فرخت التنظيمات الإرهابية والتجمعات المشكوك في أمرها عددا من صاحبي الفكر الضال المغرَّر بهم من قبل أشخاص يخفى على العلن انتماؤهم وولاؤهم ويتظللون بعباءة الدين مستغلين هذه النقطة لدى الشباب. وفتح عبد الرحمن التويجري, مفجر مسجد الرضا في الأحساء, ملف أصحاب تجمعات «فكوا العاني» التي كانت دوافعها خفية ولا يعلم من يقف وراءها وحطبها من النساء والأطفال الذين ينساقون وراء بعض المنظّرين. والتويجري أحد من رعته هذه التجمعات وأصحابها المجهولون المتلبسون بفكر «القاعدة» الإرهابي, لتكون نهايته ملطخة بدم المصلين والأبرياء بتفجيره لمسجد الرضا. وتحاول التنظيمات الإرهابية الاصطياد بالماء العكر والبحث عن أشخاص لزرع أفكارها ونشر ثقافتها الدموية وزعزعة أمن واستقرار البلاد , وأغلب منفذي عملياتها الإرهابية يأخذون المساجد وجهة لهم ويستغلون وجود المصلين بأوقات محددة ليعملوا على قتل أكبر عدد من الأبرياء. والتويجري لم يكن الوحيد المنتمي إلى هذه التجمعات, فهو ليس إلا مجرد رقم من بين المنساقين معها والمتبنين أفكارها, فليس بعيدا على الذهن, حادث تفجير مسجد الطوارئ في عسير, يوم الخميس 21 شوال 1436ه، 6 أغسطس 2015 الذي كان وقع أيضًا في أثناء أداء صلاة الظهر بالمسجد ونتج عنه مقتل 15 شخصا وهم: 5 رجال أمن من قوات الطوارئ، و 6 متدربين بالدورات الخاصة بأعمال الحج، و4 عمال من الجنسية البنغلاديشية. ليتضح بعدها أن منفذ الجريمة الإرهابية الآثمة بمسجد قوة الطوارئ الخاصة بمنطقة عسير يدعى يوسف بن سليمان عبد الله السليمان (سعودي الجنسية)، من مواليد 1415ه, وهو أحد الذين وردت أسماؤهم ضمن قائمة المعتقلين بسبب المشاركة في الاعتصامات التي حدثت في مدينة بريدة بمنطقة القصيم في نهاية عام 2012م, وقد تم إيقافه لمدة 45 يومًا. وأخرج آنذاك المشاركون بتجمعات «فكوا العاني» لصغر سنهم أو لأسباب أخرى، حيث إن أغلبهم من النساء والأطفال المغرر بهم. «فكوا العاني» وغيرها من العناوين والهاشتاغات, تندرج ضمن عددا من الحملات الافتراضية التي تقوم بإنشاء حسابات وهمية، وبأسماء مستعارة على شبكات التواصل الاجتماعي. ويتم من خلال هذه الحملات، المجهولة المصدر نوعا ما، تجييش الأطفال والشباب، للمشاركة بها واستخدامهم حطبًا لإشعال نيران الفتنة والإرهاب بأماكن آمنة مستقرة. وتقوم هذه الحملات بالتواصل مع أقرباء ومعارف الموقوفين, للتأثير بشكل أكبر عليهم واللعب على وتر العاطفة, أو استغلال الخطاب الديني للوصول إلى أكبر عدد من الأشخاص, وتنسق مع من يقتنع بأفكارها للقيام بأعمال تخلّ في الأمن، وتتنافى مع الأنظمة المعمول بها في المملكة. ومن تلك الأعمال الدعوة للتجمعات والاعتصامات والمسيرات. واستغلت هذه الحملات الافتراضية بعض الحسابات الأخرى التي تقف خلفها ربما جهات استخباراتية وتنظيمية، تحاول إغراق مواقع التواصل الاجتماعي بأفكارها, وتعمل ضمن حملات إعلامية وإعلانية منظمة وممنهجة لها, للوصول إلى أهدافها التي تخدم مصالح معينة لا يكشف عنها. وجمعت «فكوا العاني» التويجري مع السليمان, لتكون نهايتهما متشابهة, ونقطة سوداء لا يمكن أن تزال من صحائفهم بعد تسببهم في وفاة العديد من الأبرياء والمواطنين دون وجه حق, بطرق شنيعة وبأطهر الأماكن في بيوت الله وبأوقات الصلاة, ليستغرب من يشاهد ويقرأ هذه الحوادث, من يقف وراء هؤلاء الذين يقومون بأعمالهم الإرهابية والوحشية في المساجد ويحاولون زعزعة الأمن والانتقام من المصلين الأبرياء الذي كان كل ذنبهم ذهابهم للمسجد وأداء فريضتهم مع الجماعة. وطالب مختصون بإعادة النظر في ملفات وأسماء من شاركوا بتلك الحملات ومتابعتهم والتأكد من خلو سجلاتهم من مخالطة الإرهابين والتيقن من سلامة أفكارهم من التطرف واتباع جماعات أو منظمات إرهابية, خصوصًا بعد أن قبض لاحقًا على العديد من المشاركين بهذه التجمعات المشبوهة لانضمامهم لتنظيمات إرهابية أو خروجهم لمناطق الصراع والمشاركة بالقتال بأماكن خارج المملكة. وعلى خلفية أحد التجمعات الذي حمل عنوان «فكوا العاني»، ضُبط العديد من الأشخاص والنساء والأطفال بسبب تجمعهم غير النظامي لاستغلال قضايا عدد من المدانين والمتهمين بجرائم ونشاطات الفئة الضالة. وجرت بعدها محاولات تسليم الأطفال الذين كانوا برفقة المقبوض عليهم لمن يتولى أمرهم من ذويهم. وكانت وزارة الداخلية أصدرت بيانا، السبت، كشف فيه عن هوية التويجري منفذ تفجير مسجد الرضا, الذي اتضح أنه سبق إيقافه للمشاركة في التجمعات المطالبة بإطلاق سراح الموقوفين بتاريخ 25 شوال 1434ه.