مسلمو البرازيل، هؤلاء الذين تحدوا تعنت البرتغاليين وأعداء الاسلام في إعطائهم الحرية لممارسة شعائر دينهم، جابهوا جل محاولات الإقصاء عن الإسلام على مدى تاريخ تلك البقعة الأرضة، ووصلوا في نهاية المطاف إلى الانتصار لدينهم ومثلوا عددا معترف به داخل الدولة يعتنقون الاسلام بحرية بالغة مع كامل حقوق المواطنة. يرجع معظمهم إلى مهاجرين من بلاد الشام والهند بالإضافة إلى البعض ممن اعتنق الإسلام. تأسست أول جمعية إسلامية في البرازيل عام1929 وهي الجمعية الخيرية الإسلامية في مدينة ساو باولو. وتذهب الروايات إلى أن مكتشفي أمريكاوالبرازيل اصطحبوا معهم بعض المرشدين المسلمين المتمرسين في علوم البحار، هؤلاء المرشدون تظاهروا بالنصرانية للهروب من محاكم التفتيش في إسبانيا الموريسكيين، وحال وصلوهم إلى البرازيل بدأوا في إظهار بعض الشعائر الإسلامية، ولم يلبثوا كثيرا حتى تم اكتشاف أمرهم وأقيمت لهم محاكم تفتيش من قبل البرتغاليين في مدينة باهية 1594م، وتم تحديد بعض المواصفات التي تبين من هو مسلم سرا ونصراني جهرا، مثل الاغتسال والاستيقاظ المبكر والصيام ونظافة الملابس . ومنذ عام 1594م، محاكم التفتيش الكاثوليكية نفذت ضدهم أحكاما دموية تمثلت في إعدام أو إحراق أو استعباد الآلاف منهم. وكانوا يستخدمون الشجرة المقدسة التي تسمى شجرة النسيان، إذ يقوم الرجال من العبيد بالطواف حولها تسع مرات والنساء سبع مرات، وتلك الطقوس الوثنية كان الهدف منها حمل العبد على نسيان الماضي وغسل الذاكرة، ثم ينتقل العبيد إلى المحطة الثالثة ليتم حبسهم في ركن خاص إلى أن تصل السفن وقد يدوم الانتظار أربعة أشهر، يحبسون في ركن زوماي، أي المكان الموحش الذي لا نار ولا نور فيه، يقسمون إلى أفواج في زنزانات مظلمة لتعويدهم على الصبر في عنابر السفن الضيقة. وصل هؤلاء العبيد إلى أرض البرازيل تم تعميدهم، ولكنهم ظلوا محافظين على إسلامهم، يمارسون شعائرهم الإسلامية خفية، ويحفظون صفحات من القرآن، وكان بينهم علماء ومشايخ، ظلوا يوجهونهم للتمسك بدينهم، وقد أقاموا داخل أكواخهم حلقات القرآن، ومجالس العلم، وكان نتيجة هذا التمسك القوي بالإسلام أن سمح لهم أسيادهم البرتغاليون بهامش من الحرية الدينية. وشهدت البرازيل كبرى المعارك بين جنود المملكة البرازيلية والعبيد المسلمين الذين قاموا بثورة شاملة عام 1835م من أجل الحصول على حريتهم وإقامة دولة إسلامية سميت " بثورة العبيد " ولكنها فشلت وقدم المسلمون الكثير من التضحيات وفقدوا الكثير من ثوابت الدين. تذكر بعض الكتب التاريخية أن هؤلاء العبيد كانوا أسرى ملك داهومي الوثني، أسرهم في حروبه مع الدول الإسلامية وباعهم للبرتغاليين وكانوا في الغالب من قبائل داهومي، الهوسا، الفولاني، والذين يمثلون 31% من السكان من أصول إسلامية، وصادف أن كان من بين هؤلاء علماء في الدين، فنجحوا في الحفاظ على علمهم وأسسوا جاليات إسلامية قوية ومنظمة من المستعبدين، ونجحوا في إدخال كثير من العبيد الآخرين في الإسلام، وكانت لهم المدارس الإسلامية والمساجد وشيء من الحرية الدينية، وكان يسميهم البرتغاليون بالمعلمين. ويشكل المسلمون اليوم في البرازيل ما نسبته 5.1% من مجموع عدد السكان، وأكثر تجمعاتهم في ولايات ساوباولو وريو دي جانيرو وبارانا وريوغراندي دي سول، ولا توجد إحصائيات دقيقة بالنسبة إلى عددهم، إذ تقدر بعض المصادر عدد المسلمين في البرازيل بحوالي مليونين. ومن أحد أهم أسباب المساهمة في إقبال عدد كبير من البرازيليين على اعتناق الإسلام وهو المسلسل التليفزيوني Le Clone، فبعد ثلاثة أسابيع من هجمات 2001 على مركز التجارة العالمي، أطلقت قناة جلوبو هذا المسلسل الذي تدور أحداثه في المغرب ويقوم بتصوير العالم العربي والإسلامي. وقد كان هذا الأمر من قبيل المصادفة؛ حيث كانت القناة تخطط لعرضه من قبلها بشهور، وقد لاقى هذا المسلسل نجاحاً كبيراً، حتى أن عبارة "إن شاء الله" باتت تستخدم بطريقة شائعة في شوارع ريو دى جانيرو وساو باولو، وأصبحت الكثير من النساء البرازيليات يخططن للتخلي عن دينهم من أجل الزواج من سعيد، البطل المسلم في المسلسل، وهو شخصية رومانسية ينال احترام زوجته حيث غير هذا المسلسل نظرة الكثير من الناس للإسلام. والجمعية الخيرية في ساوباولو والمعروفة بأم الجمعيات، أقدم الجمعيات الإسلامية في البرازيل وأول جمعية خيرية إسلامية تأسست في جنوب القارة الأميركية، وترجع جذورها إلى عام 1926م، حيث تشكلت أول لجنة من المهاجرين المسلمين. كان من أهداف هذه الجمعية بناء بيت يذكر فيه اسم الله، وحال دون ذلك إمكانيات المسلمين المادية الضعيفة والحرب العالمية الثانية، فتأخر بناء المسجد حتى عام 1957. حملة المونديال: *ومع انطلاق مونديال البرازيل لكرة القدم، دشن المجلس الأعلى للأئمة والشئون الإسلامية فى البرازيل، حملة "اعرف الإسلام"، للتعريف بالدين الإسلامي خلال فعاليات كأس العالم 2014. واستقبل 21 مركزاً إسلامياً في عدة مدن في البرازيل، ويستقبل اليوم 2.8 مليون كتاب للتعريف بالدين الإسلامي بعشر لغات مختلفة. عشرات الشاحنات الضخمة، حملت الكتب والمواد الدعوية، لأكثر من 21 مركزاً إسلامياً على امتداد دولة البرازيل، في أكبر تظاهرة دعوية تشهدها تلك الدولة. رابط الخبر بصحيفة الوئام: الإسلام في البرازيل .. من سيوف البرتغال إلى المونديال