هل حدث أن قابلت شخصا مفكرا أو عظيما أو ناجحا أو عبقريا ، ثم أفرد لك من وقته وحدثك بأجمل قصص حياته وأهدي إليك أجمل خبراته ونفحك أرق كلماته … ذلك هو الكتاب ..! الكتاب خلاصة خبرة الإنسان وعصارة فكره ، والكتابة والتأليف هي ذروة عبقرية الفكر الإنساني. الكتاب جسد جميل ، والقراءة روحه الندية. القراءة تختصر لك حيوات وسنوات كل من تقرأ له ، وتضيف عمرا إلى عمرك وحياة إلى حياتك. وهي العادة التي تعيد تشكيل تفكيرنا ، ونجد معها الطريق إلى ذواتنا. والكتاب ليس إيقونة يُحتفظ بها ، بل هو كائن حي ، دوره في الوجود أن يُقرأ ويُقرأ . الكتاب بالقراءة يحيا ، وكلما تُدوول كلما ازداد حياة . ولمن تغص مكتباتهم بمئات أو ألوف الكتب الصامتة ، أقول لا معنى لكتبكم بلا أعين تقبلها ولا أيد تصافحها . عرس الكتاب أن يُقرا ويُقرأ ، وأن يُدار على أكبر عدد ممكن من أرواح البشر وأفكارهم. من يعرف جهد الكتابة والتأليف ، وضنى إخراج كتاب إلى الوجود ، لا يملك إلا أن يرفع القبعة لكل مؤلف ، وأن يقف احتراما أمام كل كتاب ، وان يحتضن كل أضابير الأوراق التي تضمها دفتي كتاب. الكتاب يمر برحلة مخاض عسير بطلها المؤلف ، وجميع الكُتّاب المشاهير وغير المشاهير مروا بذات المرحلة. الذين يكرهون القراءة أو يتجاهلونها أو حتى هجروها ، مصابون بخسارة كبرى. وهي فَقدُ أن تنمو معرفيا وفكريا مع كل كتاب تقرؤوه. مع كل كتاب ينمو العقل بشكل صريح. وقد ثبت علميا أن القارئين نادرا ما تصيبهم آفة العقل المدمرة : الزهايمر. فمع قراءة كل كتاب تزداد الترابطات العصبية أو ” العصبونات ” بين خلايا الدماغ ، والتي تعتمد جودة العقل وقوة التفكير والذاكرة ، على مدى وفرتها ومتانتها . القرءاة تنفي البلادة الذهنية ، فلا يوجد قاريء واحد غبي في العالم ! وبالنسبة للأطفال فأجزم أننا لو رسخنا عادة القراءة في نفوس أبنائنا منذ الصغر ، لتولت القراءة بناء شخصيتهم وتهذيب طبائعهم ، ولأعانتنا كثيرا في تربيتهم ، وفيما بعد ستفتح آفاقهم وتوسع مداركهم ، ليجدوا فرصتهم في الحياة و يشقوا طريقهم بكل نجاح. ومما يساعد على حب القراءة ، هو التشارك في قرءاه كتاب . ومن ذلك ما يعرف بنوادي القراءة أو مجموعات القراءة التي انتشرت كثقافة عالمية ، ووصلت لدينا وإن كان على ندرة. متعة تشارك قراءة كتاب ، ثم عقد جلسة حوار ونقاش جماعية حوله ، متعة لا تعادلها متعة ، وهي تضاعف لذة القراءة وفائدتها معا . وما أحوجنا أن نقارب بين أرواحنا ، في اجتماعاتنا وتجمعاتنا ، مع أقاربنا وأصدقائنا ، ويكون نسبنا المشترك هو كتاب. اقرؤوا واقرؤوا عيشوا حيوات القراءة بكل زخمها ، ولجوا عوالم المعرفة بكل أطيافها الباهية. اهدوا وشجعوا على إن تتحول هدايانا لكتب ، لتزاحم العطور والملابس والساعات الفاخرة. الكتاب ليس ترفا بل ضرورة ، والقراءة ليست هواية بل احتياجا . والكتاب هو أجدر من تقام له المعارض ، وأهم من تعقد له المهرجانات . وما أجمل أن نشتري الكتب والأجمل أن نقرأها..! لا عذر لنا أن ننشغل بالمهم عن الأهم ، وأقبح منه أن ننشغل بالتافه عن المهم . لدينا إن أردنا كل الوقت لنقرأ ، وإذا لم نرد فليس لدينا ..! القراءة هي رحلة استجمام العقل من توترات الحياة ، وهي مناسبة لتنظيف أدمغتنا من لوثات القلق. القراءة هي الصحة والغذاء والماء والهواء لأنفسنا وعقولنا. إنها عادة الناجحين وشغف العظماء . القراءة تجعلنا أفضل وأجمل وأكمل… وهي جنة القارئين ، التي حين يدخلونها لا يخرجون منها إلا مكرهين. أختم بهذه المقولة لعاشق قراءة ٍ ” مجهول ” : ( القراءة نجمي الذي أتبعه وضوؤه يقودوني ، وأنا في ركبه أسير وأحيا ، وأكون مالم أكنه من قبل ، بالقراءة أتغير وأعرفني..). رحمة العتيبي رابط الخبر بصحيفة الوئام: أجمل اختراع في تاريخ البشرية