أطال في الوقوف أمام مبنى الجمعية الخيرية ، صراع الكرامة مع الحاجة قد زاده تيهآ …متردد أيلج في الداخل أم يعود لمنزله ؟! بعد أسبوع قطع هذا التردد بالجزم التام فعزم أن يقابل مسؤول الجمعية . - ألقى التحية على المسؤول ووجهه مفعم بالحياء والتعفف -السلام عليكم _ وعليكم السلام ورحمة الله . أخي لقد إنقطع عنا التيار لمدة إسبوع تقريبآ ولم نستطع سداد الفاتورة ! هل لكم يدآ تسدي لنا معروفا فتعيد عملها ؟؟ قال : نعم أخي … تمت مساعدته… رجل طاعن في السن حظر لزفاف شابُ من أحد أقاربه ، تأخر الوقت حتى إنتهى الزفاف ألقى بنظره يمنةً ويسرةً ، تأكد أن الناس قد إنفضوا لمنازلهم فذهب لأحد الشباب ( أعرفه ) من الأخيار _ نحسبه والله حسيبه _ سأل صديقي : هل تبقى من اللحم شيء ؟؟ ذُهل صاحبي قليلآ …ثم أجاب : نعم ياعم ! دع العمال يجمعونه لي ويضعونه في كيس فاوالله لم نأكل لحمآ ولا دجاجآ منذ شهر أو..أكثر . حينما ألقي نظرةً خاطفة على تلك البيوت الصامتة من الخارج ، أعتقد أن هناك لم تزل أسر لن ولم نعرف مابداخل أسوارها من معاناة الفقر المدقع والعازة . جمعت قصصآ عجيبة قد لاتصدق فأطلت البحث عنها ولم أذكر هنا إلا القليل "يكفي من القلادة ماأحاط بالعنق " . أتساءل دائبآ : كيف يكفي لتلك القرية ميزانية "الجمعية الخيرية "التي تتراوح مابين 150 ألف إلى 200 ألف ؟! " بل إن هذه الميزانية تكون مصروفات رواتب للعاملين + فاتورة كهرباء + فاتورة هاتف ونت + إيجار المبنى + تأمينات + أوراق تصوير + أحبار + صيانة + أجرة عامل لنقل المواد أو أجرة السيارة + طباعة تقرير سنوي" أهذا يعقل ؟؟ بيوت لايوجد فيها غاز ! فتعتمد بطبخ طعامها على إشعال الخشب اليابس من البساتين النائية ! ، ثمة بيوت لايملكون القدرة على حفر "خزان" الماء ! فهل تلك القيمة الضئيلة تكفي لهذه الشريحة الكبيرة من المجتمع الذي قد أكمَّ أفواه بعضهم الحياء والتعفف والمرؤة ! بعضهم يتمنى أن موظفي الجمعية الخيرية لايكونوا من بلدتهم حتى لايشخص ماديتهم ومعيشتهم الخاصة ولكي لا ينظروا في عين الرأفة والشفقة . رجال تصمت كصمت الأسود وبيوت في أسرارها تبوح عن طريق العجائز اللاتي لا يستحملن كتمان الحقيقة من مرارة عيش أفلاذ أكبادهن . كم هو شيء مؤلم أن نتجاهل الأحزان والآلام التي تأكل الأخرين بسبب ظروفهم القاسية ! ********************************************** * ومضة : أيها الرجل السعيد قد طال ليل أحلامك الجملية على فراش سعادتك وهناءك ، إنهض فتقاسم السعادة مع الفقراء والمحتاجين في حارتك ، نعم في حارتك التي لم يكن يخطر في بالك يومآ مايحدث داخل أكنافها . إن كنت غني فتصدق أخي ، إن لم تكن تاجرآ فدل التجار على منازل الفقراء . * إلى الجمعيات الخيرية : إتقوا الله ! فتشوا بشغف عن أوضاع المحتاجين ومتطلباتهم (واعلموا أنكم مأجورون) كذلك (واعلموا أنكم محاسبون) * أيها المسؤول أرفع إحتياج الأسر المحتاجة التي لم يعد يسد رمقها الشئ اليسير منكم ، ولم تعد سقوف منازلهم أن تسد بقوة ذريعة لكي تقيهم من أمطار الشتاء أو تمنع تسلل هجير الشمس الساقط على وجوه أطفالهم الأبرياء من تلك الثقوب… فلطالما أيقظهم من عذب…المنام حتى الأحلام السعيدة لم يعيشوها بهناء ! * هناك عباقرة من أبناء الفقراء يريدون ما يقيم لهم صلبهم كي يضيئوا لنا هذه الحياة من جديد ! ولكي يفكروا بالإنجازات أكثر من تفكيرهم كيف الحصول على "الوجبات" ! * مازلت أقف طويلآ أمام بعض البيوت الخربة الصامتة من الخارج وأقول في نفسي : إن للبيوت أسرار لانعلمها… الله يعلمها .