تقفز ثنائية الجزيرة والعربية في خضم أحداث مصر إلى واجهة المواضيع التي يجري تداولها على هامش التظاهرات التي يشهدها ميدان التحرير وسط القاهرة . ولكون العربية والجزيرة الأكثر حضوراً في ذهنية المشاهد العربي فقد جاء حديث مدير قناة العربية عبدالرحمن الراشد الذي أجراه الزميل حسن مصطفى ليزيد جدلية ” العربية والجزيرة ” سخونة في شبكة الانترنت وبالذات المواقع الاجتماعية ، حيث حظيت عبارات الراشد بالاهتمام والتأييد من أطرف والمعارضة من أطراف ترى أن الجزيرة هي الحاضر الأكبر في ثورة الغضب المصري . الراشد قال معلقاً على مايثار عن تغطية قناة العربية على أحداث مصر أن قناته ” غير تعبوية وليس وظيفتها وضع الموسيقى العسكرية أو الحزينة للمشاهد ” نافياً أن تكون القناة قد اتخذت موقفاً مع أو ضد مبارك . كما كشف عن أن القناة « تحظى بانتشار ومشاهدة واسعة في مصر و هنالك مشاهدة غير مسبوقة للقناة في مصر، وبشكل لم يحدث من قبل في تاريخ المحطة« وهو خلاف ماتروج له وسائل إعلام ترى أن العربية فقدت حضورها في الشارع المصري» . وبشأن التحذيرات التي أطلقها كتاب الانترنت عبر « تويتر » من متابعة القنوات الكاذبة ومن بينها « العربية ، والقنوات المصرية الرسمية » اعتبر الراشد « أن التعبوية في الأداء لا يمكن أن تنسجم مع الموضوعية والمهنية، لأنها تفقد الخبر كثيرا من صدقيته، وتوجهه وفق ميول سياسية وفكرية محددة ومسبقة.» حديث الراشد الذي نشرته مدونة ” حسن توك ” يأتي بعد حملات شنّها نشطاء على الانترنت ضد قناة العربية لعدم مجاراتها للشارع المصري والتعاطف معه في تظاهرته لإسقاط النظام على خلاف ماقامت به الجزيرة من دعم للتظاهرة وتعاطف معها بشكل أوحى للمتابع أنها تسعى لإسقاط النظام بتعبئة الشارع المصري والعربي ضده. حيث يصف أحد الناشطين ماتقوم به العربية بأنه محاولة « إضفاء الشرعية على النظام الفاسد « فيما وصفها آخر بأنها تريد أن تخدم مصالح أطراف تتعارض مع مصلحة الشعب المصري ». وهو الأمر الذي لايعيره الراشد اهتماماً حيث يرى أن ما يهم هو «تقديم الخبر بموضوعية وحيادية، دون أن نتحول لقناة تعبوية، ودون أن نكون كذلك قناة تمتدح أو تلمع الأنظمة، كما يتهمنا خصومنا». مشيراً إلى أن المعارضة المصرية كان لها نصيب في الحضور على شاشة العربية « لو تابعت الأخبار، والعناوين، والعواجل، ستجد المعارضة المصرية حاضرة فيها، فنحن ننقل ما يحدث في الميدان، دون أن نميل للمعارضة أو الحكومة، لأن الواجب المهني يحتم علينا أن نقول للناس أن هذا هو ما يحصل، والناس تاليا تقرر طبيعة الخدمة التي تتابعها». إما عن علاقة “العربية” مع الحكومة المصرية؟ يقول الراشد « ليس هنالك أي تنسيق بيننا وبين الحكومة المصرية”، مبينا أن طاقم القناة ومراسليها في القاهرة تعرض لمضايقات أعاقت عمله “في العادة تكون المضايقات من قبل وزارة الداخلية، ولكن هذه المرة تعرضنا لمضايقات متزايدة من وزارة الإعلام، والتي كانت سيئة مع الجميع«. من جهته يعلق الزميل حسن المصطفى في حديث للوئام على ثنائية الجزيرة والعربية فيقول « كان للقنوات الإخبارية، وتحديدا قناتي “الجزيرة” و”العربية”، دور كبير في نقل المشهد الحاصل على الساحة المصرية، التي تسارعت وتيرة “ثورتها” الشبابية، الأمر الذي صيرهما أشبه بمرجعين أساسين، لمعرفة تفاصيل ومجريات ما يحدث. “الجزيرة” كانت أقرب لنبض الشارع، وحراك الجمهور في ميدان “التحرير” وسط القاهرة، مما جعلها تنال نصيبا من النقد، أقل من ذلك الذي نالته منافستها “العربية”، والتي وجه لها كثير من الناشطين الإلكترونيين والمتابعين، انتقادات عدة، متهمين إياها بالانحياز لصالح “النظام المصري”، ضد “إرادة الشعب”، وهو النقد الذي ازدادت وتيرته مع تسارع الأحداث ساعة بعد أخرى. بالنسبة لي، كان المشهد مختلفا، لأن هنالك قيم مهنية وعلمية يجب توفرها، لذلك لم أعر سمعي لفضائية بعينها، بل كنت أنوع مروحة مشاهداتي، متنقلا بين: الجزيرة، والعربية، وفرنسا 24، وبي بي سي العربية، وقبل كل ذلك، متابعة الأخبار على “تويتر”، و”يوتيوب” ووكالات الأنباء العالمية، للتأكد من صدقية ما يرد من أنباء. وعن اللقاء الذي أجراه مع الراشد وتساؤلات التي نقلها له قال ” الحوار مع الأستاذ عبد الرحمن الراشد، والذي نشرته في مدونتي “حسن توك” تأتي أهميته من أكثر من جهة، فهو قبل كل شيء صحافي ومحلل سياسي له قراءته للأحداث، وهو يدير قناة لها حضورها في المشهد الإعلامي العربي، ومن خلال ما يكتب أو يقول، وعبر ما تعرض “العربية” يمكن أيضا تلمس مسار التطورات من خلال الطريقة التي يعرض بها الأخبار، وهي طريقة مهمة لفهم جزء من المشهد، وليس المشهد كاملا، لأن الصورة الكاملة لا يمكن أن ترتسم إلا عبر متابعة دقيقة لعدد كبير من أقنية الإعلامين الكلاسيكي والجديد. حواري مع الراشد لم يكن على شاكلة الحوارات الساخنة، أو السجال الصحافي، وإنما تم دون تدخل مني، وبحيادية تامة، عرضت فيه وجهة نظره، وتفسيره لطريقة أداء “العربية”، محاولا فيه قدر الإمكان أن أكون بعيدا عن إبداء الرأي، أو فرض وجهة نظري، لأن ما عملته هو حوار صحافي، وليس مقال رأي، أو تحليل سياسي» .