أعرب مجلس التعاوني الخليجي، السبت، عن رفضه ل«الإنقلاب الحوثي على السلطة في اليمن»، باعتباره نسفا للعملية السياسية السلمية التي شاركت فيها كل القوى السياسية في البلاد، واستخفافا بكل الجهود الوطنية والإقليمية والدولية التي سعت مخلصة للحفاظ على أمن اليمن واستقراره ووحدته. وأكد المجلس في بيان «استمرار وقوفه إلى جانب الشعب اليمني، بعد إصدار ما يسمى ب(الإعلان الدستوري) الذي اعتبره المجلس انقلابا على الشرعية، لتعارضه مع القرارات الدولية المتعلقة باليمن». كما أكد البيان أن ما حدث «يتنافى مع ما نصت عليه المبادرة الخليجية، التي تم تبنيها من قبل المجتمع الدولي، وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني من حلول سياسية تم التوصل إليها عبر التوافق الشامل بين القوى السياسية ومكونات المجتمع اليمني، التي تم تأييدها دوليا. وتابع البيان «أن مجلس التعاون يرى أن هذا الانقلاب الحوثي تصعيد خطير مرفوض لا يمكن قبوله بأي حال، ويتناقض بشكل صارخ مع نهج التعددية والتعايش الذي عرف به المجتمع اليمني، ويعرض أمن اليمن واستقراره وسيادته ووحدته للخطر». وأضاف: «تؤكد دول مجلس التعاون أن ما يهدد أمن اليمن وسلامة شعبه يعد تهديدا لأمنها ولأمن المنطقة واستقرارها ومصالح شعوبها وتهديدا للأمن والسلم الدوليين، وسوف تتخذ دول المجلس كل الإجراءات الضرورية لحماية مصالحها». وحذر بيان مجلس التعاون من أن الانقلاب لن يقود إلا إلى مزيد من العنف والصراع الدامي في هذا البلد الشقيق. وناشد المجلس المجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤولياته لإدانة هذا الانقلاب وشجبه وعدم الاعتراف بتبعاته. ودعا البيان «مجلس الأمن الدولي إلى سرعة التحرك لتفعيل قراراته ذات الصلة بالشأن اليمني، واتخاذ القرارات اللازمة لوضع حد لهذا الانقلاب الذي سيدخل اليمن ومستقبل شعبه في نفق مظلم». ومن جهة أخرى أكدت أحزاب وقوى سياسية يمنية رفضها لما سمي ب«الإعلان الدستوري» الذي أعلنته اللجان الثورية التابعة لميليشيات الحوثيين، مساء أمس الجمعة بالعاصمة صنعاء، فيما اعتبر جنوبيون الإعلان «يخص الشماليين وليس ملزما للجنوبيين». وأعلن حزب البعث العربي الاشتراكي القومي رفضه للإعلان الدستوري، معتبرا إياه «انقلابا على السلطة ودستور دولة الوحدة وكل الاتفاقات والبروتوكولات المبرمة بين دولة الوحدة والمنظمات العربية والإقليمية والدولية بما فيها جامعة الدول العربية ومجلس تعاون دول الخليجي العربي والأممالمتحدة والدول الشقيقة والصديقة». ودعا الحزب في بيان له أمس كل القوى والمكونات السياسية والشعبية اليمنية إلى إدانة ورفض ما وصفه ب«الإعلان الانقلابي»، والخروج إلى الشوارع والساحات والميادين العامة رفضا لما وصفه ب«الانقلاب على الدولة والشرعية الدستورية»، في محاولة ل«تحرير العاصمة صنعاء وبقية المدن اليمنية من الميليشيات الحوثية واستعادة الدولة ومؤسساتها الدستورية ومحاكمة الانقلابيين الذين عطلوا عمل الدولة ونهبوا معسكرات الجيش والأمن». من جانبها قالت الهيئة الوطنية، أحد أبرز مكونات الحراك الجنوبي، إن «شعب الجنوب متمسك بهدف التحرير والاستقلال وبناء دولة الجنوب العربي»، كما دعت الجنوبيين ل«الصف ودعم الاصطفاف الجنوبي لمواجهة كل التحديات والمخاطر». وقالت الهيئة في بيان لها إنه «ثبت أن بناء دولة مدنية في عاصمة دولة الاحتلال (صنعاء) لا أفق له في المستقبل المنظور». وفي وقت سابق، أعلن مجلس شباب الثورة اليمنية، في أول رد فعل على قرارات الحوثيين التي سمتها «الإعلان الدستوري»، «رفضه المطلق له»، معتبرا أنه يمثل «اغتصابا للسلطة». ويعتبر «مجلس شباب الثورة» أحد المكونات الكبرى في الثورة الشبابية في اليمن التي اندلعت عام 2011، وتأسس منتصف 2013، بزعامة الناشطة توكل كرمان، الفائزة بجائزة نوبل للسلام عام 2011، ويضم نخبة من المثقفين والقيادات الشابة في الساحة اليمنية. أما محافظ شبوة الجنوبية، أحمد باحاج، اعتبر ما حدث في صنعاء «لا يعني أبناء المحافظة، لأنها تدير نفسها ولا تستلم التوجيهات من صنعاء»، وأوضح في تصريحات صحافية أن «شبوة تدير أمورها من خلال السلطة المحلية والأجهزة الأمنية والعسكرية، بالتنسيق