تأقلمت سيّدة المنزل الدمشقية مع المستجدات الاقتصادية بسبب انخفاض القوة الشرائية لليرة السوريّة، وتقلبات أسعار المواد الغذائية ولونت مائدتها الرمضانية وفقا لما هو متاح بصنوفٍ شتى، من مفردات المطبخ (الشامي). وتشمل أبرز الأطعمة على قائمة مائدة الإفطار في العاصمة السورية دمشق، المأكولات الشعبية، بدءًا من المقبلات والعصائر، مرورا بالطبق الرئيسي، ووصولاً إلى حلويات رمضان. ويعتبر طبق الفول (بالحمض والثوم، أو الطحينة) من الأصناف التي تفتتح مائدة الإفطار، بالتناوب مع نوعٍ من أنواع الفتّات التقليدية، وأكثرها شهرة في دمشق (التسقية)، وهي فتّة الحمص بالسمنة، أو بالزيت وهنا يكون اسمها (الفقسة) حيث يتم إضافة (القلي) للبن، فيتغير قوامه ويصبح سائلاً حليبيا أبيض اللون، وإلى جانب فتّة الحمص بنوعيها، هناك أيضاً فتّة (المكدوس) (التي تتكون من الباذنجان المقلي، والمحشي باللحم المفروم، ويضاف إليها الطحينة، واللبن الرائب، ومعجون الطماطم، مع الخبز)، ولابدّ أيضاً من وجود (الفتّوش) أو (التبّولة) بين أصناف السلطات التي تفتتح المائدة. وتتفوق شوربة (العدس) (المطبوخة من العدس المقشور، ومرق اللحم، أو العظام) على كل أنواع الحساء ويتم تناولها بصورة أساسية مع (دراويش) الكبّة المقلية. ويتراجع حضور الشوربة في شهر رمضان خلال فصل الصيف، لصالح العصائر، وما أكثر أنواعها. وما زالالعرقسوس بشعبيته لدى الدمشقيين، يليه منقوع التمر الهندي مع ماء الورد، وقمر الدين (رقائق المشمش المجفف)، والليمون بالنعناع، بينما تحضر المحاشي بأنواعها على المائدة الرمضانية، وخصوصا الكوسة، والباذنجان، وورق العنب المعروف ب(اليبرق)، والملوخية (بالدجاج أو اللحم)، وأنواع من الطعام شديدة الخصوصية في دمشق، ك(الكواج) (الذي يتألف من البطاطا المقطعة، مع الكوسا والباذنجان، والطماطم واللحم المفروم)، ويمكن أن يتغير اسم الأكلة إلى (الطبّاخ روحه) (إذا أضيف إليها الثوم والنعنع، وقطع اللحم الكبيرة، وتتغير في هذه الحالة طريقة الطهي أيضاً). ومن أنواع من الطعام التي تطبخ باللبن الرائب، مثل (الشاكرية) (لحم الخروف المسلوق، يخلط مرقه مع اللبن، على النار، وتضاف إليه قطع اللحم)، والكوسة بلبن (كوسةمحشي باللحم المفروم، يقلى بالزيت، ثم يطبخ مع اللبن)، و(الكبّة اللبنية) الشهيرة (دراويش كبّة صغيرة، تطبخ باللبن)، والشيش برك (عجين محشي باللحم المفروم،يشكّل على شكل قبّعات صغيرة أو أصداف، يتم طبخها باللبن). وتظهر الفريكة بالدجاج أو اللحم (وهي نوع من القمح المشوي، المطبوخ بمرق اللحم، أو الدجاج)، والأرز بالفول، أو البازيلاء. وتعتبر (الأوزي) من بدائع ابتكارات المطبخ الدمشقي، (وهي عبارة عن صرر من رقائق العجين، يتم حشوها بالأرز المطبوخ مع البازلاء، وقطع اللحم، وتشوى في الفرن). ولا تتغيب عن المائدة الرمضانية رقائق من العجين على شكل أرغفة خبر، تقلى بالزيت وتحلى بدبس العنب، أو التمر. وتسمى هذه الرقائق ب(الناعم)، ويضرب فيها المثل بهشاشتها، وعادة ما يكون بيعها في الأسواق مصحوباً مع نداءات الباعة: (وقعت ولا رماك الهوى يا ناعم). ويعد (المعروك) من بين أحد أشهر أنواع الحلوى الرمضانية في دمشق، وهو عبارة عن خبز حلو، قد يكون محشواًبالزبيب وجوز الهند، أو التمر، أو الشوكولا. وتحظى القشدة بالنصيب الأكبر من الحلويات الشعبية الرمضانية في الشام، ومن بينها (النموّرة)، (وهي رقائق البقلاوة المحشية بالقشطة)، و(النهش) (رقائق عجين البقلاوة، تخبز على شكل أرغفة، وتحشى بالقشدة الباردة)، وهناك أيضاً (الغريبة بالقشطة). ولكن المكونات المثالية لمائدة رمضان في الشام تعرضت للتناقص مؤخراً، تحت وطأة الظروف الاقتصادية الضاغطة للحرب، وهنا يكون التعويل دائماً على مهارة ربّات البيوت في التدبير، رغم الصعوبات الكبيرة، على مبدأ المثل الدارج (الغزّالة الشاطرة… بتغزل على عود)… وكان الله في عون من لا يمتلك هذا (العود) بالأصل. وتقدّم بعض المطاعم الدمشقية كوبونات طعام، لعددٍ من الجمعيات الخيرية، بالإضافة إلى جهودٍ أفراد يحرصون قدر استطاعتهم، على تأمين سلّات غذائية للعائلات الفقيرة. ويوجد الكثير من العائلات المهجرة، والفقيرة التي تعيش على الإعانات في يومنا الحالي. وهنا، تجدر الإشارة إلىمبادراتٍ عدة تقوم بها الجمعيات الأهلية لتأمين الإفطار لتلك العائلات، ومن بينها مشروع (سكبة رمضان)، وجمعية (حفظ النعمة)، وغيرهما. رابط الخبر بصحيفة الوئام: «وقعت ولا رماك الهوى يا ناعم».. هكذا تتحدى الدمشقيات نار الحرب في رمضان