شيئا من الظلمة…انتصفت الظلمة…ظلمة قاتمة ثم ظلام دامس قد ملأ الآفاق وانتشر يسري مع الأرض بسرعة باهرة -لم نشعر به ونترصد لتسلله-حتى إذا أخرجت يدك لم تكد تراها وفي يوم وليلة تبدلت قريتي بالفوانيس وأحرق الشعاع الخارق فحم الليل المتراكم كالملح والنار.. فتتفاقم القرية ناراً ونوراً في كبد السماء ونحن جلوس تحت هذه الأضواء كأننا تحت ألعاب نارية في أول ليلة من ليالي العيد . بدأنا نسمع الآيات تصدح في الطرقات ويسري سوطها يضرب كل قلب مشى في الممرات ، فمساجدنا أضاءت أنوارها ، وأنشد الأطفال براءتهم في أسوارها ، وانبثق الفرح والنور من جبين الآباء والأمهات وخصوصاً الشيوخ الركع "كبار السن" لقد باتت ليالينا : نورا على نور ولسان حالهم يقول : الحمد لله بأنا مازلنا أحياء ! شهر النور والضياء ، شهر لمة الأهل تحت قمره الوضاح وحديث الليل مع الأصدقاء واجتماع أبناء الحي جميعا صفا واحدا خلف إمام واحد لربه راكع وساجد ولآيات ربه يشفي غليل الحزين الشارد ! تفيض عيناك دمعا خشوعا لأمر طالما افتقدناه إنه والله : كلام رب الأرض والسماء فالحمد لله مازلنا أحياء ! لن أسري بإسلوبي معك كوقع الظلمة فينا ! لا ولكن دعني أصارحك وأقول : هي مصيبة عظمى حينما يدب في قلوب أبنائنا بأن الموت وطلب حسن الخاتمة ليس مشروعا مقبولا إلا من كبار السن ، بل تُنتقد حينما تخرج من فلتات لسانك هذه الكلمات الكبيرة من…عمرك الصغير ! أيها الشباب والشابات هل تعلمون أنكم أكثر موتا ممن اشتعل رأسه شيبا وبلغ من العمر عتيا ( ربما ضايقتك…فتحملني ) ولكن لماذا نرمي الحقائق خلفنا بسهولة ونلهث خلف السراب باجتهاد ورعونة ! أيها العاصي قد لا تعيش غير هذه الأيام الذهبية ..الثمينة بكل تفاصيلها ! وكذلك أيها التقي لاتنسَ! أعطني وعدا موثوقا بأني سأعيش في الرمضان المقبل ودعني آخذ حريتي من بعدها فهل تقبل هذا الشرط كي أقبل ؟ مازلت : ألهج وأحيانا أتمتم بهذه العبارة وأقول : الحمد لله ..بأني مازلت حيا ! أغيّر مساري ، أجدد توبتي متعة..فرحة..هدية هي فرص ذهبية ومنح إلهية ! هي فرصة للتغير حقاً هذه الأيام ..أليس كذلك أيتها النفس ؟ فهل سأتغير فعلاً ؟ إن لم أزل هذه الظلمة عن قلبي وعقلي بنور النفحات وأعطر ردائي وقلبي بطيب الأنوار الذي قد ملأ رقعة الأرض والسماء وفي الحديث القدسي : كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ….يا نفس متى سأتغير ؟! ، إلهي أعني على تغيير طريقي ووجهني نحو وجهة ترضاها ، وشق أمامي يارب طريقا جديدا..نظيفا..واسعا..مضيئا وأسلخ بعدها ثوب الذنوب الملاصق لبدني من المعاصي ودرنها ومن الأماني وكذبها فأبقى طفلاً كما خلقت ،، وأرجع إليك كما ولدت فإلى هذا اليوم أقول : الحمد لله..مازلت حيا ! رابط الخبر بصحيفة الوئام: الحمد لله…مازلت حيا !!