين من الجنسية السعودية. وزير العمل مفرج بن سعد الحقباني، كان أصدر قرارا، بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة ووزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، نص على إعطاء مهلة للمنشآت والعاملين في هذا النشاط لتصحيح أوضاعهم خلال 6 أشهر، على أن تلتزم المنشآت المعنية بتوطين تلك المهنتين بنسبة لا تقل عن 50% خلال 3 أشهر من تاريخ البدء بتاريخ 6 يونيو 2016، وبنسبة توطين 100% تبدأ بتاريخ 3 سبتمبر 2016. وبحسب وزارة العمل، فإن القرار الذي أصدرته الثلاثاء 8 مارس 2016، يهدف إلى إيجاد فرص عمل للسعوديين والسعوديات الراغبين في العمل في هذا النشاط، لما توفره هذه المهن من مردود مادي مناسب واستقرار وظيفي، بالإضافة إلى الحفاظ على هذه المهنة لأهميتها أمنيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا. وبحسب «هافبوست», يعد شارع فلسطين غرب مدينة جدة، أحد أبرز الشوارع في المدينة، وأشهرها على الإطلاق، حتى صار السير وسطه أمرًا شاقًّا للغاية، لازدحامه بالمارة والسيارات التي تصطف في طوابير طويلة بجانبي الشارع. أغلب زائري هذا الشارع مشغولون بالتنقل من محل لآخر، ومنهم يقطع الشارع ذهابًا وإيابًا، بحثاً عن هاتف جوال جديد بأقل سعر ممكن، فالشارع يكتظ بمختلف المعارض التي تزين واجهاتها بصور أحدث الأجهزة الذكية. إلا أن تلك الصورة التي استمرت لعدة عقود قد تتلاشى، لكون معظم المعارض، خاصة الصغيرة والمتوسطة، تفتقد المزايا الوظيفية التي يطمع فيها العديد من السعوديين للعمل فيها، إضافة إلى زهد السعوديين العمل في قطاع التجزئة بصفة بائع، تلك الأسباب قد تؤدي إلى غلق أبواب بعض المحال الصغيرة، وتفتح الباب لشركات الاتصالات والشركات المصنعة للانفراد وحدها ببيع الهواتف الجوالة. ويقول يوسف السرحان، شاب سعودي يمتلك محلًّا لبيع إكسسوارات الهواتف الجوالة، إنه يجهل حتى الآن الكيفية التي سيتعامل بها مع القرار، «لا يمكنني أن أجد شابًا سعوديًّا للعمل في محل صغير المساحة شبيهه بالكشك، ولدي عامل أجنبي واحد، كما أن الإيرادات لا تكاد تكفي لتغطية مصاريف الإيجار وقيمة البضاعة التي أشتريها من معارض أخرى، مجاورة لدكاني في شارع فلسطين». ووصف سرحان في حديثه ل«هافينغتون بوست عربي» القرار بالتعجيزي، «فبإمكان الشركات الكبيرة التي لديها معارض ومنافذ بيع للجوالات توظيف سعوديين وبسهولة جدا، حيث لديها المزايا الوظيفية، كفرص التدريب والرواتب والتأمين، فيما لا تملك المعارض الصغيرة أو الأكشاك أي شيء من ذلك». وفي السياق نفسه، يتساءل عبد الفتاح المرشد، وهو شاب يمني قضى 10 أعوام يعمل بائعا في العديد من المعارض المتخصصة ببيع الهواتف الجوالة، إن كانت ستصبح المحال الصغرى والدكاكين هي الأخرى ملزمة بتلقي طلبات التوظيف من السعوديين مثلها مثل المعارض الكبرى التابعة للشركات. ويعتقد ياسر الجمال، مدير التسويق في إحدى شركات بيع الهواتف الكبيرة بمدينة جدة، أن قرار تطبيق إغلاق المحال في الساعة التاسعة بات قريباً جدًّا، مما سيساعد على تشجيع السعوديين على العمل أكثر في القطاع. وأضاف أن العديد من معارض بيع الهواتف تفتح أبوابها من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الحادية عشرة والنصف ليلًا، مؤكدًا أن ذلك كان من بين الأسباب التي تمنع الشباب السعودي من العمل في المجال، «عكس بعض الأجانب الذين يعملون ساعات طويلة وبأجر أقل»، على حد تعبيره. ويرى الدكتور ناصر الجفري، وهو محلل اقتصادي ومستشار تسويق، أن بيع الهواتف بالتجزئة مقبل على مرحلة جديدة، موضحا أنه «من الضروري الأخذ بعين الاعتبار أوضاع المحال الصغيرة التي ليس لديها قدرة الشركات في مجاراة قرارات وزارة العمل، حيث تفتقر تلك المشاريع الصغيرة إلى النظم المؤسساتية، لأنها في الغالب تدار من شخص واحد، قد تجده يعمل في مجال الصيانة أو البيع، وليس لديه طاقة لعرض فرص وظيفية للسعوديين».