والتعاون مع الشخصيات الاجتماعية وقيادات في الحراك الجنوبي والفعاليات السياسية». بدوره دعا عبد العزيز بن حبتور محافظ عدن جنوبي اليمن مساء الجمعة المجتمع الدولي لعدم الاعتراف بما وصفه ب«انقلاب الحوثيين». فيما أفادت مصادر حكومية أن قيادات محافظاتعدن ولحج وأبين بدأت اجتماعا طارئا لاتخاذ موقف موحد بشأن «الإعلان الدستوري» الذي أعلنته اللجان الثورية التابعة للحوثيين. في المقابل، رحب حزب الحق اليمني ب«الإعلان الدستوري» للحوثيين، ليصبح الحزب الوحيد من بين أحزاب تحالف اللقاء المشترك المكون من 6 أحزاب كانت مشاركة بالحكومة الذي يرحب بما أعلنه الحوثيون. وقال حزب الحق، وهو مقرب من «الحوثيين» في بيان له إنه «يعلن مباركته وتأييده للإعلان الدستوري الصادر عن اللجان الثورية اليمنية اليوم بصنعاء والذي ينظم المرحلة الانتقالية على أسس الشراكة الوطنية وبناء الدولة المنشودة». واعتبر أن الإعلان يهدف للوصول باليمن إلى بر الأمان. وكانت ما تمسى ب«اللجنة الثورية» التابعة للحوثيين قد أصدرت ما سمته ب«الإعلان الدستوري» بشأن شكل الدولة اليمنية الجديدة من القصر الجمهوري في العاصمة صنعاء، وتضمن هذا الإعلان تشكيل مجلس رئاسة من 5 أعضاء ينتخبهم المجلس الوطني، وتصادق عليه «اللجنة الثورية»، إضافة إلى حل البرلمان وتشكيل المجلس الوطني الانتقالي من 551 عضوا، وذكر الإعلان أن «مجلس الرئاسة» يكلف من يراهم أصحاب كفاءة لتشكيل حكومة كفاءات، وحدد الفترة الانتقالية بعامين. من ناحية أخرى، هدد مجلس الأمن، أمس الأطراف في اليمن باتخاذ «خطوات» لم يحددها – عادة تعني فرض عقوبات – في حالة عدم استئناف المفاوضات للتوصل إلى حل للأزمة في اليمن. وقال رئيس مجلس الأمن الدولي السفير «يو جيه يى»، الممثل الدائم للصين لدي الأممالمتحدة، والذي تشغل بلاده رئاسة أعمال المجلس لشهر فبراير في تصريح للصحافيين، عقب جلسة مشاورات مغلقة للمجلس استغرقت أكثر من ساعتين وإن أعضاء مجلس الأمن «يشعرون بقلق بالغ إزاء الإعلان الدستوري الذي تم في اليمن اليوم (أمس)». وأضاف أن «أعضاء المجلس يدعون جميع الأطراف – لا سيما الحوثيين – إلى الامتثال بمبادرة مجلس التعاون الخليجي والحوار واتفاق السلام». مشددا على أن المجلس على استعداد للنظر في اتخاذ خطوات أخرى في حالة عدم البدء في المفاوضات بين الأطراف اليمنية، وطالب المجلس أيضا ب«الإفراج الفوري» عن الرئيس ورئيس الحكومة والوزراء الذين فرضت عليهم الإقامة الجبرية. من جهتها أعربت واشنطن على لسان مسؤول أميركي، عن معارضتها لهذا الإعلان. وقال المسؤول الرفيع الذي أدلى بتصريحاته بعد لقاء جمع وزير الخارجية جون كيري ومسؤولين في مجلس التعاون الخليجي في مدينة ميونيخ الألمانية والذي رفض الكشف عن اسمه، إن «الأوضاع في اليمن أثارت قلقا شديدا استحوذ على الاجتماع الذي عقد على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن». وأضاف: «هناك شعور بأن على المجتمع الدولي بحاجة إلى اتخاذ موقف أقوى». وأكد أن بلاده تتطلع إلى أن تلعب السعودية دورا أساسيا في محاولة حل الأزمة نظرا إلى «نفوذها الواسع» في المنطقة والمساعدات المالية التي تقدمها إلى اليمن. كما التقى كيري بوزراء خارجية ومسؤولين من البحرين وسلطنة عمان وقطر والإمارات ونائب وزير الخارجية السعودي، وحض كيري الدول الخليجية خلال اجتماع دام لمدة ساعة ونصف، على مضاعفة اتصالاتها مع جميع الأطراف في اليمن بعد أن تحدثوا عن مخاوفهم حيال خطر الاستقرار في المنطقة جراء الفراغ في السلطة. على صعيد متصل عاد إلى صنعاء اليوم جمال بن عمر، مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن، بعد زيارة قصيرة للمملكة العربية السعودية في إطار جهوده الرامية إلى التوصل إلى مخرج للأزمة السياسية الراهنة في اليمن. ومن المقرر أن يجري المبعوث الأممي خلال الزيارة لقاءات مع اللجنة الثورية وقيادات المكونات والأحزاب السياسية لبحث سبل الخروج من الأزمة الراهنة واستكمال بقية خطوات المرحلة الانتقالية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل واتفاق السلم والشراكة. رابط الخبر بصحيفة الوئام: دول الخليج وأحزاب وقوى سياسية يمنية ترفض «الانقلاب الحوثي»