قد تنمو الأشياء السيئة على منصات غير سيئة، هكذا تبدو رحلة معظم القضايا التي تقوم على أساس صادق ويُقصد بها الجانب الإيجابي، قبل أن تختطف أو تستغل أو تحور لتؤدي دوراً غير المطلوب منها، منها ما يتم بتدبير مسبق قائم على الترتيب لخط تحوير الهدف، ومنها ما يتم بعد أن ينطلق قطار العطاء بطريقة وضيعة تشوه الأهداف السامية.. غالباً. ولو أخذنا على سبيل المثال، قضايا الحملات الشعبية لجمع الأموال بقصد المساعدة للشعوب المتضررة، بشتى ألوان الضرر والمسببات، لوجدنا أن معظم الحكومات أدركت ذلك مبكراً، وقامت بتجريم من يقوم بذلك بشكل فردي، وحاولت – بعضها – تنظيم العمل عبر تشريع الأنظمة والقوانين التي تبرهن صدق نيات العمل وتحمي القائمين عليه، على الرغم من انتفاء ذلك من «معظمها»، والتي قامت بشكل ملحوظ، وبحسب التقارير الدولية الرسمية، بتمويل الإرهاب تارة، وغسل الأموال مرات أخرى، ما أوقع بعض الحكومات في حرج نظير الممارسات الفردية التي حاولت أن تحتمي بمظلة البلد، لتمرير رؤى وأهداف شخصية أساسها العمل غير المشروع! تقول الصحافية «لوريتا نابوليوني»: «لقد تلقت إثيوبيا في الفترة الواقعة بين عامي 1982 و1985 معونات أجنبية قدرها 1.8 مليار دولار، بما فيها مساعدات حملة (لايف أيد)، غير أن القسم الأكبر من هذا المبلغ 1.6 مليار دولار لم يذهب لسد جوع الشعب، وإنما لشراء معدات حربية، وهكذا قام المتبرعون الأجانب والقائمون على حملة (لايف أيد)، من غير قصد منهم، بتمويل الحرب، وأشعلوا فتيل نزاع لا يرحم بين الجماعات المسلحة والعصابات الإجرامية والحكومة على تقسيم المساعدات الأجنبية التي حاقت بإثيوبيا مصيراً مأساوياً، لتصبح تلك الدولة اليوم أشد فقراً مما كانت عليه في أوائل ثمانينات القرن المنصرم». المشكلة أن الأمر لا تتعلق انعكاساته على المساحات الفكرية والثقافية فحسب، أو يمتدّ لساحات الحروب فقط، بل إن له تأثيراً كبيراً في اقتصاد البلدان، سواء كان بالتوازي مع الأشياء الأخرى، أو من دونها. وهذا ما يجب أن تلتفت له الحكومات العربية، وتحارب اقتصادات الظل، أو ما يُعرف بالاقتصاد الموازي الذي يكلف الحكومات المليارات كل عام، سواء كان مع سبق الإصرار، أو عن طريق الصدفة.. أحياناً! والسلام. أمجد المنيف رابط الخبر بصحيفة الوئام: لماذا يجمعون الأموال؟