فرادى وجماعات يمتطي المهاجرون السوريون عباب البحر هربًا من صخب الحرب وضجيج الموت، وفرارًا من جحيم البراميل المتفجرة باحثين عن وطن يؤوي ضعفهم، ويغني عوزًا لا يكاد يخفى، وعما يحيي آمالهم في العيش الكريم، بعد أن عز شامهم المختطف برغيف الخبز وقطرة الماء فاستحالت حلمًا لأطفاله قد لا يطال. تضيق بهم سبل العيش لتخنق آمالهم وأحلامهم، ويصبح الأفق شاحبًا لا تلوح به بارقة أمل تخفف من وطأة الظلم الواقع على كواهلهم، وقد ناءت به فشاخت وهرمت قلوبهم، ولم تعد تقوى على الفرح، لا سيما أن الحرب لم ولن تضع أوزارها على الأقل في القريب المنظور. يأبى المحيط إلا أن يجندل أحلامهم، ويزهق أرواح بعضهم، فقد ضاق ذرعًا بسخف ما تدعيه وتتبجح به حكومات الغرب عن حفظها لحقوق الإنسان والحيوان، وآثر أن يبتلع بعضًا منهم على أن تبتلعهم دوامة التبشير التي ما فتئت تجبرهم على التحول عن دينهم، وعلى أن يصطدموا بزيف القيم والمبادئ التي تتلاشى حين يكون اللاجئ شرقيًّا أو مسلمًا، لتسن إزاءه قوانين صارمة تعكس الهلع الذي يسيطر على الغرب من أسلمته وتحوله بفعل الهجرة إلى مجتمعات مسلمة، وكذلك خوفه من تأثير اللاجئين على خططه الاقتصادية ليصبحوا عبئًا يثقل كاهل الحكومات المثقلة أصلاً، وهو بالمناسبة ذات الأمر الذي لم تعره المملكة العربية السعودية اهتمامًا، وهي تزاول إنسانيتها وتمارس مروءتها وما تقتضيه النخوة العربية في تعاطيها مع قضية اللاجئين، فقد استضافت وتستضيف على أراضيها ما يربو على المليونين والنصف مليون سوري سمَّتهم مقيمين وضيوفًا أعزَّاء، وبالرغم من سعيها الحثيث ولسنوات مضت إلى إحلال المواطن السعودي على الوظائف التي يشغلها مقيمون إلا أنها آثرتهم على نفسها ومواطنيها لتقتسم وإياهم أسباب العيش وسبله، فتسد جوعهم وتشبع طموحاتهم . وكالمستجير من الرمضاء بالنار ذهب السوريون يخوضون غمار البحر يحدوهم الأمل بغد أفضل. وفي موجة لجوء لم تشهدها أوروبا يومًا اجتاح اللاجئون الشواطئ الأوربية ليكشفوا عن وجهها القبيح، وليكتشفوا أن ما كانو يصبون إليه ليس سوى آمال أبعد ما تكون عن الواقع الملموس، ولتذهب أحلامهم أدراج تعصب الغرب وتعنته، وليدركوا أن من تخطفتهم يد المنون هم أحسن حالاً منهم، فأوروبا ليست الحبشة، وميركل وكاميرون وأولاند ليسوا نجاشيها. رابط الخبر بصحيفة الوئام: مقال /محمد محسن/ في اوروبا لايوجد نجاشي