دئمًا ما نجد حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بين الفينة والأخرى يتحقق في كثير من الصور اليومية، والمشاهد الحياتية، التي نراها في مجتمعنا، حيث قال عليه السلام: (حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)، فالكثير يرى أن أي شيء يأتي إلينا من ثقافة الأمم والشعوب الأخرى، هو "موضة" ودليل على مواكبة التطور، فتتسابق إليه الخطوات لاتباعه، وتنطق الألسنة بمدحه، سواء أكان له فائدة تُرجى، أم كان خاليًا من الفائدة. وبغض النظر عن مدى الفائدة المأمولة، إلا أننا أصبحنا نقلد ما نشاهده، ونشجِّع أبناءنا بعمله وتطبيقه، ونتداوله في مجالسنا وملتقياتنا التقليدية أو الإلكترونية بالإشادة والثناء، وأصبحت للجميع غير مستنكَرةٌ، ولا الأنفس لها مُكْرِهة. ولا شك أن "السيلفي" هو مثال من الاتباع والتقليد، حيث أخذ انتشارًا واسعًا بين الناس، صغارًا كانوا أم كبارًا، خصوصًا بعد أن قام به أحد الممثلين الأمريكيين، في إحدى حفلات توزيع الجوائز. وهنا لا بد من التذكير بثقافة "السيلفي" وهي تقوم على أن يلتقط الشخص لنفسه صورة، إما مع أحد الشخصيات المشهورة، أو يكون خلفه شيء إيجابي يستحق التوثيق معه، ولكن الأمر خرج من المباح إلى المذموم، حيث وجدنا صورًا سيئة، فنجد من صوَّر نفسه مع طفلٍ فقيرٍ بحاوية النفايات، وشابٌّ يصور نفسه متلثِّمًا مع قوارير الخمر، وآخر يصور نفسه مع متوفى، وغيره يتفاخر ويصوِّر نفسه مع مقيم أجنبي، وهذا يصوِّر نفسه مع حادث مروري، وذاك يصوِّر نفسه وهو يصلِّي التراويح، وامرأة متعرِّية تصوِّر نفسها بالقرب من أحد رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكل هذه "السيلفيات" في كل صورةٍ من صورها، نجدها لم تراعِ الأخلاق والقيم، ولم تحترم حرمة الميت، ولم تراعِ شعور ذوي من مات في الحادث المروري، وأيضًا نزعت الحشمة والحياء وأحلت مكانها التبرج والتربية السيئة، بل دعت إلى التمييز في العرق، والمجاهرة بالمعاصي في بعض صورها. وفي الحقيقة أن هذه الصور وغيرها مدرجة في ملف "سيلفيات" مذمومة، برعاية شيطانية شهوانية، من قلوب وأنفس مريضة، لها أهدافٌ تافهة حقيرة، أما "السيلفي" الأكثر سفهًا، والأكبر حماقة، هو عندما يكون ساخرًا بسنة الرسول –صلى الله عليه وسلم- كأصحاب اللحى، ومستهزئًا بلبسهم، وأقصد بأصحاب اللحى: مَنْ مَنَّ الله عليهم بالهداية والصلاح، لا أولئك المتطرفون كداعش ، وهو ما نلاحظه في مسلسل "سيلفي"، حيث قام بطلها وكاتبها من وضع المهتدين بحلقات قريبة من الحلقات التي تتطرق لداعش، وكأنهم يقولون: كل من أطلق لحيته هو سيئ، فيرى المشاهد صورًا سيئةً متنوعةً لأصحاب اللحى بين المهتدين وبين المتطرفين، ظالمةً للأوَّلين ومجحفة بحقهم، فينطبع ذلك في ذهن المشاهدين، وخصوصًا صغار السن وجهلة المجتمع. ف" كل هدف يتحقق بغير طريقة شريفة، وبدون أساليب نظيفة، فإنه تحقق بمباركة الشيطان، وأصحابها قد أخذوه لهم قدوة وسلطان". رابط الخبر بصحيفة الوئام: "سيلفي" مع الشيطان!!