يتقدم غدا وخلال الأيام القادمة ، أكثر من أربعمئة ألف طالب وطالبة ، إلى اختبار القدرات. الذي يعده المركز الوطني للقياس والتقويم ، والذي ارتبط به مصير كثير من الطلاب والخريجيين وحاليا الموظفين. هذا الاختبار المستحدث نوعا ما ، والذي أريد منه قياس مستوى مخرجات التعليم العام ، والجامعي ، والذي ثبت أنها متوسط ودون المتوسط. وقد كشفت بجلاء لوزارة التربية والتعليم مستوى أدائها ، وحددت بدقة بالغة مستوى أداء كل إدارة تربية والتعليم ، بل أداء كل مدرسة على حده. وبعيدا عن كل الجدل وللغط الذي يثار حول هذا الاختبار ، أو الوحش كما يراه الطلاب والأهالي ، فإن اختبار القدرات ، هو اختبار مقنن ، وجه تفكير الطلاب والمعلمين نحو نوع جديد من الأسئلة ، وطريقة أساسية في التفكير ، تعتمد على المهارات الحقيقية التي هي أساس التعليم ، والتي عندنا – وغالبا – لا يكتسبها الطالب من المدرسة. إما لأن المناهج تعتمد على الحشو والتلقين ، أو لأن طريقة التدريس لا تهتم بتنمية هذه المهارات العليا لدى الطلاب. إن محصلة اختبار القدرات تعتمد على شقين : معلومات ومعارف أساسية لدى الطالب ، والآخر طريقة تفكير تعتمد على المهارات العليا ، من التحليل والربط وحل المشكلات ، والتي لا يحتاجها الطالب في المدرسة فقط ، بل في كل مناحي الحياة. هناك زوبعة هائلة تدور حول اختبار القدرات منها أن أسئلته تعجيزية وبعضها خنفشاري ، وأنه ابتكر للحد من دخول الطلبة والطالبات للجامعات ، أو حتى للحد من الوظائف والتعيين ، وأن هدفه مادي بحت ، لزيادة أرباح مركز قياس. ولكن الواقع ينفي كل ذلك. فالطالب أو الطالبة خلال مرحلتيه في الصف الثاني والثالث ، أتيحت له فرصة الدخول للاختبار أربع مرات ، واختيار النتيجة الأفضل له ، ويشاع أن هناك مرة خامسة وسادسة في الطريق لاعتمادها. ومن الذي سيخفق بعد أربع فرص ، ولا يخرج بنتيجة جيدة تضمن له مقعدا في الجامعة ؟ وقبل ذلك وربما هو الأهم ، أن هذا الاختبار يكشف له مدى قدراته العقلية والدراسية ، بعيدا عن الحشو والحفظ العقيم ، حتى يكون على بصيرة من مستواه الحقيقي ، ليأخذ هذا في الحسبان في قادم أيامه الدراسية. أو بمعنى آخر هو اختبار نفسي واختبار للشخصية ، قبل أن يكون دراسيا تعليميا. أما الرسوم المأخوذة فبحسب تصريح مدير المركز لا تعدو أن تكون قيمة رمزية لتكلفة إعداد الاختبارات ، التي يتولاها خبراء متخصصون في هذا المجال. وفي ظني أنه بما أن مركز قياس مستقل عن وزارة التربية ، الأولى أن تسدد الوزارة هذه الرسوم نيابة عن طلابها وطالباتها ، بما أنها ألزمتهم بهذا الاختبار. ليثق كل طالب وطالبة سيدخل الاختبار خلال الأيام القادمة ، أن القدرات ليست تعجيزا ، وليس الحصول على نتيجة عالية بها أمرا محالا. بدليل ألوف الطلبة والطالبات الذين يحصلون على نتائج مرتفعة ، والتي عمد المركز في سنتيه الماضيتين إلى تكريمهم على مستوى المملكة هو ووزارة التربية. ومن أهم ايجابياته أنه نبه الوزارة إلى مدى الخلل في سياساتها التعليمية ، فيما يخص المناهج وطرق التدريس تحديدا ، وهي التي بدورها بدأت تعاونا ملحوظا مع المركز فيما يخص النهض بمستوى أداء طلبتها وطالباتها. هذا التعاون وهذه العمل الذي تمثل في برامج مكثفة تقيمها المدارس الآن ، تتعلق بالتعريف باختبار القدرات والقياس، والتدريب على أساليبها ، إضافة إلى العمل الأساسي من تحديث طرق التدريس وتوجيهها نحو تنمية المهارات العليا ، التي يقيسها بشكل جوهري اختبار القدرات. وفيما بعد أتوقع أن تثمر هذه الجهود مواد دراسية أساسية تحت مسمى اختبارات القدرات والقياس. أخيرا ، لطلبتنا وطلابنا أقول : اختبارات القياس والقدرات نظام عالمي ، ليس وحشا ولا فزاعة ، وهو شبح وهمي ، إن استعدينا له بشجاعة سيتلاشى. رحمة العتيبي رابط الخبر بصحيفة الوئام: وحش القدرات