نداءات استغاثة وطلبات معونة عبر رسائل الجوال أو الاتصالات الهاتفية تفسح لكثير من الحزن والأسى أن يسكنا في القلب، فعندما تتصل امرأة (مواطنة سعودية) تشكو سوء حال معيشتها وأبنائها وبخاصة إن كان زوجها مريضًا ومقعدًا، ومن ثم يلتحق بالرفيق الأعلى، فيترك أفراد عائلته في حال لا يحسدون عليه - أو زوج - ليس بمريض ولا مسن لكنه عاطل نتيجة ظروف معينة فيرتمي على الأعتاب يطلب مساعدة من هنا ومعونة من هناك، أو أب كان يسعى على أهله لكنه أصيب في حادث أقعده عن أي محاولة لكسب لقمة العيش بكرامة؛ فهو ينتظر نظرة عطف تفهم حاله، فتُقدِّم له ما تيسّر، ولأنه ابن عائلة معروفة لا يستطيع إراقة ماء وجهه ليطرق أبواب الجمعيات الخيرية أو مؤسسة الضمان الاجتماعي ليسجل اسمه ضمن قوائم المعانين، هذه بعض نماذج حالات مرت بي عبر اتصال مباشر أو معرفة شخصية بصاحب الحالة، ولكن ما أكثر الحالات التي تختفي خلف جدران البيوت العفيفة التي يمنعها الحياء ويحسبهم الناس أغنياء من التعفف ولا يعرفهم بسيماهم إلا من وفقه الله!! قد يبادر بعض المسؤولين في الضمان الاجتماعي بالرد موضحين لما قد يغيب عني، أو للعتب على أصحاب هذه الحالات وأمثالهم لعدم طرقهم أبوابها، وقد يجد أحد الطيبين في نفسه دافع الخير فيطلب مني التواصل بشأن هؤلاء وأمثالهم، وقد يتحمّس بعض الخيّرين فيعلن عن استعداده لتقديم أي مساعدات لهم بطريقته الخاصة، وقد يقول قائلون: وأين الجمعيات الخيرية عن المحتاجين والفقراء، وقد يتجرأ البعض فيتهم بعض هذه الجمعيات بتعمد التقصير والإهمال رغم كثرة التبرعات - كما يرى - وأنها قد تتجاوز حدود البلاد فتقدم المساعدات للمحتاجين في الخارج، وقد يحاول البعض إساءة الظن ببعض القائمين على هذه الجمعيات، ولكن هل كل هذه الأساليب تكفي لسد عوز الفقراء والأرامل، والأيتام والمطلقات الفقيرات؛ اللاتي لا عائل لهن بعد الله، وهل ما تُقدّمه مؤسسة الضمان الاجتماعي من مبالغ شهرية أو سنوية تكفي بالفعل، وحتى لو غطّت احتياجات البعض فهل تكفي الآخرين، كما أن مجرد طرق أبواب أي مؤسسة خيرية ليس سهلًا على كل نفس، وإذا سلّمنا بأن أصحاب كثير من هذه الحالات مواطنون سعوديون، فماذا عن أصحاب الحاجة من غير السعوديين، والذين يعيشون بين أظهرنا، وأكثرهم يحمل إقامة نظامية لكنه يفتقد وسيلة توفير لقمة العيش له ولعياله، خاصة مع صعوبة الحصول على فرص عمل تتناسب مع كبار السن والمرضى والمقعدين المحتاجين لأدوية معينة أو أجهزة خاصة؟! ترى هل نتذكر عدد الحالات التي عرضت أمامنا وسمعنا وبصرنا بعد الصلوات عامة وصلاة الجمعة خاصة (مع حسن الظن بأصحابها وعدم تأويل مطالبهم)، وكيف يقف أصحابها في حالات تبكي فعلا وترفع عددًا من التساؤلات أمام ناظرينا عن هؤلاء وحقوقهم علينا، ونحن في بلد الإسلام وهم مسلمون، أي أن لهم حقوق الأخوة الإيمانية - أو الإنسانية على أقل تقدير - فهل يمكن أن نُفكِّر بطرق أكثر واقعية وعملية نرضي بها ربنا ونتجاوز عن مشاعر العنصرية نحو هؤلاء؛ الذي يحسنون الظن بنا، ويعتقدون أن أخوتهم لنا تسمح لهم بعرض حاجاتهم؟ [email protected] [email protected]